اختتام دورة البرلمان

بغض النظر عن تجاذبات وسياقات الدورة البرلمانية التي اختتمت أمس الجمعة، وبغض النظر أيضا عن سير مداولات الجلسة العامة التي انعقدت أول أمس الخميس بمجلس النواب،

وما قد يكون لبعض مقرراتها من تطورات مستقبلا، فمن المؤكد أن دورة الربيع لم تكن زاهرة ويانعة من حيث الحصيلة على صعيد الغرفتين معا، ويكاد يجمع كل الفرقاء اليوم أن مؤسستنا التشريعية لم تنجح بعد في الارتقاء بعملها وأدائها إلى مستوى ما صار يمنحه لها الدستور من صلاحيات واسعة.
البرلمان اليوم يعتبر ورشا رئيسيا في التحدي المطروح على بلادنا، والمتمثل في تأهيل منظومتنا السياسية والانتخابية والحزبية، وذلك وفق ما يتصوره دستور 2011، وهذا هو الامتحان الذي يتطلب انخراط الجميع، وذكاء الجميع، و… عقل الجميع.
سيبقى عالقا في ذاكرة المتابعين لشأننا البرلماني والسياسي من دورة أبريل التي اختتمت أمس، تلك المبارزات الصبيانية بين البرلمانيين، وتغييب عدد من «المشرعين» للعقل خلال السعار المفتقر للمعنى والمنطق الذي أحاط بالحديث عن توزيع الغلاف الزمني لجلسة مساءلة رئيس الحكومة، بالإضافة طبعا إلى سلوك فرق نيابية بكاملها تتفق مع حلفائها على موقف ثم ما تلبث أن تتراجع عنه، ولا تتردد في الاعتراف بذلك، بكل ما تعنيه التفاهة والرعونة من .. خبل.
هل هذا هو البرلمان الذي يستحق المغاربة في زمن الدستور الجديد؟
طبعا لا ومليون لا، وعندما نقدم الأمر بهذه الصورة الطافحة بالعبث، فليس في الأمر أي مبالغة أو قسوة، وإنما في ذلك تعبير عن القلق، أي القلق عن مستقبلنا الديمقراطي والسياسي كبلد وكأمة.
لقد جاء خطاب العرش الأخير متضمنا لوضوح ملكي، ولإصرار على مواصلة مسلسل الإصلاح، محفزا الحكومة على المضي قدما، ويقتضي إعمال هذا التوجيه الملكي وجود برلمان جدي وقوي ومنتج، وأيضا برلمانيين أكفاء يمتلكون المصداقية السياسية والعلمية والأخلاقية اللازمة، من أجل تأهيل الممارسة السياسية والبرلمانية والحزبية والانتخابية في بلانا.
لقد وضع خطاب العرش حدا لأزمة افتعلت حول الحكومة وداخل أغلبيتها، وبقي على المعنيين اليوم تمثل النظر الملكي لاستعادة الاستقرار والانسجام و… الجدية، من أجل الانكباب على العمل، ولكن أيضا يجب أن نمتلك برلمانا ذا قوة عملية وسياسية واضحة، ويمتلك استقلالية عقلانية وعملية، ويتشكل من برلمانيين يتوفرون على بعد النظر، ويفكرون أبعد من أنوفهم، أي لمصلحة البلاد ومستقبلها، وما عدا هذا التوجه، فسنبقى  في كل مرة نعود لتكرار البدايات.
البرلمانيون إذن، مطالبون اليوم بالتأمل في أدائهم، وفي صورتهم وصورة المؤسسة التشريعية لدى المواطنات والمواطنين، ومن ثم العودة مع انطلاق الدورة الجديدة بمخططات عمل، وبتصور واضح لمنظومة العمل على ضوء الدستور الجديد، ومختلف التحديات المطروحة على البلاد.

[email protected]

 

Top