أزمة طلبة الطب تثير الجدل بالبرلمان..الحكومة “غير مستعدة” والمعارضة تنسحب

تواصل الحكومة وأغلبيتها خلق الجدل داخل المؤسسة التشريعية، بعد أن رفضت من جديد التفاعل مع طلبات التحدث في موضوع طارئ وعام يتعلق بمستجدات امتحانات كليات الطب والصيدلة.
وبررت الحكومة رفضها لطلب التحدث في موضوع امتحانات كليات الطب والصيدلة بكونها “غير مستعدة”، الأمر الذي أثار جدلا واسعا بين النواب في جلسة أول أمس الاثنين بمجلس النواب، حيث انسحبت فرق ومجموعة المعارضة احتجاجا على ما وصفوه بـ “استهتار” الحكومة بالمؤسسة التشريعية، فيما طلب نواب الأغلبية رفع الجلسة للتشاور.
وليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها الجدل داخل مجلس النواب، حيث سبق وأن رفضت الحكومة طلبات المعارضة للتحدث في قضايا مستعجلة، بالإضافة على استمرار تغيب الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، وهو ما دفع المعارضة في أكثر من مناسبة للتلويح بالانسحاب، وكذا الانسحاب في مناسبات مختلفة.
وعقب انسحابها من الجلسة العامة ليوم الاثنين الماضي، أصدرت فرق ومجموعة المعارضة المكونة من فريق التقدم والاشتراكية والفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية-، والفريق الحركي، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بلاغا أوضحت فيه أنها اضطرت للانسحاب من أشغال الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب ليوم الاثنين 08 يوليوز 2024 المخصصة للأسئلة الشفهية، احتجاجا على رفض الحكومة التفاعل مع طلبات التحدث في موضوع طارئ وعام يتعلق بمستجدات امتحانات كليات الطب والصيدلة.
وأكدت فرق ومجموعة المعارضة أن قرارها بالانسحاب من الجلسة أملته مواقفها المبدئية بشأن المكانة التي يجب أن تحظى بها المؤسسة التشريعية وجعلها فضاء للنقاش العمومي البناء والمسؤول بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وذلك في إطار مبدأ التعاون والتوازن المنصوص عليه في الدستور، ووفق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب.
كما أكدت فرق ومجموعة المعارضة على أنها سبق أن تقدمت في مناسبات كثيرة، بطلبات للتحدث في مواضيع عامة وطارئة، رأت المعارضة أهمية وفائدة في تسليط الضوء عليها وإخبار الرأي العام بشأنها. لكنها كانت تواجه برفض مكتب المجلس إحالتها على الحكومة. مشيدة في هذا الصدد بقيام مكتب مجلس النواب بإحالة الطلبات التي تقدمت بها فرق من الأغلبية ومن المعارضة الأسبوع الماضي، وتتعلق بموضوع امتحانات كليات الطب والصيدلة، على أساس برمجتها في نهاية جلسة الأسئلة الشفهية يوم الاثنين 08 يوليوز 2024.
وعبرت فرق ومجموعة المعارضة عن تفاجئها برد الحكومة الذي تلاه رئيس الجلسة، والذي عبرت فيه الحكومة على أنها “غير مستعدة” للتفاعل مع طلبات فرق الأغلبية والمعارضة، إلى جانب تفاجئها بكون وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المعني بطلبات التحدث في موضوع امتحانات كليات الطب والصيدلة، لم يكن على علم ببرمجة هذه الطلبات في جلسة أول أمس الاثنين.
ومرة أخرى، نددت المعارضة باستمرار تغيب الوزراء عن جلسات المسائلة الأسبوعية، مشيرة إلى استمرار ظاهرة غياب الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفوية، حيث حضر أربعة وزراء فقط، وتغيب خمسة آخرون من القطب المبرمج لهذه الجلسة. مجددة في هذا الصدد، رفضها للعبث بالمقتضيات الدستورية وبمقتضيات النظام الداخلي التي تؤطر العلاقة بين البرلمان، وخاصة المعارضة، وبين الحكومة، في مجال الرقابة على وجه التحديد، كما هو عليه الشأن بالنسبة لتطبيق مقتضيات المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب. وتؤكد على ضرورة تمكينها من حقوقها في ممارسة الأدوار السياسية والمؤسساتية المنوطة بها.
ودعت المعارضة الحكومة إلى الانضباط للمقتضيات الدستورية والقانونية، وإلى التعامل مع البرلمان، ومع مكون المعارضة، بما يستلزمه الارتقاء بالخطاب والممارسة السياسيين، وبما يرفع من ثقة المواطنات والمواطنين في البرلمان وفي الحياة السياسية بشكل عام، وبما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين.
كما تؤكد فرق ومجموعة المعارضة، بأنها ستظل محتكمة للمقتضيات الدستورية والقانونية، في ممارستها لأدوارها، لإسماع صوت المواطنات والمواطنين ونقل قضاياهم ومشاكلهم إلى الفضاء المؤسساتي، للتداول بشأنها وتقديم المقترحات الكفيلة بمعالجتها.
وعبرت فرق ومجموعة المعارضة عن رفضها لكل أساليب التهميش والتنقيص والتبخيس التي تلجأ إليها الحكومة للتغطية على عجزها عن الحوار المؤسساتي، وضعفها في مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة.
في نفس السياق، قال رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إن الحكومة تحتقر البرلمان وتستهتر بأدوار المؤسسة التشريعية من خلال رفضها طلب التحدث في أمر طارئ يتعلق بالأزمة التي تعرفها كليات الطب بالمغرب.
وأضاف حموني خلال تدخله في نقطة نظام للمعارضة خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب أول أمس الاثنين إن مكتب مجلس النواب وجه طلبا وضعه النواب من أجل التحدث في موضوع مستعجل وطارئ يتعلق بأزمة كليات الطب لكن الحكومة لم تستجب ولم ترد حتى على الطلب، مشيرا إلى أن ذلك يبين كيف تنظر الحكومة إلى البرلمان وأدواره.
وتسائل حموني عن سر هذا الاحتقار الذي تكنه الحكومة لمجلس النواب وعن الأسباب التي جعلت وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي يرفض الإجابة عن طلب التحدث في موضوع أزمة كليات الطب، مردفا على ذلك بالسؤال “هل ليس له معطيات أم أن الأمر غير مستعجل أم أن الأمر لا يهمه؟”.
وزاد الحموني منبها “اليوم هناك أزمة خطيرة ومشتعلة، ويوم الأحد كان هناك إنزال كبير لطلبة الطب وأسرهم بينما الحكومة غائبة تماما”، منبها إلى أن هذا الأمر خطير للغاية وكشف عن استهتار الحكومة بالبرلمان وبطلبة الطب وبأسرهم، مجددا التنبيه إلى مخاطر مثل هذه السلوكات.

< محمد توفيق أمزيان

Top