تتواصل احتجاجات شباب وساكنة مليلية المحتلة، وترد قوات أمن الاحتلال الإسباني بمزيد من القمع والضرب والتنكيل…
الصورة تقدم للعالم وجه إسبانيا الأخرى، إسبانيا المستعمرة، إسبانيا الرجعية… إسبانيا القديمة… المنتفضون في مليلية هم سكان المدينة الأصليون، والذين يقمعونهم هم عناصر قوات محتلة، تنتمي لبلد لم يرد بعد أن يقتنع أن عهد الاستعمار ولى، وأن العيش في عالم اليوم كبلد ديمقراطي متحضر، وفي نفس الوقت التشبث بالعقلية الاستعمارية هما أمران لا يلتقيان بتاتا، وأن المطلوب اليوم الإقدام بكل شجاعة على إعلان الانسحاب من مليلية وأيضا من سبتة والجزر المغربية الأخرى، وبالتالي تصفية الاستعمار الإسباني من هذه الأراضي المغربية.
وإن ما يجري يكشف أيضا عن عقلية عبثية وسط الطبقة السياسية الإسبانية، فاليمين الحاكم في الثغر المحتل يحمل مسؤولية بطالة الشباب المغربي هناك للحكومة المركزية بزعامة الحزب الاشتراكي، وينسى أنه نفسه ترأس حكومة مدريد لسنوات ولم يفعل شيئا، وهو اليوم يقود ضغطا لا تخفى حساباته الانتخابوية البئيسة.
ومن جهة ثانية، فقد استطاعت انتفاضة أبناء مليلية كذلك أن تفضح طبيعة الأجهزة الأمنية الإسبانية وتعري على ممارساتها الرجعية المتخلفة، وكان كثير من المحللين والكتاب، في مناسبات مختلفة، قد أثبتوا أن هذه الأجهزة، وخصوصا الحرس المدني الإسباني، لا تتقيد غالبا بأية قوانين، ولم تصل إلى أسماع قادتها أية أخبار عن حقوق الإنسان، وبالتالي فهذه الأجهزة صارت تقود البلد كله إلى … الخلف، أي إلى زمن الفكر التوسعي الاستعماري.
وأمام كل هذا، نجد الإعلام الإسباني المهني جدا والموضوعي جدا، والمجبول على إعطاء الدروس للمغرب في كل مرة وحين، نجده وقد أصابه الخرس اليوم.
عندما تتحرك وفود صحفية إسبانية في اتجاه العيون أو باقي أقاليمنا الصحراوية، وتصر على ألا ترى في احتجاجات اجتماعية إلا كونها تظاهرة لها مطالب انفصالية وطبيعة سياسية، فإنها في احتجاجات مليلية، لا تقبل استحضار المنطلق الجوهري فيما يحصل، لأن ذلك سيضع بلدها وحكومته أمام الحقيقة، وهي أن إسبانيا تعيش في القرن الواحد والعشرين بعقلية استعمارية ماضوية.
وعندما يتعرض صحفي إسباني لأبسط مشكلة مع السلطات المغربية، تتحرك كل إسبانيا للتنديد والضغط، ولكن عندما يتم منع صحفيين مغاربة من الدخول إلى مليلية أو سبتة، وعندما تتعرض صحفية مغربية للإهانة والتضييق في مليلية، فإن جيراننا يخرسون.
هي خطوط حمراء لا يتجاوزها زملاؤنا هناك، وهي أعراض المرض الذي ينخر إسبانيا اليوم..