أعلنت الأمم المتحدة، أول أمس الخميس، أن موفدها إلى الصحراء المغربية كريستوفر روس سيتوجه، يومه السبت، إلى المنطقة في محاولة لإحياء مفاوضات السلام بين المغرب وانفصاليي جبهة البوليساريو، أو على وجه الدقة بين المغرب والجزائر.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، إن جولة روس ستستمر حوالي عشرة أيام، سيجري خلالها لقاءات مع مسؤولين في كل من المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، والجزائر الراعية للانفصال في المنطقة، وموريتانيا، قبل التوجه إلى مدريد.
ولا تعتبر زيارة روس مفاجئة من حيث التوقيت، فقد سبق للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، في الخامس من نونبر الجاري، أن شدد على ضرورة الإسراع بحل هذا الملف المفتعل من قبل الجزائر قبل انتهاء ولايته نهاية السنة القادمة. وقال بان كيمون في بيان أعقب التقرير الذي قدمه مبعوثه كريستوفر روس، إن الوضع في الصحراء، بعد أربعين سنة أصبح “مقلقا أكثر فأكثر”، معبرا عن أمله في دفع هذا الملف قدما، وفي أسرع وقت، قبل انتهاء ولايته على رأس المنظمة الدولية في نهاية 2016.
ودعا بان كيمون، في البيان ذاته، كل الأطراف المعنية داخل المنطقة وداخل المجتمع الدولي الأوسع نطاقا إلى “استغلال الجهود المكثفة لروس لتسهيل البدء في مفاوضات حقيقية في الأشهر القادمة”، مضيفا أن هذه المفاوضات يجب أن تتم “بدون شروط مسبقة وبحسن نية..”.
والواضح أن بان كيمون يضع في بيانه أرضية للمفاوضات تقوم على حسن النية، لكنه لا يكترث لانزياحات وانحيازات مبعوثه الشخصي ولانزلاقاته التي سبق وأن أدى ثمنها بعد سحب المغرب الثقة منه سنة 2012 . وهي سلوكات وضع المغرب تدابير استباقية لها، أولا بفرض لقاء روس بالرباط ومنع جولاته الاستفزازية في الصحراء المغربية، وثانيا من خلال الإعلان عن ثورة حقيقية في تدبير شؤون الأقاليم الجنوبية استجابة لحاجيات النهوض بهذه المنطقة وساكنتها.
صحيح ، كما قال بان كيمون، في بيانه، أن الوضع في الصحراء بعد أربعين سنة “يصبح مقلقا أكثر فأكثر”، وأنه ينوي “زيارة المنطقة قريبا وقد توصلت الأطراف إلى الحل النهائي”. وهو ما يتمناه المغرب الذي أبدى، مع ذلك، حرصا واضحا على أن لا تتم المفاوضات على أساس الوضع القائم الذي فرضه كريستوفر روس في هذا الملف، بإيعاز من الدبلوماسية الجزائرية النشيطة بفضل دولارات نفط الشعب، في كواليس الأمم المتحدة.
حرص المغرب تمثل في لجوئه إلى كسر استباقي لهذا الوضع من خلال المرور إلى عملية الهجوم، بدل انتظار “عجينة روس”. هجوم أعلن عنه المغرب بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، سواء عبر الخطاب الملكي أو من خلال الاحتجاج أمام مقر “المينورسو” بالعيون، أو عبر المشاريع الضخمة الموجهة للنهوض بالأقاليم الجنوبية.
فخطاب جلالة الملك محمد السادس الأخير، واحتجاج نحو 30 ألف أمام مقر “المينورسو” بمدينة العيون مطالبين برحيلها، والمشاريع التنموية غير المسبوقة، رسالة واضحة لروس ولبان كيمون وللمنتظم الدولي مفادها أن المغرب يمضي نحو مسيرة تنموية للأقاليم الجنوبية، كما هو الحال في باقي أقاليم المملكة، وبالتالي فهو في صحرائه وسيبقى فيها، ولن يقبل بأكثر من الحكم الذاتي كمقترح قدمه ولقي قبول المنتظم الدولي قبل أن تلتف عليه الجزائر التي لا ترغب في حل نهائي يضع حدا لهذا النزاع المفتعل.