قتل أكثر من خمسين شخصا السبت جراء قصف لقوات الدعم السريع على سوق في أم درمان بضواحي العاصمة السودانية الخرطوم، وفق مصدر طبي ونشطاء سودانيين.
وقال المصدر في مستشفى النو طالبا عدم كشف هويته، إن الجرحى “ما زالوا يصلون إلى المستشفى” بعد الهجوم الذي نسبه إلى قوات الدعم السريع.
وأشار المصدر ووزارة الصحة إلى أن حصيلة القصف بلغت 54 قتيلا و158 جريحا.
وقال أحد الناجين في تصريح لوكالة فرانس برس “القذائف سقطت في وسط سوق الخضار بصابرين ما يفسر العدد الكبير من الضحايا والمصابين”.
وقال أحد المتطوعين في مستشفى النو “نحتاج إلى أكفان ومتبرعين بالدم ونقالات لنقل الجرحى”.
وكان الأمين العام لمنظمة “أطباء بلا حدود” كريس لوكيير، موجودا في مستشفى النو السبت، وتحدث عن “مشرحة مليئة بالجثث”. وقال في بيان “أرى حياة الرجال والنساء والأطفال تمزق، والجرحى يرقدون في كل مساحة من غرفة الطوارئ بينما يبذل الأطباء ما في وسعهم”.
يعد المستشفى أحد آخر المرافق الطبية التي ما زالت تعمل في المنطقة، وسبق أن تعرض مرارا لهجمات.
ونفت قوات الدعم السريع شن الهجوم.
وفق نقابة أطباء السودان-اللجنة التمهيدية، سقطت قذيفة السبت “على بعد أمتار من مستشفى النو”.
وأفادت النقابة بأن غالبية القتلى من النساء والأطفال، ووجهت نداء إلى الأطباء والممرضين للتوجه إلى المستشفى الذي يواجه “نقصا حادا في الكوادر الطبية”.
تأتي المعارك في العاصمة بعد أسابيع على استعادة الجيش السيطرة على ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة من قوات الدعم السريع.
وتحتفظ القوات بالسيطرة على الطريق الذي يربط بين ود مدني والخرطوم، لكن جماعة مسلحة قالت السبت إنها سيطرت على تمبول ورفاعة والحصاحيصا والهلالية، على بعد نحو 125 كلم إلى جنوب شرق العاصمة.
الجماعة هي قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل الذي انشق عن قوات الدعم السريع في العام الماضي، وهي متهمة بارتكاب فظاعات ضد مدنيين سواء أثناء تحالفه مع قوات الدعم السريع أو مع الجيش.
في جنوب العاصمة “قتل مدنيان” بضربة جوية على محور تسيطر عليه قوات الدعم السريع، وفق شبكة متطوعين.
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”.
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب ولا سيما استهداف مدنيين، وشن قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وأدى النزاع في السودان إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة.
بعد مراوحة استمرت أشهرا في الخرطوم، كسر الجيش الأسبوع الماضي حصارا كانت قوات الدعم السريع تفرضه على مقر قيادته العامة في العاصمة السودانية.
في الوقت نفسه، أعلن الجيش استعادة مقر سلاح الإشارة وطرد قوات الدعم السريع من مصفاة الجيلي النفطية في شمال الخرطوم.
وقال شهود على هجوم السبت لوكالة فرانس برس إن مصدر القصف كان غرب أم درمان، وهي منطقة لا تزال تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وقال أحد سكان قطاع يقع إلى جنوب أم درمان “تتساقط القذائف الصاروخية والمدفعية”، مشيرا إلى هجوم لقوات الدعم السريع على محاور عدة.
وتوعد قائد قوات الدعم السريع الجمعة بـ”طرد” الجيش السوداني من الخرطوم، مقرا للمرة الأولى وبطريقة غير مباشرة بالانتكاسات التي تكبدتها قواته في العاصمة.
وفي خطاب متلفز نادر، قال دقلو إن عناصر الجيش لن يستفيدوا من مقر القيادة أو معسكر سلاح الإشارة لفترة طويلة، متعهدا بـ”طردهم”، كما حصل سابقا.
منذ بدء النزاع واستهدافها بالقصف قبل نحو عامين، تحولت الخرطوم إلى ما يشبه معسكرا للمقاتلين.
في ولاية الخرطوم قتل 26 ألف شخص بين نيسان/أبريل 2023 وحزيران/يونيو 2024، وفقا لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
وأفرغت أحياء بكاملها من السكان واستولى عليها مقاتلون مع فرار 3,6 ملايين شخص من العاصمة، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ووفق شهود تعذرت عليهم المغادرة أو رفضوا أن يغادروا، تعرضت المناطق السكنية للقصف بانتظام.
يعاني ما لا يقل عن 106 آلاف شخص من المجاعة في العاصمة، وفقا لنظام تصنيف تدعمه وكالات الأمم المتحدة، فيما يعاني 3,2 ملايين من الجوع عند مستويات حرجة.
وفي أنحاء البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا، أعلنت المجاعة في خمس مناطق، معظمها في إقليم دارفور في غرب البلاد، ما من شأنه أن يؤثر في خمس مناطق أخرى بحلول أيار/مايو.
قبيل انتهاء ولايته، فرض الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عقوبات على البرهان. واتهمت إدارته الجيش السوداني بشن هجمات على مدارس وأسواق ومستشفيات واستخدام الحرمان من الغذاء سلاحا في الحرب.
جاءت تلك العقوبات بعد نحو أسبوع على فرض واشنطن عقوبات على دقلو متهمة قواته بـ”ارتكاب إبادة جماعية” وبممارسة “انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان” في دارفور حيث تعد قوات الدعم السريع في موقع قوة.
< أ.ف.ب