خلية «السيبرنيتك»

نجحت المصالح الأمنية المغربية في تفادي حمام دم كان يمكن أن تتسبب فيه خلية إرهابية جرى تفكيكها، عشية احتفالات رأس السنة الميلادية التي تتميز بإقبال عدد من السياح وشخصيات عالمية على مدن مغربية لقضاء عطلة العام الجديد. وبالرغم من شح الأخبار عن الخلية المفككة وعناصرها، فإن ما كشفته وزارة الداخلية يبين أن الأمر يتعلق بعناصر تمتلك خبرات في مجال الأنترنيت والتقنيات الحديثة، كما أنه  لأول مرة يجري الحديث عن خلية كانت تعتزم استخدام سيارات مفخخة لشن هجمات إرهابية، وهي إشارة تحيل على تجارب تنظيمات مماثلة في العراق وأفغانستان، وعلى تقنية سبق أن استعملت أيضا في الجزائر.
وبحسب ما أعلن رسميا لحد الآن، فإن العناصر التي ألقي عليها القبض كانت تنوي تنفيذ عمليات تفجيرية ضد عدد من المراكز الأمنية والمركبات السياحية فضلا عن مصالح أجنبية بالمملكة، إلى جانب أعمال مماثلة بمناطق توتر خارجية، وهي إشارة أخرى فهم منها أنها تعني: منطقة الساحل والصحراء، العراق وأفغانستان، كما أن المعطيات المتوفرة تؤكد أن عناصر الخلية المفككة لها علاقة بعنصر كان تدرب على صناعة المتفجرات في معسكرات تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بمالي.
إن الارتباطات المشار إليها، تعيد إلى الواجهة من جديد موضوع التنسيق الإقليمي بين البلدان المغاربية لحماية أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، ومن أجل تكريس السلم والأمن في منطقة المتوسط برمتها، كما أن الأمر يكشف، مرة أخرى، حجم المخاطر التي تتهدد منطقتنا جراء عناد المسؤولين الجزائريين، وإصرارهم على إفشال التنسيق المذكور.  
من جهة ثانية، فإن المعطيات الجديدة المحيطة بالخلية المفككة وارتباطاتها الخارجية، تؤكد أن التنظيمات الإرهابية، وأمام الانحسار الذي تعاني منه في بعض المناطق مثل العراق وأفغانستان، باتت تركز استهدافها على منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، ما يفرض تكثيف التعاون مغاربيا ومتوسطيا ودوليا لمواجهة المخاطر.
وطنيا، لقد جرى الإعلان عن تفكيك الخلية الجديدة بعد بروز أخبار تفيد إلقاء القبض على عدد من عناصر تنتمي إلى جماعات متطرفة في مجموعة من المدن، ويرجح أن  تكون عناصر الخلية المفككة من ضمن هذه الأوساط، كما أنه في الأيام الأخيرة أقدم تنظيم متطرف على إصدار تهديدات أمنية، حذر خلالها من تنظيم الاحتفالات برأس السنة الميلادية، ودعا أنصاره إلى مواجهة ذلك، وهذه الظرفية دفعت السلطات المغربية إلى رفع حالة التأهب الأمني إلى درجتها القصوى، إلى غاية الأيام الأولى من العام الجديد.
المصالح الأمنية المغربية نجحت مرة أخرى في منهجيتها الاستباقية، وهو الأسلوب الذي اتبعته في السنوات الأخيرة لتفكيك عدد من «الخلايا النائمة»، وتقتضي ظرفية بلادنا ومحيطها اليوم تعزيز هذه المقاربة، وتوفير إمكانات نجاحها، وإحاطتها بمنظومة تدبيرية متكاملة تشمل التواصل والإخبار المستمر، وأيضا الحرص على احترام مقتضيات القانون .

Top