بني ملال: في الملتقى العلمي السادس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية

التأكيد على دور السلم والأمن لتحقيق التقدم والرفاهية
احتضنت مؤخرا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال وعلى مدى يومين، أشغال الملتقى العلمي السادس للمجلس العلمي المحلي لبني ملال، في موضوع « السلم والأمن في الإسلام : الأصول الشرعية والتجليات التاريخية «. وعرف الملتقى حضورا متميزا تمثل في والي جهة تادلا أزيلال، رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، و عمداء المؤسسات الجامعية، و رؤساء المجالس العلمية بالجهة، وممثلي السلطات المحلية والمنتخبين، وممثلي مختلف المنابر الإعلامية.
خلال هذا الملتقى، أشار رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، الأستاذ بوشعيب مرناري، في مداخلته في الجلسة الافتتاحية إلى دور الجامعة في التأطير العلمي وتفاعلها مع المحيط السوسيو اقتصادي، مبرزا، أن المغرب يعتبر نموذجا للسلم والأمن والتعايش والتسامح بين مختلف مكوناته، موضحا أن المملكة تتميز بطابعها وأصولها الجماعية الموحدة التي تثبت وتبرز بشكل مميز هويتها في الإسلام من خلال إمارة المؤمنين.
أما عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال يحيى الخالقي، فأبرز، من جانبه، أن موضوع السلم والن في الإسلام شكل محط انشغال الدارسين والباحثين بمختلف مشاربهم العلمية والدينية، لما له من أهمية كبيرة في الساحة الفكرية والثقافية، مضيفا أن هذه الأهمية ازدادت خاصة في الفترة الراهنة، بسبب طرحها لمجموعة من التساؤلات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بإشكاليات التعايش والانفتاح والتكامل والاندماج، من أجل تحقيق التقدم والرفاهية والتنمية من جهة، وتأمين تنقل وحركية الناس والمال من جهة أخرى.
وأشار الخالقي إلى أن الإشكال الكبير المطروح على الساحة الفكرية والثقافية الإسلامية المعاصرة، يكمن في كيفية التواصل والتعريف بدور القرآن في تثبيت الأمن والسلم والاستقرار ونشر قيم التسامح والمحبة لبني البشر كيفما كانت دياناتهم وعقيدتهم. وقال في هذا الصدد، «وهذا الأمر مطلوب أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل التحولات العميقة والصراعات التي يعرفها العالم اليوم».
أما الدكتور سعيد شبار رئيس المجلس العلمي المحلي بني ملال، فقد أكد في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى، أن المغرب، وهو ينعم بالسلم والأمن، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، غدا قبلة للدول للتزود من تجربته والاهتداء بهديه في الدين الوسطي المعتدل المبني على خيارات المغاربة منذ القديم في الفقه والعقيدة والسلوك وإمارة المؤمنين، وفي السياسة والتدبير الأمني المندمج والمتكامل والمتعدد المداخل والمقاربات للقضايا الحساسة التي لا تزال تعمق من حدة الصراع بين مختلف الفرقاء بالدول الأخرى، والتي استطاع المغرب أن يخلق فيها حالة من الإجماع والوحدة والانسجام.
وبعد أن ذكر بحاجة البشرية اليوم للسلم، ورغبة الكثير من البلدان في الاستقرار والأمن، أوضح شبار أن الدين الحنيف جعل من كلمة السلام، التي لا تعني شيء آخر غير السلم، تحية الإسلام بين المسلمين، وبينهم وبين غيرهم من الأمم الأخرى، بالإضافة إلى جعل ثمرة الإيمان هي الأمن، وثمرة الإسلام هي السلم.
«وتروم هذه التظاهرة ليس فقط بيان الأصول الشرعية للأمن والسلم وتجلياتهما التاريخية الخاصة والعامة، وإنما يقصد أيضا، إبراز صفة العالمية للخطاب الشرعي ودفع صفة المحلية والخصوصية التي تعمل دراسات عديدة متأثرة بالمرجعية الغربية على إلصاقها بمجموع منظومة الإسلام».
وحسب اللجنة المنظمة، فإنه يتأسس على هذه القصدية أهمية كشف ملامح النظرية الأمنية والسلمية الإسلامية في كل أبعادها الفردية والمجتمعية والدولية والكونية باعتبارها خيارا كونيا متضمنا للخيارات الناجعة والمثمرة في تجاوز مختلف مظاهر الأزمة العالمية فيما يتعلق بتحقيق الأمن والسلم في الواقع الإنساني المعاصر والمستقبلي.
وأضافت أن التنظير الفكري والاجتهاد العلمي المتعلق بتحقيق الأمن والسلم في الواقع المعاصر، يعتبر إشكالية حضارية لها جذور عميقة في الوضع الدولي المأزوم بشيوع ثقافة صدام الحضارات مقابل العمل على ترسيخ ثقافة الأمن والسلم العالميين، مشيرة إلى أن هذا الوضع العالمي المتسم بالإخفاقات الأمنية المتلاحقة والمشكلات المتفاقمة في تحقيق السلم العالمي، يمثل منطلقا مسوغا علميا وواقعيا في تناول المفهومين بالدراسة والتحليل من مدخل الرؤية المعرفية الإسلامية الكونية وتبيان مدى قدرتها على تقديم مسالك كلية لإرساء معالم السلام العالمي ومرتكزات الأمن الإنساني.

*

*

Top