رسالة إيقاف عامل سيدي بنور

أثار إيقاف عامل سيدي بنور الكثير من التعليقات والتحاليل، وشكل موضوع عدة متابعات صحفية في الأيام الأخيرة، وذلك ليس للقرار في حد ذاته، ولكن لدلالاته وسياقه.
القرار جاء على خلفية التشبيه المتخلف والبئيس الذي اقترفه العامل المعني في حق وزير، وبحضور مسؤولين إقليميين ومنتخبين ضمن اجتماع رسمي، وجاءت التعاليق السياسية والإعلامية في أغلبها مدينة للسلوك، ومؤيدة للقرار المتخذ.
ومن دون السعي إلى الركوب على النازلة وتحميلها أبعادا أكبر، فان الأمر مع ذلك  يحيل على موضوع  أساسي، ويتعلق بالمنظومة السلوكية العامة التي يتميز بها أداء وعلاقات مسؤولي الإدارة الترابية في العمالات والولايات، وبطرق تعاملهم مع محيطهم المحلي والجهوي، بالإضافة إلى العلاقة التي تربطهم مع الحكومة والوزراء من غير الوزارة التي يتبعون لها إداريا.
نتذكر هنا الحكاية من زمن حكومة التناوب التوافقي، وتذكر مجالس الحديث عديد روايات أخرى في هذا السياق، لكن القرار المتعلق بعامل سيدي بنور يبعث اليوم رسالة بأن الزمن المغربي تغير، وبأن في البلد دستور جديد، وحكومة جديدة، وإرادة عليا لا تلين من أجل تجسيد التغيير على الأرض، ومن أجل تذكير الغافلين بأن المفهوم الجديد للسلطة له معاني ملموسة ومقومات سلوكية لابد من إبرازها في الواقع اليومي لمدننا وقرانا.
الواقعة تدفعنا أيضا للتنبيه إلى أن بعض العمال والولاة، يوجهون الاهانات يوميا للمواطنات والمواطنين، وربما القصص لا تصل كلها إلى الصحافة، ولكنها موجودة ويعرفها الناس، وهذا الواقع بدوره يجب أن يتغير، ويجب أن تتخذ إجراءات ردعية في حق المتورطين مهما علت رتبهم الإدارية.
وفي زمن الإصرار على محاربة الفساد والريع، فان عددا من مسرؤولي الإدارة الترابية يستحقون فعلا المساءلة عن ممتلكاتهم، وعن مصدرها وطرق جمعها، وعن علاقة ذلك بمسؤوليتهم المهنية ..
من جهة أخرى، فان بعض هؤلاء المسؤولين يتحولون إلى فاعلين منافسين في المحطات الانتخابية، ونذكر هنا باحتجاجات أحزاب ومرشحين.
ومع ذلك فان الأمر ليس اطلاقيا، ولا يعني كافة العمال والولاة والقياد والباشوات، فمن ضمنهم يوجد فعلا (أولاد الناس)، ولكن عندما يرفع ملك البلاد منذ سنوات شعار المفهوم الجديد للسلطة، وعندما تتعدد الاحتجاجات في مناطق مختلفة، وعندما نتأمل قضية عامل سيدي بنور، فان كل هذا يعني أن ملف مسؤولي الإدارة الترابية يستحق الاهتمام، ويستحق التحرك لجعل الأداء والعلائق ينتظمان داخل الزمن المغربي الجديد.
إن القرار المتخذ في حق عامل سيدي بنور يبعث برسالة قوية مفادها، ألا أحد فوق القانون، وأن كل تجاوز تقابله عقوبة، لكن مع ذلك ولكي تنجح الرسالة في إحداث التحول، وفي تغيير الواقع والعقليات لابد من تفعيل رؤية شاملة جديدة تستحضر رهانات المغرب الجديد.
[email protected]

Top