الدورة الرابعة والعشرون من مهرجان سينما بلدان البحر الأبيض المتوسط بتطوان تكرم الفنانة الإسبانية لويزا غافاسا والمغربية منى فتو

من قاعة سينما إسبانيول التاريخية، وكما جرت العادة منذ سنوات، انطلقت مساء السبت بمدينة تطوان الدورة الرابعة والعشرون لمهرجان سينما بلدان البحر الأبيض المتوسط.
وقد تميزت أمسية الافتتاح التي حضرها سينمائيون مغاربة ومتوسطيون وممثلون عن مختلف المنابر الاعلامية الوطنية إضافة إلى شخصيات رسمية وثقافية، بتكريم النجمة الإسبانية لويزا غافاسا، صاحبة التجربة الطويلة والغنية التي تعاونت خلالها مع العديد من كبار المخرجين.
كما تم أيضا خلال حفل الافتتاح، تكريم الفنانة المغربية منى فتو عن مجمل أعمالها السينمائية، حيث تألقت في العديد من الأدوار التي نالت استحسان الجمهور المغربي، رفقة العديد من المخرجين المغاربة الكبار من أمثال محمد عبد الرحمن التازي وسعد الشرايبي وعبد القادر لقطع وغيرهم، وصولا إلى آخر مشاركة لها في الفيلم الفرنسي “الإبحار بعيدا”، للمخرج غايل موريل والذي تم عرضه بالمناسبة في حفل افتتاح المهرجان.
و يحتفل المهرجان هذه الدورة بمرور ثلاث ثلاثين سنة، على تأسيسه، فمنذ 1985 وهي سنة الانطلاق، مر المهرجان من العديد من المنعطفات وشهد العديد من المحطات التي جعلته الآن واحدا من أهم التظاهرات السينمائية بالمغرب وواحدا من أقدمها، وأكثرها نضجا من خلال هويته المتوسطية المتميزة ومن خلال اشتغاله على تيمات ثقافية متنوعة دورة بعد أخرى، الرابط المشترك بينها، حب السينما من جهة وتكريس الانتماء الى بحيرة المتوسط التي ننتمي اليها جغرافيا كقطعة من الأرض حملت شعوبها مشعل الحضارة والتنوير منذ عهود التاريخ الغابرة.


وفي كلمته الافتتاحية، قال مدير مؤسسة المهرجان، أحمد حسني، “أن هذه الدورة، التي تتميز ببرنامج غني ومتنوع، تمثل تحولا كبيرا في تاريخ المهرجان على مستوى تنظيمه وإدارته، مبرزا أن هذا المهرجان يشكل تجسيدا للإرادة المطلقة للمثقفين والسينمائيين المغاربة لخلق تظاهرة للفن للسابع تحتفي بزخم وعظمة الهوية المتوسطية.
وأضاف أن هذه الدورة “تحتفي بالنساء حيث أن معظم الأفلام المشاركة تعالج مشكل المرأة، ويتشرف المهرجان أيضا بتكريم أربع فنانات”.
وجرى بمناسبة الافتتاح تقديم لجنة تحكيم الفيلم الطويل التي تتكون من كل من المخرج والفنان التونسي ناصر خمير إلى جانب السينمائية الأمريكية أليسا سيمون، الخبيرة السينمائية المتخصصة في البرمجة والتوثيق وحفظ الأفلام، والمخرج المغربي حسن بنجلون، والكاتبة والمخرجة الفرنسية دومينيك باروش، والممثلة الإسبانية آنا توربان.
كما تم تقديم أعضاء لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي برئاسة المخرج العراقي قيس الزبيدي، وتضم أيضا الكاتبة والناشرة المغربية نادية السالمي، والكاتب والسينمائي الفرنسي آدم بيانكو، والباحث والسينمائي الإسباني خوان كارلوس بادرون.
ولجنة النقد التي يرأسها الناقد المغربي خليل الدامون وتضم في عضويتها كلا من الإعلامية صباح بنداود والكاتب والصحافي لحسن لعسيبي.
ويظل مهرجان تطوان وفيا لاختياراته كتظاهرة تجمع بين متعة الفرجة السينمائية وبين مغامرة السؤال المعرفي، حول علاقة الفن السابع بالعديد من التفاعلات الاجتماعية، الثقافية والسياسية وتقترح مؤسسة المهرجان، هذه السنة، موضوع (السينما والحريات) محورا للندوة الكبرى بهدف تطارح الأفكار وتبادل الآراء من خلال نقاش جاد حول موضوع شائك، كالعلاقة بين حرية الإبداع ومختلف السلطات، السياسية والدينية والأخلاقية والفنية.
يشارك في الندوة الناقد السينمائي والروائي الإسباني خوان مدريد والباحث الأكاديمي الفرنسي أوليفيه كيرا والروائية المصرية منى الشيمي وعالم الاجتماع المغربي محمد الناجي.
ويتضمن البرنامج الثقافي للمهرجان أيضا مائدة مستديرة تحت عنوان (تحديات السينما المغربية من الإنتاج إلى الترويج) يشارك فيها المخرج محمد الشريف الطريبق والناقد السينمائي بوشتي فرقزيد والمخرجة إيمان المصباحي وموزع الأفلام نجيب بنكيران وكاتب السيناريو خالد الزيري.
ويخصص المهرجان محاضرة للناقد السينمائي الفرنسي فرانسيس بوردا بعنوان (شابلن السينمائي“ يتحدث فيها عن الممثل والمخرج الإنجليزي شارلي شابلن وصراعاته من أجل الحرية في مساره السينمائي.
يتنافس في الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، 20 فيلما، حيث تضم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، 12 فيلماً من المغرب وتونس والجزائر ومصر وفلسطين ولبنان وإسبانيا وفرنسا واليونان وصربيا ورومانيا.
أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتضم ثمانية أفلام من المغرب ولبنان وسورية وفلسطين وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا. وينافس المغرب في المسابقة بفيلم «منزل في الحقول» للمخرجة تالا حديد.
وخارج المسابقة، يعرض المهرجان لضيوفه عددا من الأفلام المختارة، ضمن برنامج «عروض خاصة» منها التونسي «على كف عفريت» للمخرجة كوثر بن هنية و«بورناوت» للمخرج نور الدين لخماري والفرنسي «جريمة الملائكة» للمخرجة بانيا مدغار.
وفي فقرة «استعادة… من ضفة متوسطية إلى أخرى» التي تقدم بشراكة مع المعهد الفرنسي بتطوان، يعرض المهرجان خمسة أفلام من سويسرا وفرنسا وفلسطين، كما يولي المهرجان عناية خاصة بالأطفال، وتعدهم هذه الدورة ببرنامج خاص يضم ستة أفلام تُعرض في «سينما إسبانيول» سوف نعود للحديث اليه بتفصيل في مراسلة قادمة.

***

لويزا غافاسا

سطع نجم لويزا غافاسا فوق خشبة المسرح في مدينتها سرقسطة، منذ فترة السبعينيات، قبل أن تنتقل إلى برشلونة، حيث شاركت في مسرحيات شهيرة، مثل “دورة الموت في سنيرا”، لسالفادور إسبريو، و”فاوست” لغوته. وفي سنة 1976، انتقلت إلى مدريد، لتتألق مع ميغيل ناروس وأدولفو مارسلاش فوق مسارح العاصمة. كما شاركت لويزا غافاسا في مسلسلات تلفزيونية كثيرة، وفي مقدمتها “رامون وكاخال”، وفي مسلسل “صيدلية الحراسة”، و”الكانغورو” و”إخوان في الرضاعة”، و”الأمير اللعين” و”الحب في أزمنة مرة”، و”القضية” و”فتيات الكابل”…
استهلت لويزا غافاسا مشوارها السينمائي بفيلم “السيدة الكاملة” لسيزار أردافين، كما عملت مع ألمودوفار وميغيل بيكازو وخوسي ماريا فوكي وفيليبي فيكا وخافيير بالاغير وخوان فيسنطي كوردوبا وسالفادور غارسيا رويز ومخرجين آخرين. وفي سنة 2010، شاركت في فيلم “من نافذتك إلى نافذتي”، لباولا أورتيز ألفاريز. كما اشتغلت معها في فيلم “الخطيبة” سنة 2014، ونالت عدة جوائز عن بطولتها في هذا الفيلم، لتصبح أول ممثلة إسبانية تحصل على أربع جوائز كبرى في سنة واحدة، ويتعلق الأمر بجائزة مهرجان فيروس، وجائزة دائرة الكتاب السينمائيين، وجائزة سيمون التي تمنحها أكاديمية السينما بأراغون، وجائزة أحسن أداء نسائي في المهرجان الدولي للإسكندرية. وقد حظيت لويزا غافاسا بتكريم خاص في مدينتها أراغون، التي منحتها لقب “الابنة الأثيرة” سنة 2014، كما حلت ضيفة شرف على “حفلات بيلار” سنة 2016.

***

منى فتو

تألقت النجمة المغربية منى فتو فوق خشبة المسرح، حين استهلت مسارها الفني الزاخر ممثلة مسرحية في “ورشة المسرح الاحترافي” التابعة لمسرح محمد الخامس بالرباط. بل إن موهبة منى فتو في المسرح والتمثيل قد ظهرت بشكل مبكر منذ أن كانت تلميذة في المدرسة، حين تألقت في مهرجان مسرح الأطفال.
ومع المخرج المغربي عبد القادر لقطع، سطع نجم منى فتو في بداية التسعينيات، بفيلم “حب في الدار البيضاء”، سنة 1991 قبل أن تتألق في الجزء الثاني من رائعة محمد عبد الرحمن التازي “البحث عن زوج امرأتي”، سنة 1997. وفي هذه السنة، شاركت في بطولة ثلاثة أفلام أخرى، في “نساء ونساء” و”هناك حقيقة بسيطة” و”عبروا في صمت”.
وفي سنة 2001، أدت دور البطولة في فيلم “عطش”، ثم فيلم “والآن سيداتي سادتي”، مثلما تألقت في فيلم “رأيتهم يقتلون بنبركة”، سنة 2005، و”أبواب الجنة” سنة 2006، و”طريق العيالات” سنة 2007، وفيلم “رحيمو”، في السنة نفسها، قبل أن يحول إلى عمل تلفزيوني. كما لمع اسم منى فتو في مسلسل “جنان الكرمة” سنة 2002، وفي مسلسل “بنات رحمة”، سنة 2010، وفي سلسلة “ياك احنا جيران”، ما بين 2010 و2012.

***

ناصر خمير

ناصر خمير مخرج سينمائي تونسي ذو خصوصية فرضت نفسها في الساحة السينمائية العربية، تستهدف عقل المشاهد بلغة سينمائية جديدة، وتفتح الكثير من الأسئلة وعلامات الدهشة في عقل وروح المتلقي.
فمنذ أول أفلامه «الهائمون» انطلقت لغته السينمائية من ينابيع الحضارة الإسلامية والعربية متشبعة بفضاء الصحراء الشاسع، حيث يتراءى الإنسان كمجرد نقطة صغيرة، يؤرجحها الأمل على حافة تلتقي فيها الحياة والموت، الضياع والوجود.
امتزجت فراغات الصحراء بفراغات الوجود الإنساني في أفلام خمير ومزجت لغته السينمائية التراثية بين الواقعي والأسطوري والفانتازي والراهن، كما صنع حالة سينمائية خاصة، تشي بفنان شامل.
كتب محمد ناصر خمير في الأدب مثلما كتب أعمال سيناريو، بقدر ما أبدع في التشكيل والنحت والشعر والخط العربي. لذلك فهو مخرج ومبدع جامع. من مؤلفاته “شهرزاد” و”الغيم العاشق”، و”ساحرة العباقرة” و”أبجدية الرمال”، و”حكاية القصابين”…
وفي سنة 1975 أخرج فيلمه الأول “حكاية بلاد ملك ربي”، وبعدها أخرج فيلمه الشهير “الهائمون في الصحراء”، ثم “طوق الحمامة المفقود” سنة 1989، والفيلم القصير “البحث عن ألف ليلة وليلة”، و”بابا عزيز” سنة 2005، و”البحث عن الشيخ محي الدين” سنة 2013، وأعمال أخرى، وصولا إلى فيلم “همس الرمال” السنة الماضية. وقد توجت أفلامه بالعديد من الجوائز في مهرجانات عربية وأوروبية كبرى، ومنها مهرجان نانت ومهرجان سان مارتان بفرنسا ومهرجان فالنسيا في إسبانيا، ومهرجان لوكارنو في سويسرا، ومهرجان فجر في إيران، ومهرجان برشلونة السينمائي…

> تطوان: سعيد الحبشي

Top