الصحراء المغربية تبصم على طفرة اقتصادية وزخم دبلوماسي غير مسبوقين

تشهد منطقة الصحراء المغربية، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، طفرة اقتصادية غير مسبوقة، يدعمها زخم دبلوماسي دولي لصالح السيادة المغربية على المنطقة ومبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ويجسد الإعلان الأمريكي الصادر في 10 دجنبر 2020 وافتتاح العديد من التمثيليات الديبلوماسية، لجميع القارات في المنطقة، بعمق هذه الدينامية الإقليمية والدولية، إذ تعزز هذه الدفعة العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، الذي سيؤمن استقرار المنطقة ومحيطها.
وتبصم الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة على تنمية مستدامة تجسدت في السادس من نونبر 2015 بإطلاق نموذج تنموي جديد رصدت له ميزانية إجمالية تبلغ 85 مليار درهم أي نحو 9 مليارات دولار.
وأضحت الأقاليم الصحراوية المغربية تتميز بإمكانات هائلة على المستوى الاقتصادي (الصناعة والصيد البحري والفلاحة والطاقات المتجددة والسياحة)، حيث شهدت إصلاحات مهمة تهدف إلى تعزيز النسيج الاقتصادي المحلي لخلق نمو شامل، وتنمية مستدامة لفائدة السكان المحليين.
وأصبحت منطقة الصحراء المغربية التي تتمتع بفرص متعددة للاستثمار والتجارة، تشكل في عهد جلالة الملك محمد السادس، قطبا اجتماعيا واقتصاديا حقيقيا ذي أبعاد إقليمية وقارية ودولية، إذ عرفت العديد من المشاريع الهيكلية متعددة القطاعات، التي تم إطلاقها في المنطقة، من قبيل مشروع ميناء الداخلة الأطلسي العملاق، والطريق السريع تزنيت – العيون – الداخلة، ومشروع منطقة التجارة الحرة لغرب إفريقيا، ومشاريع تحلية مياه البحر، خاصة في الداخلة.
وتوفر الصحراء المغربية التي تحتضن مدينتين للمهن والكفاءات وحديقة تكنولوجية رأسمالا بشريا مؤهلا وقادرا على دعم التنمية الصناعية وخلق أنظمة بيئية مبتكرة وفق المعايير الدولية.
وقد تم إطلاق العديد من المشاريع لتطوير الطاقات المتجددة في المنطقة ذات الإمكانات القوية من حيث الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، ولا سيما إنشاء محطات إنتاج طاقة الرياح في طرفاية، وفم الواد، وأخفنير 1 و2، والشروع في العمل في محطتي نور العيون 1 ونور بوجدور 1 اللتين تسعيان لترسيخ مكانة المغرب باعتباره قطبا إقليميا وقاريا للطاقة النظيفة.
ومكن هذا الزخم العالمي الصحراء المغربية من التموقع كوجهة مفضلة للعديد من الفاعلين الاقتصاديين الأجانب.
من جهة أخرى، لا بد من التوقف عند اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، حيث إن واشنطن اعتمدت خريطة جديدة للمغرب تشمل الصحراء تستخدمها جميع الإدارات الأمريكية.
وقد وزعت البعثة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أيضا على أعضاء مجلس الأمن الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، الإعلان الرئاسي الذي يعترف بمغربية الصحراء باللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تلتزم واشنطن بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة من خلال تشجيع الاستثمارات الأمريكية وتمويل عدد من المشاريع لصالح الساكنة المحلية.
ويواصل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، جهوده الدؤوبة من أجل تكريس حقوقه المشروعة على أقاليمه الجنوبية من خلال مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مستندا في ذلك على دبلوماسية ملكية فعالية واستباقية.
إنها دبلوماسية ترتكز على الوضوح عندما تجعل من قضية الصحراء «النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم». كما أكد ذلك جلالة الملك في خطاب جلالته بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب.
كما يعد الدعم الدولي المتنامي للمخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، تجسيدا آخر لدينامية ونجاح المقاربة الملكية.
هذا المخطط، الذي وصفته قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المتتالية بالجدي وذي المصداقية، منذ أن تقدم به المغرب سنة 2007، والذي يتيح حكما ذاتيا موسعا لساكنة الأقاليم الجنوبية في احترام كامل للسيادة الوطنية، أضحى اليوم يحظى بدعم أزيد من 107 دول أعضاء في الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية البيروفي الأسبق، ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، أن «المغرب جعل من قضية الصحراء الرهان المركزي لدبلوماسيته، لكي تكون لخطوته، أي الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، الصدى الذي تحظى به اليوم».
كما أن وجاهة مخطط الحكم الذاتي تم التأكيد عليها غير ما مرة في قرارات مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، أوضح صامويل ميلنر، الباحث في مركز «جورج ميسون للقانون في الشرق الأوسط والقانون الدولي»، وهو مجموعة تفكير يوجد مقرها بفرجينيا الأمريكية، أن الدعم المعبر عنه لمخطط الحكم الذاتي جاء «نتيجة دبلوماسية تعي أهمية التحالفات الجيو-سياسية الاستراتيجية».
وقد تعززت هذه الدينامية بقرار حوالي 30 دولة عربية وإفريقية ومن أمريكا وآسيا فتح تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة.
وبالإضافة إلى دعم الوحدة الترابية للمغرب، فإن فتح هذه التمثيليات يشكل اعترافا بمستوى التنمية الذي حققته الأقاليم الجنوبية بفضل سياسة بعيدة النظر مكنت من جعل الصحراء المغربية قطبا للتنمية بالنسبة للواجهة الأطلسية الشاسعة لإفريقيا.
وأبرز الخبير الأمريكي أن هذا الدعم الدولي المتنامي للوحدة الترابية للمغرب يعكس متانة الأسس التي تقوم عليها مبادرة الحكم الذاتي وفعالية الدبلوماسية المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا الاختراقات الدبلوماسية التي حققتها المملكة، لاسيما في أوروبا.
وذكر صامويل ميلنر بأن 16 دولة من الاتحاد الأوروبي عبرت عن دعمها للمخطط المغربي للحكم الذاتي، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ «إعادة تموقع هام» للسياسة الخارجية الأوروبية. هذه الدينامية، التي تنصف المشروعية التاريخية لحقوق المغرب على أقاليمه الجنوبية، تعكس تنامي الوعي داخل المجتمع الدولي بضرورة تسوية قضية الصحراء في إطار سيادة المملكة.
من جانبه، اعتبر رئيس معهد السياسة العالمية، ومقره في واشنطن، باولو فون شيراش، أن «المجتمع الدولي في غالبيته أضحى يدرك أن حل قضية الصحراء يتعين أن يتم على أساس مخطط الحكم الذاتي».
وبينما يواصل المغرب تحقيق نجاحات سياسية ودبلوماسية، ما يزال أعداء الوحدة الترابية للمملكة يحصدون الإخفاقات. كما يشهد على ذلك عدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالجمهورية الوهمية.
وسجل صامويل ميلنر أن «الدينامية الدولية القوية المؤيدة لمخطط الحكم الذاتي واستباقية الدبلوماسية المغربية تعمق من عزلة +البوليساريو+ وداعميها»، في وقت لم تعد فيه الأطروحات الانفصالية تجد آذانا صاغية.

*****

المندوب الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة بجهة الداخلة وادي الذهب، بوشعيب قيري: استفادت الجهة في عهد جلالة الملك محمد السادس من كافة سبل التنمية الشاملة

قال المندوب الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة بجهة الداخلة وادي الذهب، بوشعيب قيري، إن استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة إذا كان قد تم بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها جلالة المغفور له الحسن الثاني وانخرط فيها طواعية الشعب المغربي بكافة مكوناته من أجل استكمال تحرير الوطن، فإن مسيرة أخرى عرفتها هذه الأقاليم في عهد جلالة الملك محمد السادس، تستهدف التنمية الإنسانية ككل من خلال العديد من المبادرات التي تستهدف تحسين وتجويد عيش الإنسان بهذا الجزع الغالي من تراب المملكة.
وأكد قيري، في حوار مع جريدة بيان اليوم بمناسبة مرور ربع قرن عن تربع جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، على أن هناك العديد من المشاريع التي تبصم على الحضور الملكي السامي في الحياة اليومية للمواطن بجهة الداخلة وادي الذهب من أجل رفاهيته ومن أجل تمكينه من كل أسباب العيش الكريم الذي يصون حقوقه ويحفظ كرامته. وشدد قيري على أن الفضل في تهافت المستثمر الأجنبي على الجهة يعود فيه الفضل إلى الدينامية التي أطلقتها المملكة بالمنطقة، مبرزا أن المغرب آمن بقوة بأن الانسياق وراء معارك وهمية من افتعال الخصوم لن يجدي في شيء، وأن المعركة الحقيقية التي بجب أن ندخلها هي معركة التنمية خدمة لساكنة المنطقة، لذلك أصبح الهم الوحيد هو الانتصار على أرض الواقع عبر معارك التنمية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي بذلت مجهودات كبيرة في هذا المجال.
وهذا نص الحوار:

> يحتفل الشعب المغربي اليوم بمرور ربع قرن على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين؛ كيف ساهم حكم جلالته في تنمية المناطق الجنوبية اقتصاديا، خاصة على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب؟
< يمكن القول بأنه إذا كان استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة قد تم بفضل المسيرة الخضراء التي أبدعها جلالة المغفور له الحسن الثاني وانخرط فيها طواعية الشعب المغربي بكافة مكوناته من أجل استكمال تحرير الوطن، فإن مسيرة أخرى عرفتها هذه الأقاليم في عهد جلالة الملك محمد السادس، تستهدف التنمية الإنسانية ككل من خلال العديد من المبادرات التي تستهدف تحسين وتجويد عيش الإنسان بهذا الجزع الغالي من تراب المملكة.
صحيح أن هذه المبادرات انطلقت في عهد الراحل الحسن الثاني، لكنها في عهد جلالة الملك محمد السادس اكتسبت مظهرا آخرا ووثيرة أخرى كان من أبرز تجلياتها النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي هو ورش ملكي بامتياز، وبتعليمات ملكية سامية واضحة من أجل تمكين هذه الأقاليم من كافة سبل التنمية الشاملة.
هذا البرنامج المندمج لم ينطلق من فراغ، ولم يتم وضع فقراته بشكل منعزل عن الواقع، وإنما جاء كحصيلة واقعية لمشاورات حثيثة ومكثفة وبمقاربة تشاركية مع الساكنة المحلية ومع ممثليها ومؤسساتها المنتخبة ومع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والثقافيين…، انطلقت من التشخيص لما هو كائن والوقوف على النقائص لتداركها واستجلاء الإيجابيات لتثمينها واقتراح الحلول الواقعية وترتيب الأولويات مع رصد الموارد المالية الضرورية لتنفيذها ووفق أجندة زمنية جد محددة مع تحديد دقيق للمسؤوليات في الإنجاز والتنفيذ.
> ما هي أبرز المشاريع التي وسمت الجهة خلال حكم جلالة الملك محمد السادس؟
< أظن أن الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن ننطلق فيها من التذكير ببعض المؤشرات التي تشكل مدخلا أساسيا لتأطير هذه الإجابة؛ فأعلى مستوى للدخل الفردي هو بجهة الداخلة وادي الذهب بما يقرب عن 86 ألف درهم للفرد، وأعلى نسبة النمو هي بجهة الداخلة وادي الذهب، حيث فاق المتوسط لسنوات عديدة 7 في المائة، ومستوى البطالة يسجل في حدود 8.3 في المائة وهو من بين المستويات المنخفضة بالمملكة، والجهة تساهم بـ 2 في المائة في خلق الثروة الوطنية، كما أن الجهة تساهم بنسبة 0.2 في المائة في الرأسمال الصناعي الوطني علما أن ساكنة الجهة لا تتجاوز مائتي ألف نسمة.
ولعل هذه المؤشرات المذكورة على سبيل المثال لا الحصر تبين بالملموس مدى الأهمية التي تتبوأها الجهة في المجال الاقتصادي علما بأنها لم يتم استرجاعها إلى أرض الوطن إلا في سنة 1979، ويمكن العودة إلى الحالة التي كانت عليها الجهة إبان عودتها إلى أرض الوطن ومقارنتها مع الوضعية الحالية ليتبين بالملموس مدى المجهودات التنموية التي قامت بها السلطات العمومية.
وتعززت وثيرة هذه المجهودات في عهد جلالة الملك محمد السادس، إذ تطورت البنيات الأساسية بشكل كبير إن لم أقل بأنها كانت شبه منعدمة من قبل، وتطورت كذلك الأنشطة الفلاحية بمنتوجاتها ذات القيمة التصديرية المرتفعة، وأحدثت مناطق صناعية لاحتضان وحدات تشتغل في مجال منتوجات الصيد البحري، كما عرف قطاع السياحة طفرة نوعية كبيرة من خلال إحداث العديد من الوحدات الفندقية والسياحة بمواصفات عالية الجودة بعد أن كانت شبه منعدمة أيضا من قبل.
أصبحت الجهة أيضا، تحتضن الآلاف من النقط التجارية لتجارة وخدمات القرب بعد أن كانت أيضا معدودة على رأس الأصابع، واحتضنت الجهة ميناء للصيد البحري وبمواصفات تستجيب للحاجيات الآنية، علما أن الجهة تحتضن ما يناهز 65 في المائة من الثروات السمكية.
وعرفت الجهة أيضا تطوير المطار الذي بدأ يعرف يوميا حركات للرحلات الجوية سواء على صعيد المملكة أو خارج التراب الوطني بعد أن كانت هذه الرحلات تكاد تكون أسبوعية، وبذل أيضا مجهود كبير في مجال الطاقة حيث إنه تم مؤخرا ربط الجهة بالشبكة الوطنية للكهرباء…إلخ.
هذه كلها تعتبر نماذج قليلة من العديد من المشاريع التي تدخل في خانة المشاريع التي تبصم على الحضور الملكي السامي في الحياة اليومية للمواطن بجهة الداخلة وادي الذهب من أجل رفاهيته ومن أجل تمكينه من كل أسباب العيش الكريم الذي يصون حقوقه ويحفظ كرامته.

> لاحظنا أن هناك انفتاحا على عدد من الدول الأوروبية والأفريقية، ما هو السر وراء تهافت المستثمر الأجنبي على الجهة وما هي المكانة الاقتصادية التي باتت تلعبها الجهة على المستوى الوطني والدولي؟
< صحيح، وهذا يعود فيه الفضل إلى الدينامية التي أطلقتها المملكة بالمنطقة، فالمغرب آمن بقوة بأن الانسياق وراء معارك وهمية من افتعال الخصوم لن يجدي في شيء، وأن المعركة الحقيقية التي بجب أن ندخلها هي معركة التنمية خدمة لساكنة المنطقة، لذلك أصبح الهم الوحيد هو الانتصار على أرض الواقع عبر معارك التنمية من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي بذلت مجهودات كبيرة في هذا المجال.
فمثلا على مستوى الموارد المالية، وعكس ما يروج له الخصوم من استغلال لثروات المنطقة، فإن كل درهم من مداخيل المنطقة، يستثمر المغرب في مقابله سبعة دراهم في إطار من التضامن ما بين جهات المملكة، ولكم أن تتصوروا حجم التحملات التي يقوم بها المغرب في صحرائه من أجل تنميتها والنهوض بأوضاع ساكنتها، ومؤشرات التنمية البشرية بالمنطقة تفوق بكثير مؤشرات باقي جهات المملكة، وقد اطلعنا على بعضها في سؤال سابق، بعد أن كانت أقل منها بحوالي 6 في المائة من قبل.
هذه الاستراتيجة التنموية التي قامت بها السلطات العمومية بالمنطقة هي التي أهلتها، وفي مقدمتها جهة الداخلة وادي الذهب، إلى أن تصبح وجهة موثوق بها في مجال الاستثمار وتستقطب اهتمامات العديد من عمالقة الاقتصاد العالمي للاهتمام بالاستثمار في الجهة من أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا والخليج العربي….
إن تبخر أطروحات الوهم وتكسرها على حقيقة تجدر الوجود المغربي بصحرائه جعل العديد من الدول تزكي موقف المملكة المغربية والتوجه لفتح تمثيليات ديبلوماسية لها بالداخلة والعيون وجعل العديد من برامج التعاون الدولي تدمج الصحراء المغربية ضمن المجالات الترابية التي تشتغل عليها بالمملكة.
ولعل هذا السياق هو الذي يبرهن على عنصر الثقة الذي أدى إلى التزايد المطرد للاهتمام بالاستثمار في الجهة، أضف إلى ذلك ما تم تحقيقه من مشاريع وبرامج تخص البنيات الأساسية وبنيات استقبال الاستثمار من أجل تقوية جاذبية الجهة في الاستثمار وما تم إنجازه أيضا على مستوى الديبلوماسية الاقتصادية إضافة إلى ارتفاع مستوى وعي كل الفاعلين والمتدخلين في العملية الاستثمارية من أجل كسب رهان هذه المعركة المصيرية.
هذه كلها عوامل ساهمت في ما وصفتموه في سؤالكم بتهافت الاستثمار الأجنبي على الجهة.

> لا شك أن السياسات المعتمدة منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين، ساهمت في إحداث قفزة نوعية للأقاليم الجنوبية، إذ ساهمت بشكل كبير في تنمية مختلف الجهات الصحراوية؛ على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب، كيف يمكن استشراف المستقبل الاقتصادي والتنموي بالجهة؟
< بالفعل، بتوجيهات ملكية سامية، وبإشراف شخصي من جلالته وضعت كل السياسات العمومية والاستراتيجيات القطاعية الأقاليم الصحراوية للمملكة في صلب اهتماماتها وتم إنجاز العديد من المشاريع المهيكلة التي حققت طفرة نوعية لهذه المناطق ومن ضمنها جهة الداخلة وادي الذهب.
ويمكن الاستدلال بالنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أشرف على انطلاقته جلالة الملك ورصد له غلاف مالي يفوق ثمانين مليار درهم، ومن بين أهم محاوره بالجهة الميناء الأطلسي الجديد للداخلة والمناطق الصناعية واللوجستيكة المحادية له والتي خصص لها رصيد عقاري مهم على مساحة 1650 هكتار، وإحداث محطة لتحلية مياه البحر يتم تشغيلها بالاعتماد على الطاقات المتجددة، ومشروع سقي خمسة آلاف هكتار بواسطة هذه المحطة لتحلية مياه البحر، كما ستخصص للمنتجات الفلاحة ذات قيمة مضافة، ومشروع إحداث ست وحدات صناعية لتصنيع وتثمين منتجات الصيد البحري وإحداث حقول لتربة الأحياء البحرية وإحداث منطقتين للتجارة والتوزيع بكل من الكركرات وبئر كندوز…، إلى غير ذلك من المشاريع ذات الوقع الاقتصادي الكبير تؤهلنا إلى القول وبكل اطمئنان بأن الأفق الذي نستشرفه للاقتصاد بجهة الداخلة وادي الذهب ليس أفقا واعدا فحسب، وإنما أعتقد بأن هذا المستقبل سيجعل من هذه الجهة منصة أساسية وقاطرة فعالة في تنزيل استراتيجة المملكة للانفتاح على العمق الإفريقي وأيضا في تنزيل المبادرة الملكية للشراكة والتضامن مع دول الساحل والصحراء قصد تمكينها من الولوج إلى الساحل الأطلسي والاستفادة من ثرواته في إطار شراكة رابح /رابح.

****

المدير الجهوي للتخطيط بجهة الداخلة وادي الذهب محمد الشيخ ماء العينين : جهة الداخلة وادي الذهب أصبحت في عهد جلالة الملك محمد السادس خزانا للتنمية ووجهة للاستثمار

قال المدير الجهوي للتخطيط بجهة الداخلة وادي الذهب، محمد الشيخ ماء العينين، إن جهة الداخلة وادي الذهب وإن كانت الأبعد جغرافيا عن عاصمة المملكة فإنها دائما كانت الأقرب لقلوب المغاربة وفي طليعتهم جلالة الملك محمد السادس، مضيفا: «حتى إن أخذنا في الاعتبار حداثة التحاقها بربوع الوطن فإن هذه الجهة تتربع على الصدارة في جميع مؤشرات التنمية الشاملة ويكفي ذلك فخرا للجهة وللمملكة».
وأضاف الشيخ ماء العينين، في حوار مع جريدة بيان اليوم، بالرغم من تراكم العجز خلال حقبة الاستعمار وتخلفها لتكون أخر من التحق، إلا أن الجهة تداركت الركب، مشيرا إلى أنه منذ اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه الميامين كانت للتو قد أقفلت عقدين فقط من الرجوع لحظيرة الوطن الأب لتبدأ مسيرة التفوق والتفرد والإقلاع. فيما يلي نص الحوار:

< يحتفل الشعب المغربي اليوم بمرور ربع قرن على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه الميامين؛ ما هي أبرز التطورات التي تم رصدها على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب خلال فترة حكم جلالته؟
> جهة الداخلة وادي الذهب وإن كانت الأبعد جغرافيا عن عاصمة المملكة فإنها دائما كانت الأقرب لقلوب المغاربة وفي طليعتهم جلالة الملك محمد السادس، وحتى إن أخذنا في الاعتبار حداثة التحاقها بربوع الوطن فإن هذه الجهة تتربع على الصدارة في جميع مؤشرات التنمية الشاملة ويكفي ذلك فخرا للجهة وللمملكة.
فبالرغم من تراكم العجز خلال حقبة الاستعمار وتخلفها لتكون أخر من التحق، إلا أن الجهة تداركت الركب، ومنذ اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه الميامين كانت للتو قد أقفلت عقدين فقط من الرجوع لحظيرة الوطن الأب لتبدأ مسيرة التفوق والتفرد والإقلاع.
فبالنظر لمؤشر التنمية البشرية والذي كان متخلفا خلال فترة السبعينيات تتصدر الجهة الآن ترتيب الوطن في معدلات النمو الاقتصادي خلال العقدين الأخيرين، حيث تضاعف الناتج الداخلي ثلاث مرات خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة، وتضاعفت مساهمة الفرد في الناتج الخام لتعادل 3 مرات المعدل الوطني، وانخفض الفقر لأقل من ثلث المعدل الوطني، وتوجت في الصدارة بمعدل إنفاق الفرد بمعية جهة الرباط سلا وسجلت نصف معدل البطالة الوطني 6,7 في المائة بينما تجاوزت النسبة 13 في المملكة خلال سنة 2023 في أصعب سنة مرت على الوطن في مجال التشغيل بسبب الظروف الاقتصادية وتوالي سنوات الجفاف، بل وحافظت على معدل ايجابي للنمو في فترة الجائحة بالرغم من الانكماش الاقتصادي الذي شهدته مختلف ربوع المعمور لتشكل الاستثناء بمعية جهة العيون.
أما عن النمو الديموغرافي فهذه الجهة تشهد تزايدا ديموغرافيا قل نظيره متجاوزة سقف 3.5 في المائة سنويا بساكنة أزيد من ثلثها شباب وعمرانها حديث وجاذبيتها الاقتصادية ذاع صيتها في ربوع العالم لتصبح قبلة للاستقرار والاستثمار، وهو ما كرسها كقبلة ووجهة للباحثين عن الرفاه والشغل، كل ذلك تم بفضل رؤية سديدة للعاهل المفدى الذي ما فتئ منذ اعتلائه عرش أسلافه يؤكد ويعطي تعليماته السامية على استرجاع جهة وادي الذهب بريق ولمعان الذهب الجذاب وصلابته وقوته في البناء والاقتصاد، والنتائج باهرة يشهد بها القاصي والداني وحتى الخصوم.
واليوم بعد أن تكرس ذلك وأصبح واقعا ملموسا ومحسوسا للعيان، ولأن للمجتهد مكافأة وللمجد نصيب أعلن جلالته عن مبادرة خلاقة تجعل من جهة الداخلة همزة وصل وقطبا اقتصاديا مفتوحا على المحيط الإفريقي والمجال ألأطلسي يرتكز على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الجديدة الواعدة من الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والفلاحة العصرية ذات القيمة المضافة العالية التي تستخدم تحلية المياه وترشد الماء، ثم بجيل جديد من البنيات التحتية من الميناء الأطلسي ومناطق لوجيستيك ومطارات وطرق وبنيات استقبال حديثة تشكل حاضنة للاستثمار ومفتوحة للشراكة.

< كيف ساهمت سياسة جلالة الملك محمد السادس في جعل الجهة قطبا مفتوحا بين إفريقيا وأوروبا؟
> منذ اعتلاء جلالة الملك العرش كانت أولى الزيارات التي قام بها سنة 2002 لمدينة الداخلة وترأس بها اجتماعا وزاريا عنوانه الاستثمار والاستقرار وهي إشارة قوية حينها تجعل من جهة الداخلة خزانا للتنمية ووجهة للاستثمار في الاقتصاد الحديث، حيث بدأ جيل جديد من المستثمرين وجهد كبير من طرف القطاعات الحكومية والفاعلين الترابيين لترقية البنيات التحتية وإرساء معالم اقتصاد حديث وترقية العنصر البشري في ثلاثية سرعان ما أعطت نتائج باهرة في أقل من عقد من الزمن، لتبين بأن المستحيل ليس مغربيا ولتقوي العزيمة وتعطي المثال على ما ينبغي سلكه من دروب وخطط محكمة تنير الطريق لباقي الجهات.
وفي سنة 2012 أي بعد عشر سنوات أعطى جلالته تعليماته للبدء بالتفكير والتخطيط لنموذج تنموي جديد يقطع مع إرث الماضي ويبني ركائز للمستقبل الواعد بجيل جديد من البنيات التحتية وبخلق مناخ استثماري واعد للاقتصاد الحديث بنمط حكامة رشيد ولإعطاء دفعة جديدة لبناء كفاءات ونخب محلية مؤهلة وقادرة على تنشيط وتحفيز التنمية الشاملة في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك ضمان العيش الكريم وحماية البيئة واستدامة الموارد وتحقيق الرفاه الاقتصادي وخلق فرص شغل دامجة ودائمة للشباب والنساء والفئات الصعبة.
وبعد إطلاق هذا النموذج سنة 2015 وتسريع مختلف برامجه وفق جدولة وحكامة مضبوطة بدأت تباشير الإقلاع الاقتصادي وجاذبية الاستثمار والمستثمرين يعلو صداها أسماع مقتنصي الفرص وبدأت شركات دولية ومستثمرون كبار بالتوافد والبحث عن موطئ قدم لهم في الجهة لاغتنام المزايا التفاضلية التي توفرها.
ومن هنا تم تتويج المسار بإعلان جلالة الملك عن مبادرته الأطلسية في تجديد للعهد القديم المتجدد أسوة بجده سيدي محمد بن عبد الله بسياسة الموانئ المفتوحة، وسيرا على خطى والده المغفور له الحسن الثاني رائد المسيرة الخضراء من أن عمق المغرب في إفريقيا، وانفتاحه على شراكات هادفة هي إحدى أهم مرتكزات المملكة المغربية المبنية على العهود والاحترام المتبادل والشراكة والتعاون. وبذلك تترسخ تلك الرابطة العريقة بين الملوك العلويين والجوار وفق منطق الشراكة والبناء وهو ما أكسب المملكة الاحترام والثقة والتقدير والإجماع.
إلى جانب ذاك تشكل الجهة المنفذ الأمن والمستقر الوحيد نحو إفريقيا والذي استثمر فيه المغرب إمكانياته وجعله متاحا ببنيات وقوانين ومساطر وكفاءات تشكل أضلاع صامدة في وجه الأزمات والكدمات، لم تتأثر في الظروف الصعبة ولا الظرفية الاقتصادية ولا حتى الكوارث والجوائح بما يشكل صمام أمان لكل مستثمر أو باحث عن تحقيق الذات، فأضحت جهة الداخلة أرض الميعاد حيث أبى جلالته إلا أن تكون في صلب الشراكة الإستراتيجية التي عقدها مع جل الدول في جميع القارات بدءا بالولايات المتحدة واختتاما بالإمارات المتحدة.

< كيف ترصدون مساهمة الجهة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ونمو الاقتصاد الوطني للمملكة في عهد جلالة الملك محمد السادس؟
> تتكون الجهة من إقليمين هما وادي الذهب وأوسرد و13 جماعة ترابية حسب التقطيع الترابي للمملكة، وتقدر ساكنتها حاليا بحوالي 200,000 نسمة حسب الإسقاطات السكانية لسنة 2024، وتتميز يكونها فتية (أكثر من ثلث الساكنة أقل من 15 سنة)، وأكثر تجهيزا من حيث البنيات الأساسية بالإضافة إلى تربع الجهة على الصدارة في جل المؤشرات الاجتماعية من تعليم صحة وهشاشة اجتماعية حيث بالرغم من كونها الأحدث عهدا بالالتحاق بربوع المملكة منذ 45 سنة إلا أنها سجلت أعلى معدلات التمدرس والتغطية الصحية والإنفاق علاوة على كونها تسجل أعلى معدل للنمو الاقتصادي وخلق القيمة المضافة خلال العشرية الأخيرة إذ تضاعف الناتج الإجمالي الجهوي فقط خلال ثماني سنوات ليصل إلى أزيد من 15 مليار ونصف خلال سنة 2021 بإنتاجية للفرد تقارب ثلاثة أضعاف المعدل الوطني للناتج الداخلي الفردي بأكثر من 85 ألف درهم، بينما المعدل الوطني يناهز 30 ألف درهم فقط، وتحافظ بذلك على نسبة نمو في المتوسط تفوق 11% بينما لا تتجاوز هذه النسبة من 4 إلى 5 في باقي الربوع خلال العقد الأخير.
كل ذلك والجهة تسجل أدنى نسب الفقر والهشاشة والبطالة التي لم تتعد 6,7% (فقط حوالي 5.400 باحث عن الشغل اغلبهم من الشباب) وهي الأدنى على الصعيد الوطني وتعادل ما سجل في اقتصاد مشابه للكسمبورغ، ومع ذلك فهي تسجل أعلى معدلات للإنفاق الأسري على السلع والخدمات، ما يؤشر لجودة الحياة والمعيشة وهو ما جعلها جهة استقبال للباحثين عن فرص شغل من شتى مدن المملكة ومن المهاجرين جنوب الصحراء. فجهة الداخلة وادي الذهب ما فتئت تشهد إقلاعا اقتصاديا غير مسبوق ومنتظم، ساعدها في ذلك مؤهلاتها الاقتصادية والموارد الطبيعية التي تزخر بها إضافة إلى الإرادة السامية لجلالة الملك بجعلها قطبا اقتصاديا وبوابة ومنصة للتعاون جنوب جنوب.
على مر أربعين سنة من الانجازات أضحت جهة الداخلة وادي الذهب قبلة للاستثمار والاستقرار، ومنصة آمنة لعبور الأشخاص والبضائع نحو مختلف الأقطار الإفريقية، ووجهة سياحية ذات صيت عالمي، دون أن ننسى تطويرها لمسالك فلاحية عصرية تعتمد الابتكار وخلق القيمة المضافة وتثمين أفضل للموارد المائية، وهي تشكل بذلك مشتلا لتأمين الغذاء العالمي عبر تطوير وتصنيع الموارد البحرية وزراعة الأحياء المائية لضمان الأمن الغذائي والاحتماء من التقلبات المناخية وضمان تنمية وإدماج فعلي للعنصر البشري الذي يشكل محور التنمية.
إن الجهد التنموي الذي تم إطلاقه منذ استرجاع إقليم وادي الذهب في غشت سنة 1979 غير مسبوق واستثنائي ولا يحتاج لتبيين، وهو الذي خولها هذه المكانة، ولا يوازيه إلا الحرص على إطلاق حزمة جديدة من البرامج والمشاريع المهيكلة التي ترمي إلى إقلاع اقتصادي حقيقي وانخراط في منظومة الاقتصاد الإقليمي والقاري وتبوء مكانة مرموقة في التجارة العالمية عبر إحداث ميناء الداخلة الأطلسي ومنطقة للأنشطة تابعة له ومناطق للوجيستيك بمحاذاة الحدود إضافة إلى تنمية الفلاحة المسقية عبر تحليه مياه البحر وإحداث صناعات بحرية وغذائية تنهل من الموارد السمكية وتثمينها وذلك كله وفق تصور شامل تم إعداده من خلال النموذج التنموي الجديد يرمي إلى تفرد الجهة بقطب للاقتصاد الحديث وربط بالتجارة البحرية الدولية وتحديث وعصرنة القطاعات الأخرى كالسياحة والطاقة بخلق جيل جديد من التكوينات تلاءم متطلبات التنمية الاقتصادية وتدمج الشباب في الدورة الاقتصادية بكفاءات ومؤهلات مكتسبة وملائمة.

*****

رئيس جمعية العائدين للتنمية المندمجة والوحدة الترابية باقليم السمارة محمد الأمين الراكب: الصحراء المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس أصبحت قاطرة للتنمية وبوابة إفريقيا وأوروبا

الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور محمد الأمين الراكب

الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور محمد الأمين الراكب

قال رئيس جمعية العائدين للتنمية المندمجة والوحدة الترابية باقليم السمارة جهة العيون الساقية الحمراء، محمد الٱمين الراكب، إنه لا مجال للمقارنة بين مخيمات البوليساريو مع الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، مؤكدا أن إن رعايا جلالة الملك محمد السادس في هذه الأقاليم يختارون ممثليهم بطريقة ديمقراطية عبر انتخابات نزيهة.
وشدد الأستاذ السابق بمخيمات تندوف، على أن الصحراء المغربية في العهد الزاهر والميمون لجلالة الملك محمد السادس أصبحت قاطرة للتنمية وبوابة إفريقيا وأوروبا وتتمتع ساكنتها بكل الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي جعلت منها نموذجا اقتصاديا تشهد به كل البعثات الدبلوماسية والدولية التي زارت المنطقة.
وتابع المنسق الأكاديمي السابق بين الأكاديمية الجزائرية وبين جميع مراكز التلاميذ والطلبة الصحراويين بإيعاز مما يسمى وزارة التعليم بجمهورية الخيام، أن الانتصارات والمكاسب التي حققتها الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك لم تحقق طيلة خمسين سنة، مشددا على أن الدبلوماسية الملكية الحكيمة أعادت للمغرب مكانته الريادية والإستراتيجية كمعادلة ورقم صعب في المنظومة الدولية المتطورة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا.
وهذا نص الحوار:

> عدت إلى وطنك المغرب في سنة 2007، يعني خلال العقد الأول من حكم جلالة الملك محمد السادس، الذي يحتفل الشعب المغربي اليوم بمرور ربع قرن على تربعه على عرش أسلافه الميامين، كيف وجدت المغرب آنذاك الذي كنت غائبا عنه لسنوات طوال؟ وما الفرق بين واقع المملكة آنذاك والصورة التي كانت يتم نقلها لكم داخل مخيمات تندوف؟
< بداية قبل الخوض في أطوار هذه المقابلة لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل القيمين على جريدة بيان اليوم الورقية، وعبر هذه الجريدة المتميزة أتقدم بخالص التهاني والتبريكات إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة الذكرى 24 لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، أصالة عن نفسي ونيابة عن كل أعضاء ومنخرطي جمعية العائدين للتنمية المندمجة والوحدة الترابية بإقليم السمارة جهة العيون الساقية الحمراء، وهي مناسبة نجدد فيها البيعة والولاء والإخلاص لأمير المؤمنين وحامي الملة والدين جلالة الملك محمد السادس دام له العز والنصر والتمكين.
جوابا عن سؤالكم، فما أعظم أن تعود إلى أرض الوطن بعد أن غرر بك لعشرين سنة داخل مخيمات تندوف، مخيمات البؤس والشقاء؛ فقد كانت سنوات الحرمان والتهميش في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم على عكس المغرب، مغرب محمد السادس، مغرب الخير والنماء، مغرب الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان، مغرب الأمن والأمان والتطور والازدهار، هذا هو مغرب محمد السادس.
ونحن نخلد بكل فخر واعتزاز الذكرى 25 لتربع جلالته على عرش أسلافه الغر الميامين مستحضرين النهضة التنموية والأوراش العملاقة التي أطلقها جلالته في جميع المجالات لصالح شعبه المغربي الوفي الذي يجدد له في هذه المناسبة العزيزة من كل عيد عرش أواصر المحبة ويجدد لقائده العظيم فروض الطاعة والولاء والإخلاص لمقامه العالي بالله.
لا يخفى على أحد أن أعظم ما يمكن أن يقع للإنسان المغترب هو العودة إلى أرض الوطن؛ عدت إلى بلدي المغرب في سنة 2007، ومنذ ذلك التاريخ والحمد لله أنخرط في المجتمع المدني.
داخل المخيمات، كنا نخضع لتسميم أفكارنا وشحن العقول بالكره للوطن الأم المغرب. كنت رجل تعليم سابق بمخيمات تندوف ومنسق سابق للطلبة الصحراويين بالجزائر، وكنت أرى بأم عيني ما يدور هناك من أساليب شيطانية.
تجربتي هناك مكنتني من الوقوف على الحقيقة. وأحمد الله أنني تمكنت من الانفلات من ذلك المستنقع لأعود إلى وطني الأم، وأحدث جمعية العائدين إلى أرض الوطن للإدماج والاندماج، والآن أنا رئيس المنتدى الصحراوي للترافع المدني على مغربية الصحراء.
آلينا على أنفسنا أن ننخرط في التوعية الشاملة للتعريف بمشروع الحكم الذاتي لأن فرحتنا لن تكتمل وأهلنا يئنون في العراء داخل مخيمات تندوف التي تفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم، تنتهج ضدهم سياسة تكميم الأفواه وسياسة التعذيب، ويزج بهم في السجون.
وخير مثال على ذلك، ما يتابعه العالم، من جرائم إحراق شباب من مخيمات تندوف يبحثون عن لقمة العيش، حيث يزج بهم الدرك الجزائري في حفر من النار ويكون مصيرهم مجهولا..
نحن نتابع عن كتب هذه المعاناة وهذا التعذيب وهذا التنكيل الذي يطال أهالينا داخل مخيمات تندوف، بينما هنا في الأقاليم الجنوبية نعيش في بحبوحة من الأمن والرخاء.

> بعد قضائك لأزيد من عقدين من الزمن في الجزائر وصنيعتها البوليساريو، عدت إلى أرض الوطن قبل قرابة عقدين من الزمن، كيف يمكن أن تصور لنا الأوضاع بين تندوف والأقاليم الجنوبية ؟
< الأوضاع في مخيمات تندوف هي أوضاع مأساوية حيث تعيش ساكنة هذه المخيمات انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتتعرض للقتل والتعذيب والاختطاف وسلب الحريات العامة فوق الأرض الجزائرية بدعم مباشر من السلطات والمؤسسة العسكرية الجزائرية الذين يوظفون كل خيارات وأموال الشعب الجزائري ضدا في الوحدة الترابية للمملكة المغربية ودعما للجماعات الإرهابية المسلحة داخل مخيمات تندوف.
فلا مجال للمقارنة بين هذه المخيمات مع الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية حيث إن رعايا جلالة الملك محمد السادس في هذه الأقاليم يختارون ممثليهم بطريقة ديمقراطية عبر انتخابات نزيهة، والصحراء المغربية في العهد الزاهر والميمون لجلالة الملك محمد السادس أصبحت قاطرة للتنمية وبوابة إفريقيا وأوروبا وتتمتع ساكنتها بكل الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي جعلت منها نموذجا اقتصاديا تشهد به كل البعثات الدبلوماسية والدولية التي زارت المنطقة، وهذا بفضل العناية المولوية السامية التي يوليها جلالة الملك لهذه الأقاليم الجنوبية من خلال إشرافه المباشر على إعطاء الانطلاقة الفعلية للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي خصص له في شطره الأول أكثر من 77 مليار درهم وبلغت فيه نسبة تنزيل المشاريع أكثر من في المئة وهو ما كان له الوقع والأثر الإيجابي على شباب وساكنة هذه الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.

> كنتم سابقا من المغرر بهم، كيف ترون مقترح الحكم الذاتي الذي جاء به جلالة الملك محمد السادس؟
< مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 انطلاقا من تجربتي التي عشتها بين الأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف، هو الحل الوحيد الذي يجمع شمل الصحراويين أينما كانوا، ويعيدهم لوطنهم الأم المغرب، ويمكنهم من تسيير أنفسهم بأنفسهم، وهو المشروع الوحيد الذي يضمن الاستقرار والأمن في المنطقة المغاربية.
مشروع الحكم الذاتي هو شكل راق من أشكال تقرير المصير، وكل يوم يزيد عدد الدول الكبرى في جميع أنحاء العالم التي تؤيد وتثمن مشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية وتصفه بأنه جدي وواقعي وذو مصداقية، وهو كذلك فرصة تاريخية أعطاها الملك محمد السادس لرعاياه المغرر بهم في تندوف للرجوع لوطنهم الأصلي المغرب، والمشاركة في تنمية وتطور الأقاليم الجنوبية.
إن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية هو المدخل الاقتصادي والاجتماعي لتنزيل الحكم الذاتي تنزيلا ناجعا وحلا جذريا للفقر والتهميش، والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية سوف يفتح آفاقا واعدة أمام شباب وساكنة المنطقة لاستثمار طاقتهم ومشاريعهم الواعدة في الصحراء المغربية.

ماهو تقييمكم لأداء الدبلوماسية المغربية في ملف قضية الصحراء المغربية في عهد جلالة الملك محمد السادس؟
< المتتبع لأداء الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس يعرف جيدا ما حققه إشعاع الدبلوماسية الملكية الحكيمة، وما حققته من زخم دبلوماسي وانتصارات دبلوماسيه كبيرة من خلال الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء ثم إسبانيا وهولاند وألمانيا وبلجيكا وفرنسا ومعظم دول أوروبا وأمريكا اللاتنية ودول أفريقيا الذين اعترفوا بمغربية الصحراء وفتحوا أكثر من ثلاثين قنصلية بين جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة في اعتراف صريح بمغربية الصحراء.
هذه الانتصارات والمكاسب التي حققتها الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك لم تحقق طيلة خمسين سنة إلا في عهد جلالة الملك محمد السادس، بل أكثر من ذلك إن الدبلوماسية الملكية الحكيمة أعادت للمغرب مكانته الريادية والإستراتيجية كمعادلة ورقم صعب في المنظومة الدولية المتطورة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا.
ومن هنا أشيد بإنجازات الدبلوماسية المغربية التي انتهجت الصرامة والوضوح وأصبحت دبلوماسية استباقية حيث بعثرت أوراق خصوم الوحدة الترابية في جميع المحافل الدولية من خلال سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية.
من حقنا كمغاربة أن نفتخر ونعتز بما حققته الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لجلالة الملك محمد السادس.
وبهذه المناسبة، إننا في جمعية العائدين للتنمية المندمجة والوحدة الترابية بإقليم السمارة جهة العيون الساقية الحمراء نبارك للشعب المغربي من الكركرات إلى طنجة وخارج الوطن هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، مناسبة ذكرى عيد العرش المجيدة وإننا نجدد من الصحراء المغربية تجندنا الدائم خلف جلالة الملك كما نجدد لمقمه العالي بالله فروض الطاعة والبيعة والولاء والإخلاص أسوة بآبائنا وأجدادنا في الصحراء في تلاحم دائم ووثيق بيننا وبين العرش العلوي المنيف.

> إنجاز: عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top