الخطأ

روجت منابر صحفية  وطنية، ورقية والكترونية، لخبر غير صحيح يرتبط بفشل متوهم للمغرب في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، وأوردت مصادر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، ردا على الخبر الزائف، أن المغرب مرشح لنيل هذه العضوية لعامي 2014 و2015، وهو ما لن يتم التصويت عليه إلا في فبراير2013، ما يعني أن ترشيحه هذا لا زال قائما، وأنه لم يفقد أية عضوية لأنه ببساطة لم يكن يتوفر عليها. ما اقترفته بعض صحفنا لا يعني فقط غياب التحري بشأن حقيقة الخبر قبل نشره، ولا أنها أبانت عن سهولة تمرير خطابات كاذبة من بين سطورها، وإنما كشف كيف تؤدي الخفة والجهل إلى التورط في حملات ضد البلاد وسمعتها، كما أن المصيبة بدت كبيرة لما شرع بعض كتبتنا في الانطلاق من نشر الخبر الكاذب لاقتراف جرم آخر زعموا أنه تحليلا وتعليقا وبحثا في الخلفيات والكواليس وووو……
لسنا هنا فقط أمام مشكلة ترتبط بأخلاقيات المهنة، وإنما نحن أمام ضعف التكوين، والعجز عن ممارسة البحث والتحري، كما أننا أمام ضعف كبير في  (الفهامة)، وفي درجة التقدير للأشياء والوقائع والأخبار، وهذه، في واقع الأمر، معضلة حقيقية تطرح نفسها على مهنتنا، وعلى بعض المنتسبين إليها.
في السياق نفسه، فان تورط فاعلين حقوقيين في هذه (الجهالة)، عبر تقديم تصريحات وتعليقات للصحف حول موضوع لا يوجد إلا في مخيلاتهم، هو سلوك يصدمنا فعلا، ويدفعنا إلى مساءلة بعض مكونات حركتنا الحقوقية بخصوص ما يقترفه بعض الناطقين باسمها، لأن مثل هذه الأخطاء تضرب مصداقية المنظمات الحقوقية في الصميم، وتسائلها في نزاهتها، وفي حرفية عملها، وفي قدرة مسؤوليها على ممارسة تحريات بسيطة قبل الانطلاق في رياضة الكلام واللغو.
إن مثل هذه الزلات تشجع خصوم حرية الصحافة في بلادنا لتكثيف هجومهم على المهنة وأهلها، كما أنها تشجع أوساط محافظة متعددة على استهداف الجمعيات الحقوقية في مجموعها وباطلاقية، وفي الحالتين سيكون المخطئون، من بيننا، قد قدموا خدمة كبيرة لخصوم الديمقراطية وحقوق الإنسان من حيث لا يدرون.
وان ما اقترفته بعض وسائلنا الإعلامية كشف أيضا عن تنافس غريب في كيل الاتهام والتشويه للبلاد، وهذا أيضا يطرح مشكلة حقيقية في معنى الأشياء، وهذه العلاقة مع البلاد تحتاج لوحدها إلى كثير تأمل على صعيد بعض كتاباتنا الصحفية، وتطرح علينا جميعا أكثر من سؤال، فضلا على أن هواية نشر الإشاعات لم تعد الآن محصورة في الأشخاص والهيئات، وإنما انتقلت إلى ما يهم المغرب وموقعه في الخارج وعلاقاته الدولية، وان كان هذا ينبهنا إلى حاجتنا إلى تشريعات تتعلق بالمعلومة والوصول إليها ونشرها، فهو أيضا يدق النواقيس من حولنا بشأن أخلاقيات مهنتنا نفسها والمستويات المعرفية والثقافية والسياسية التي تسبح داخلها.
لنعترف بالنواقص، ولننكب جميعا على إيجاد الحلول.
[email protected]

Top