الدورة البرلمانية

افتتح البرلمان أمس الخميس أشغال دورته الاستثنائية المخصصة لدراسة وإقرار ميزانية 2012، وسيجري اختتام الدورة عند استكمال جدول أعمالها المتضمن للنقطة الفريدة المشار إليها.
مرة أخرى، تعود المؤسسة التشريعية إلى الواجهة، وستنصب كل الأنظار أولا حول مضامين العرض الحكومي الذي كشف أمس وزير الاقتصاد والمالية عن تفاصيله وأرقامه خلال جلسة مشتركة للغرفتين، كما سيتابع المراقبون والرأي العام تدخلات الفرق البرلمانية لتحليل ما جاءت به الحكومة، ودراسة مختلف السياسات العمومية على ضوء ذلك، وأيضا تقديم أفكار مضادة ومقترحات تنطلق من طبيعة اصطفاف هذا الفريق أو ذاك.
لا شك، أن الكل، أغلبية ومعارضة، يدرك اليوم سياق المرحلة، خاصة ما يرتبط بالجفاف، وأيضا بالأزمات المالية والاقتصادية التي يشهدها الجوار الأوروبي، بالإضافة طبعا إلى إكراهات وطنية أخرى، ومن المهم أن تحضر كل هذه القضايا كمنطلقات في التحليل وفي التوقع، دون أن تتحول إلى واجهات للمزايدة وللشعبويات الفجة، وبالتالي، فإن مسؤولية الجميع تحتم الانتقال بأعمال الدورة البرلمانية الاستثنائية إلى ما يجعلها محطة لنقاش وطني رصين وعميق بشأن المستقبل التنموي والديمقراطي للبلاد.
إن الدورة البرلمانية الاستثنائية، تعتبر، في الواقع، أول محطة حقيقية لمناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعبنا، وأيضا أول مناسبة لاختبار تميز التركيبة الجديدة لمجلس النواب بالخصوص، ولهذا نأمل أن ننصت هذه المرة إلى مرافعات ذات جودة في المضمون وفي الشكل وفي الأفق حول السياسات العمومية في مختلف المجالات، وخاصة من لدن المعارضة البرلمانية.
سنكون قد أضعنا جميعا الفرصة إذا حكمنا من جديد على هذه المناسبة أن تبقى مقيدة ومكبلة بسجالات فقهية ودستورية منغلقة، وسنكون قد أصبنا شعبنا بالإحباط والخيبة إذا أعدنا إنتاج نفس الصور السابقة لما قبل 25 نونبر الماضي، وحولنا جلسات البرلمان إلى حلبات لتبادل الصراخ والسباب والشتائم بين ممثلي الأمة.
لقد خول الدستور الجديد عديد صلاحيات للبرلمان، ولفرق المعارضة داخله، ولهذا لابد من استثمار ذلك، كما لا بد للحكومة أن تحفز، من جهتها، على التأسيس لدينامية جديدة في العلاقة بين السلطتين، ولنفس متقدم في المناقشات، وكذا في الصورة المرسلة للمواطنين وللعالم عن منظومتنا السياسية والمؤسساتية والبرلمانية.
وإن مناسبة تقديم القانون المالي والمصادقة عليه، هي محطة جوهرية ستنتقل بالحكومة وأغلبيتها إلى مستوى آخر، أي إلى مرحلة الإنجاز الفعلي لالتزاماتها، وبالتالي بداية مرحلة المحاسبة الفعلية، ولذلك، فهي مدعوة اليوم إلى بعث إشارات قوية حول برامجها المستقبلية، وحول الأفق التنموي الجديد الذي تود أن تدرج البلاد ضمن سياقه، كما من واجبها أن تعزز الحضور الميداني والفعلي وسط الناس، وأيضا من خلال تقوية التواصل مع المغاربة حول مختلف رهانات المرحلة وآفاقها، وحول تفاصيل السياسات المعتمدة.

[email protected]

Top