الإصلاح السياسي

لفت الوزير الأول  في جوابه على مناقشات البرلمانيين للتصريح الحكومي النصفي، إلى أن استحضار الرهانات الحقيقية لبناء مغرب قوي متماسك ومتضامن، يفرض الانكباب على مستلزمات المرحلة المقبلة والتحلي بالمسؤولية، والتعبئة للحفاظ على المكتسبات الديمقراطية والانخراط في نفس الوقت في ورش الإصلاح السياسي. ومنذ فترة، كانت أحزاب الكتلة الديمقراطية هي الأخرى  قد أعلنت انكبابها على إعداد  تصور مشترك للإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وكان الاتحاد الاشتراكي قد أجرى لقاءات مع أحزاب مختلفة حول الموضوع، كما أن حزب التقدم والاشتراكية وضع لمؤتمره الوطني الثامن، الذي سينطلق غدا الجمعة ببوزنيقة، شعارا مركزيا هو: “جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية”، إدراكا منه أن التعاقد السياسي الجديد الذي يطالب به ينبني على ضرورة التفاف المكونات الحية للأمة على جيل جديد من الإصلاحات يشمل المستويات الدستورية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ويضمن مضي المغرب قدما نحو مجتمع الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية، ويساهم في إعطاء مزيد من النجاعة والفعالية لمؤسساتنا الدستورية.
الأصالة والمعاصرة، هو الآخر، أعلن أخيرا انكباب قيادته على ملف الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، وصار من الواضح  وجود اتفاق واسع وسط الطبقة السياسية المغربية على فتح ملف الإصلاحات السياسية، حتى أن الوزير الأول أعلن عن عزم الحكومة فتح استشارات مع الأحزاب من أجل ذلك، في أفق انتخابات 2012، بغاية تعزيز الصرح الديمقراطي وتقوية المؤسسات، وتخليق المشهد السياسي والشأن الانتخابي..
اللافت أيضا، أن الأمر يتعلق  بإصلاحات تهم القوانين الانتخابية ونمط الاقتراع وقانون الأحزاب، ويعتبر ذلك ورش مهم، ولا يخلو من راهنية  بالنظر إلى ما ميز الانتخابات السابقة من اختلالات، وبالنظر إلى الضعف الواضح في حقلنا السياسي والانتخابي، كما أن مباشرة هذا الورش من الآن يبقى أيضا مسألة مهمة، كون ذلك لا يتم تحت ضغط وإكراه أي استحقاق قريب.
إن إصلاح وتطوير ودمقرطة القوانين الانتخابية، يمثل ركنا جوهريا في الإصلاح السياسي المنشود، وهو يروم إرساء قواعد نظام تمثيلي أكثر مصداقية ونجاعة، وأكثر ضمانا للتعددية ولتمثيلية حقيقية للقوى السياسية الفاعلة، ولولوج الكفاءات الحقيقية في البلاد للمؤسسات التمثيلية محليا ووطنيا، ويكون أكثر قدرة على تخليق العمليات الانتخابية.
المغرب اليوم يخوض عملا تحضيريا ضخما يتعلق بالجهوية ويعنى بعلاقة الدولة بكافة الوحدات الترابية، ويشهد تحولات هامة ودينامية تتطلع إلى ترسيخ قيم الديمقراطية والحداثة، وفي هذا الإطار يجب أن ينتظم أي إصلاح سياسي ومؤسساتي حقيقي، كما أنه لن ينجح إلا بالحرص على تقوية الأحزاب وتحديث أساليب عملها، وحماية مصداقيتها واستقلاليتها.

Top