أوراش 2013

نودع عاما، ونستقبل اليوم آخر يحمل كثير تحديات ومهام لبلادنا في إطار إنجاح مسلسلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بها، وكسب رهانات الإصلاح المتعددة
نودع عاما كان حافلا بالأحداث والسجالات والآراء والوقائع، وكان أيضا مفتوحا على المقارنة بين ما تعيشه المملكة وما يحياه جوارها المغاربي والعربي من مآسي وأزمات ومنغلقات.

ولعل أهم ما يمكن الاحتفاظ به كحصيلة للسنة التي نودعها، هي أن المغرب واصل حماية استقراره العام، وواصل تميزه عن بلدان الحراك التي تعيش اليوم مآلات محاطة بكثير من الغموض والخيبة وانسداد الأفق، وهذه الميزة لا يجب أن تكون مبرر جمود للمملكة، وإنما لابد أن تؤسس لدينامية إصلاحية أكثر قوة وسرعة في مختلف مناحي الحياة، وهذا هو عنوان الأجندة الوطنية المطلوبة بالنسبة للعام الجديد الذي نفتح له الباب اليوم ليلج حياتنا جميعا.
2013، يجب أن تشهد إذن انطلاق وعي جديد وسط طبقتنا السياسية برمتها وفي الحقل الاقتصادي والاجتماعي، حول حاجة البلاد إلى رفع مستوى الحوار السياسي الوطني، والابتعاد به عن انحطاط بدأ منذ شهور يغل أعناقنا كلنا، وبالتالي فقد صار من المستعجل اليوم انكباب الكل على القضايا الجوهرية ذات الصلة بتنمية البلاد، وبتحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، وبمواجهة كل ما يتهدد المغرب من مخاطر حقيقية.
2013، يجب أن تجسد اقتناعا حقيقيا لدى الجميع، بأن البلاد(ماقطعاتش الواد ونشفو رجليها)، وبأن الصعوبات موجودة وحقيقية، ولم تخلق أمس أو أول أمس، وإنما بعض تجلياتها الحالية تجد تفسيرها في قرارات وسياسات سابقة لابد لكثيرين أن يتحملوا المسؤولية بشأنها، أو على الأقل أن يصمتوا حياء، كما أن حنين البعض إلى استعادة بعض ممارسات التحكم والعبث في الحقل السياسي الوطني يعني اليوم المغامرة بمستقبل هذه البلاد، وهذا ما يجب رفضه من لدن كل القوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية وذات القرار المستقل.
2013، يجب أن تعني لدى الحكومة عام تكثيف المنجز على الأرض، وجعل المواطنات والمواطنين يحسون ويلمسون التغيير في حياتهم اليومية، أي فيما يتعلق بعيشهم وبمستوى الحياة المتاح لهم.
2013، عام لتنزيل مقتضيات دستور المملكة، أي إخراج القوانين التنظيمية والقوانين العادية والآليات والهياكل التي ستمنح للوثيقة الدستورية المعنى والحياة على أرض الواقع، وذلك بحسب الأولويات الحقيقية للناس.
2013، عام استكمال بناء وتفعيل المؤسسات التمثيلية المحلية والإقليمية والمهنية والجهوية، وجعل الغرفة البرلمانية الثانية منسجمة مع السياق الدستوري والمؤسساتي الجديد، بالإضافة إلى تنزيل الجهوية على ارض الواقع، وذلك بما سيتيح بلورة إصلاح حقيقي للدولة ولعمل المؤسسات وفق ما نص عليه الدستور الجديد.
2013، سيكون عام الإعلان عن حصيلة الحوار الوطني حول العدالة، وبالتالي مناسبة للانتقال إلى أجرأة الإصلاح بشكل ملموس، سواء في مجال القضاء أو في مجال عمل مختلف المؤسسات الأمنية، أو في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو في مجال تخليق الحياة العامة وتخليق مجال الأعمال والفعل الاقتصادي، وبالتالي تقوية أسس دولة القانون والمواطنة في البلاد.
2013،عام إبراز إجراءات ملموسة في مجال محاربة الرشوة والفساد وتخليق المرفق الإداري وتأهيله، وهو أيضا عام تعزيز وتقوية الدينامية الجارية لإصلاح وتأهيل قطاع الصحة وضمان حق المغربيات والمغاربة في الصحة، وفي الولوج إلى العلاج والدواء.
2013،عام لطرح واقع ومستقبل التعليم في بلادنا بشكل جدي وشجاع لإيجاد الأجوبة لكل ما يشهده القطاع من اختلالات ومعضلات
2013،عام لتفعيل إجراءات وبرامج ملموسة في مجال التشغيل والحد من البطالة ن خصوصا وسط الخريجين، كما أنه عام لمواصلة وتكثيف العمل الرامي لمعالجة قضايا ومشاكل السكن والتعمير ومختلف اختلالات المدن…
2013، يتطلع خلاله شعبنا إلى التنزيل الديمقراطي الحقيقي لترسيم الأمازيغية، وللنهوض بالتنوع الثقافي في بلادنا، وأيضا تأهيل حقلنا الثقافي والفني،  بالإضافة إلى تفعيل إصلاح حقيقي للصحافة والإعلام، وكل هذه مجالات تعتبر حاضنة للقيم والتطلعات المؤسسة لمشروعنا المجتمعي المرتكز على الحرية والمساواة وحقوق الإنسان والانفتاح والتعددية.
2013، عام لطمأنة المغاربة بخصوص إصلاح صندوق المقاصة، وإصلاح أنظمة التقاعد، وتقوية منظومة التضامن في البلاد بما يعزز التماسك الاجتماعي، ويحمي القدرة الشرائية للفئات الفقيرة والمتوسطة من شعبنا.
2013، عام جديد لمواصلة الإصرار على انخراط المملكة في منظومة قيم حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، والانتصار للمساواة واحترام حقوق المرأة، ودفاع الجميع عن الحرية في مختلف المجالات..
هي أوراش كثيرة ومتعددة إذن يتطلع المغاربة كي تكون سنة 2013 عام تحقيقها وإنجاحها، وبالتالي مناسبة لبعث إشارات قوية وملموسة بشأن السير الحكومي والمجتمعي نحو كسب كل رهاناتها.
2013، عام العمل.
[email protected]

Top