مع مصر

هز حادث إرهابي مروع مدينة الإسكندرية بمصر، واستهدف كنيسة القديسين «مار مرقس والأنبا بطرس»، حيث خلف 21 قتيلا و79 مصابا أغلبهم من المسيحيين. المشهد مروع، ودموع الكثيرين سالت عند مشاهدة صور البشاعة عبر مختلف قنوات التلفزيون التي نقلت الأحداث من محيط الكنيسة في منطقة سيدي بشر، وقريبا من المسجد الذي يقابلها في شارع خليل حمادة.
الهمجية استهدفت مصر، والحزن يسود الأمكنة والقلوب…
الشعب المصري، الذي يكافح صباح مساء من أجل عيشه، والقوى الوطنية المصرية التي تناضل من أجل الإصلاح الديمقراطي ولتعزيز مسلسلات التغيير والتنمية، الكل يدرك أنه يخوض معارك سياسية ديمقراطية ضمن السياق التاريخي المصري، وبشروط المرحلة التاريخية في مصر، وبالارتكاز إلى تراكمات شعب مصر وتاريخه، لكن عندما يصل الاستهداف إلى الوطن، والى وحدة الوطن، فان الجميع يسارع إلى الوقوف دفاعا عن …مصر .
لقد أودت جريمة الإسكندرية بحياة مصريين أبرياء كانوا في دار عبادة يؤدون الصلوات ويحتفلون بذكرى دينية، وعادت ذاكرة الكثيرين إلى جرائم مماثلة عانت منها مصر في السنوات الأخيرة، حيث أن جريمة 2009 بسوق خان الخليلي في القاهرة، كانت قد خلفت مقتل فتاة فرنسية وإصابة سياح آخرين، ثم جريمة 2006 في شرم الشيخ، التي بلغ عدد ضحاياها 23 قتيلا، وأزيد من 60 جريحا معظمهم مصريون، وجريمة يوليوز 2005 في شرم الشيخ كذلك، والتي ذهبت بأرواح 88 شخصا غالبيتهم من المصريين…، وكل هذه الجرائم الإرهابية وغيرها، استهدفت مصر كبلد وكمجتمع وكفاعل إقليمي ودولي أساسي في المنطقة الأكثر توترا في العالم.
من جهة ثانية، فإن جريمة الإسكندرية ضربت إحدى نقاط الاعتزاز المصري عبر التاريخ، وهي تعدديتها الدينية، وخصوصا مكونها القبطي، وبذلك فالغاية هي تخويف مسيحيي مصر، كما يجري منذ فترة في العراق، للهروب من وطنهم، وإحداث الوقيعة بينهم وبين المسلمين، وبالتالي إشعال نار الفتنة الدينية في المجتمع، والهاء الدولة والشعب عن الأسئلة الحقيقية التي تتطلب تعبئة كافة الجهود الوطنية لكسب رهاناتها.
وبغض النظر عما إذا كان المدبرون محليين أو من ضمن أطراف خارجية، فإن الهدف واحد، وخطورة التطرف نفسها، والضحية هي مصر.
الموقف يفرض اليوم التضامن مع مصر وشعبها، والتنديد بجريمة الإسكندرية…
الموقف يستوجب اليوم التنبيه إلى كون الجماعات الإرهابية باتت تركز على ضرب الأقليات الدينية داخل البلدان العربية، وإثارة فتن دينية بداخلها، وهوما يهدد الوحدة الوطنية، وأمن الشعوب واستقرارها، ويمثل خطورة أمنية وإستراتيجية وحضارية على بلدان المنطقة، وعلى قيم التسامح والتعايش والسلام.
مصر، حزينة اليوم…
الجميع يجب أن يقف في صف مصر، ضد البشاعة والهمجية.

Top