العرائش

ما يحدث في دواوير اشليحات واسحيسحات بإقليم العرائش يفرض التوقف والانتباه، ويتطلب أولا وقبل كل شيء الوقف الفوري للعنف المتسيد هناك.
لقد حدثت مواجهات بين السكان وقوات الأمن، ونتجت عنها الكثير من الإصابات، كما تم اعتقال العشرات وفر آخرون إلى الغابات والدواوير المجاورة، وتعددت الروايات بشأن ما حصل، وتوجد شركة أجنبية في وسط الحكاية كلها، لكن السؤال هو لماذا ترك الأمر إلى أن بلغ ما بلغه اليوم؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
اليوم قد يكون لتدخل السلطات ما يبرره من أجل فرض الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن ذلك يجب أن يتم، في كل الأحوال، في إطار التقيد الصارم بالقانون، وتفادي الاعتداء على الناس، أو انتهاز الفرصة للانتقام من النشطاء الحقوقيين والفاعلين الجمعويين، وفبركة ملفات ضدهم.
إن القدرة على الالتزام بالقانون تكون ضرورية في مثل هذه المواقف الحرجة والاستثنائية بالذات، وبالتالي، فإن الكفاءة يجب أن تحضر هنا، أي في التوفيق الجدلي بين تحقيق الأمن والتقيد بالقانون، وأيضا في القدرة على التوقع واستباق التوترات وتفاديها.
من جهة ثانية، فإن ما يجري اليوم في ضواحي العرائش، كانت له بداية، وقد شهد امتدادا وتطورات منذ مدة، فمن المسؤول إذن عن كل هذه التطورات التي أدت إلى ما أدت إليه اليوم؟
وعندما تتغاضى السلطات عن بعض التجاوزات، وتترك مناطق، في العرائش وفي غيرها، لبعض مسؤولي الإدارة الترابية أو لبعض المنتخبين يتعاطون معها كما لو أنها محميات مسجلة بأسمائهم، ويعيثون فيها فسادا، ويصمون آذانهم عن شكاوى الناس، ويغمضون عيونهم عن المشاكل والتوترات عندما تكون في بداياتها، فإن ذلك هو ما يوصل الأمور إلى ما يتعرض له سكان اشليحات واسحيسحات اليوم.
الكثيرون في إقليم العرائش كانوا يعرفون المشكل وتفاصيله، والعديد من الاجتماعات عقدت وأسفرت عن اتفاقات والتزامات متبادلة، لكنها في الغالب بقيت مدونة في الأوراق فقط، ولذلك دب اليأس والإحباط والحنق إلى النفوس، وانطلقت الاحتجاجات.
الآن، وقد حصل ما حصل، فإن الأولوية يجب أن تتجسد في طمأنة الناس، وجعلهم يعودون إلى بيوتهم، وتحقيق الأمن للساكنة، وتفادي المتابعات والمطاردات والاعتقالات العشوائية، وفتح تحقيق في كل ما قد يكون حدث من خروقات وانتهاكات خلال الأيام الأخيرة، وفي نفس الوقت الشروع الفوري في حوار جدي ومسؤول مع المعنيين في المنطقة من أجل الاتفاق على حلول للمشاكل التي كانت وراء اندلاع الأحداث، والإقدام على تنفيذها في أسرع وقت، كي تعم الثقة وسط السكان، وحتى يحسوا بأن الدولة موجودة فعلا، وتسهر على فرض القانون على الجميع، وحماية حقوق ومصالح الجميع.
إن السياق السياسي والمجتمعي، وأيضا الإرادة المعبر عنها في مغرب اليوم لا تسمح بمثل ما تعانيه دواوير العرائش اليوم.
[email protected]

Top