عقليات غير قابلة للتطور …

في عز فترة الانتقالات الصيفية الجارية حاليا، تنشط عملية الإعلان عن عقد الصفقات وتسويق قيمة الانتقالات، والأمر سيان خلال الفترة الشتوية.
تبدع الأندية العالمية، تبتكر في الأساليب، تبهر في استغلال التطور التكنولوجي، تقلد أحسن الطرق، وتتفاعل مع المحبين والمتابعين ومختلف المتدخلين، بكثير من السلاسة التي يطبعها السهل الممتنع…
إنه قاسم مشترك بين مختلف الأندية المحترفة، سواء بالدوريات الأوروبية الخمس أو غيرها، تبعتها مؤخرا أندية عربية مصرية وتونسية وسعودية، بل هناك أندية إفريقية ظهرت أخيرا على الساحة، أصبحت هي الأخرى تجتهد، في طريقة تقديم لاعبيها الجدد، كما هو بالنسبة لسيمبا التنزاني…
أما بالنسبة لأنديتنا الوطنية، الغارقة في سبات عميق، فلا حياة لمن تنادي، تعيش تخلفا مركبا، يثير الكثير من السخرية والاشمئزاز إلى حدود الشفقة.
فعندنا يفضل بعض الرؤساء فضاء بيوتهم لتقديم اللاعبين الجدد، سواء بالصالونات أو الحدائق، إلى درجة أن المتتبعين تعرفوا على مختلف جوانب منازل بعض السادة الرؤساء، وحفظوا محتوياتها، بما فيها اللوحات الفنية، وأنواع الحيوانات الأليفة.
وفي قمة مثال على الاستهتار غير المسبوق بالتاريخ، تفضل رئيس ناد مرجعي، غادر مؤخرا منصب المسؤولية، بتقديم لاعب بمنزله وهو حافي القدمين، دون أدنى اعتبار للنادي وقيمته، أو تقدير كونه كان سباقا للهيكلة الإدارية على الصعيد الوطني.
بطبيعة الحال هناك استثناءات قليلة على الصعيد الوطني، كما هو الحال بالنسبة لفريق الفتح الرباطي ونهضة بركان، وبحالات قليلة الجيش الملكي، والاستثناء كما هو معروف يؤكد واقع القاعدة، قاعدة لا تتماشى مع روح العصر، وتحدياته…

أما بالنسبة لفريق الرجاء “العالمي”، فإدارته قدمت مؤخرا تقديما مختلفا عما سبق، كما حدث في استقبال اللاعبين المغربي موباريك والمصري وردة، بينما يكتفي “وداد الأمة” كالعادة، بتقديم جماعي للاعبين الجدد، في حفل تطغى عليه الشكلية، ليس إلا…
المؤكد أن الاستغلال الأمثل لعملية تقديم اللاعبين والمدربين، يساهم في التعريف الأمثل بالنادي، كما يقوي العلاقة مع المحبين، ويمكن من خاصية الانتشار على نحو أفضل، وهذه قيمة لها مكاسب متعددة شعبيا وتسويقيا وماليا، وبالتالي فلابد من الحرص على الاستفادة من عملية انتشار على نطاق واسع، بفعل تطور أساليب التواصل، والسرعة الفائقة التي تتم بها…
أما الرؤساء الذين يبتعدون عن منازلهم، فإن عملية التقديم وإن تمت، فغالبا ما تكون بطريقة جافة، عادية، روتينية، وكأن المناسبة مجرد تمرير رسالة على عجل، وكفى المؤمنين شر القتال…
فكيف يمكن انتظار تطور الأندية الوطنية، في ظل سيطرة عقليات تؤكد التجربة أنها غير قابلة للتطور؟…

محمد الروحلي

Top