وجهت (الجمعية المغربية لحقوق المشاهد) رسالة مفتوحة إلى رئيس مجلس إدارة شبكة (الجزيرة)، عبرت فيها عن الامتعاض الشديد من (تمادي قناة الجزيرة الفضائية في معاداة المغرب ووحدته الترابية…). وتأتي الرسالة وسط تزايد موجة الانتقاد للقناة القطرية في مختلف الصحف المغربية، ومن طرف العديد من الفاعلين في الحقلين السياسي والإعلامي.
بداية، لابد من التذكير أن (الاستثناء المغربي) في المنطقة العربية، على صعيد الانفتاح والحرية، هو الذي أتاح لقناة الجزيرة وغيرها العمل فوق تراب المملكة، وأيضا بث نشرة مغاربية انطلاقا من مكتبها الرباطي، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه آنذاك مع البلدان المغاربية الأخرى، وأيضا مع اسبانيا، وهو (الاستثناء) نفسه، الذي جعل المغرب يتعاطى مع طلب القناة بكثير من الثقة في النفس.
ثانيا، عندما تراكمت أخطاء القناة ومكتبها المحلي تجاه المغرب، وجرى وقف بث النشرة المغاربية من الرباط، وكل ما تلا ذلك من أحداث، كان الخاسر الحقيقي هو القناة نفسها التي غاب الذكاء عن مسؤوليها للحفاظ على نقطة ارتكاز إستراتيجية كانت ستمكن القناة من مزيد انتشار في الفضاء ين المتوسطي والإفريقي.
ثالثا، إن اتفاق الكثيرين اليوم على انتقاد الجزيرة يبقى أمرا جيدا، ولو أن بعضهم كانوا إلى زمن قريب من الراكضين خلفها والمتمسحين على عتبة باب مكتبها في الرباط، لكن المطلوب اليوم بلورة الحلول والتصورات للمستقبل، أما المطالبة بأن يتعبأ بلد مثل المغرب لمعاداة قناة تلفزيونية، مهما كانت شهرتها أو هوية مالكيها، فهذا أمر يبدو سخيفا في زمننا التكنولوجي هذا .
إن قناة (الجزيرة) التي يعرف الكل أن بداخلها (شيع وقبائل)، تحيا مشاكل في العديد من مكاتبها عبر العالم، خصوصا منذ تغيير مجلس إدارتها والعديد من كبار مسؤوليها، وكل هذا يجعل المطلوب اليوم تفاوضا سياسيا حقيقيا يقوم على قاعدة قانونية وعلى أهداف مغربية واضحة.
ولإنجاح مثل هذا المسعى، من الضروري تحديد الجهة الرسمية المغربية المفروض أن تتولاه من بدايته إلى نهايته، وذلك لتكون المحاور المسؤول، إن مع القناة القطرية أو مع غيرها، أما تعدد (الفهايمية) وعارضي النصائح السخيفة في أكثر من جهة، فإن ذلك يجعل البلاد كلها تدور في نقاشات فارغة، وقد تصل إلى قرارات وردود فعل غير مفهومة وغير مجدية، كما أنه مطروح اليوم تطوير منظومتنا القانونية والتنظيمية مع الصحافة الأجنبية المعتمدة في بلادنا، وذلك بما يحمي المكاسب الديمقراطية لبلادنا.