قضية الصحراء في مجلس الأمن

بدأ مجلس الأمن أمس مشاوراته بشأن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بخصوص الصحراء، ويتوقع أن تنتهي هذه المناقشات إلى المصادقة على تمديد ولاية (المينورسو) عاما آخر، وتعزيز طاقمها لتقوية قدراتها في الرصد.
وتجري المناقشات هذه السنة في ضل وجود المملكة عضوا غير دائم في مجلس الأمن، وأيضا في سياق التحولات السياسية الكبيرة التي شهدتها بلدان شمال إفريقيا، وتداعيات ذلك على الصعيدين الأمني والاستراتيجي في المنطقة، وفي جوارها، كما أنها تتم في غمرة مسلسل إصلاحي وديمقراطي عميق يخوضه المغرب، وينال تقدير المجتمع الدولي، ما يجعل الأنظار اليوم منصبة على انفصاليي البوليساريو وعلى الجزائر، كونهما بقيتا استثناء على مستوى الديناميات الديمقراطية المتنامية في المنطقة.
عندما يشدد الأمين العام للأمم المتحدة اليوم في تقريره، على استبعاد خيار الاستفتاء، ويجدد تمسك الأمم المتحدة بقرارات مجلس الأمن التي تدعو للبحث عن حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وعندما يذكر أيضا أن بعثة (المينورسو) تعد أولا (أداة لإرساء الاستقرار) و (آلية لدعم تفعيل القرارات المتتالية) لمجلس الأمن، فمعنى ذلك أن المجتمع الدولي مستمر في اقتناعه بأن الحل لهذا النزاع المفتعل يمر عبر الخيار السياسي، وهو ما كان المغرب قد استجاب له مذ عرض مقترح الحكم الذاتي، كما أن التحديات الأمنية والإستراتيجية المطروحة اليوم على المنطقة برمتها تجعل استمرار النزاع بمثابة تهديد حقيقي للوضع الإقليمي، وتجعل صيانة الاستقرار والأمن بمثابة هدف جوهري للمنتظم الدولي في هذه المرحلة بالغة التعقيد والحساسية.
إن المغرب الذي شهد الكثيرون عبر العالم بمصداقية وجدية وواقعية مقترحه المتعلق بالحكم الذاتي، زاد اليوم في تعزيز مصداقيته من خلال الإصلاحات المؤسساتية والسياسية التي باشرها في الداخل، ومن خلال تفاعله الايجابي المتميز مع حراك الشارع، وهي الخطوات التي لم يغفل تقرير الأمين العام الأممي الإشارة إليها، والتنويه بها، ما يجعل هذا التميز الديمقراطي ورقة هامة في يد الديبلوماسية المغربية، ومن الضروري انخراط الجميع في الوعي بمحوريتها، وبضرورة الاستمرار في تقوية تجلياتها وتفادي التراجع.
وفي السياق نفسه، فان مواصلة مسلسلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، وتلبية المطالب الاجتماعية للساكنة المحلية، وخصوصا الشباب والنساء، من شأن ذلك تقوية انخراط السكان في الانشغال بتدبير شؤونهم المحلية، وأيضا تمتين الجبهة الداخلية الوطنية دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة، وهذه الورقة هي التي مكنت المغرب دائما من الانتصار على خصومه.
مواصلة الإصلاحات الديمقراطية في البلاد، وتعزيز التنمية المحلية في الأقاليم الجنوبية، وتقوية الجبهة الوطنية الداخلية، بالإضافة إلى مواصلة التعاون مع الأمم المتحدة، والاستمرار في مساعي بناء الاتحاد المغربي، هي واجهات الحراك المغربي اليوم دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة.
[email protected]

Top