فاجعة أمسكرود التي أودت بحياة أحد عشر شخصا، وخلفت إصابة أزيد من 22 آخرين، أحزنت وأبكت كل من سمع بها، كما أنها شكلت مأساة لأسر الضحايا والمصابين..
هي فاجعة أخرى تسببت فيها حرب حوادث السير، وقد ذكرتنا بفاجعة طانطان قبلها، وبفاجعة أطفال بلقصيري مؤخرا، وهول هذه المأساوية يجعل كل الكلام بدون معنى، والكلمات، بدورها، لم تعد تود الخروج…
كل الأسباب جرى استعراضها من قبل، ولوك الكلام جرى حولها طيلة عقود، ولكن لا زلنا إلى اليوم نفجع بكوارث هذه الحرب البشعة على طرقاتنا، وفِي كل مرة يكون هناك من يعيد اجترار ذات الكلام ونفس التفسيرات لما وقع.
هذا لم يعد ذَا أهمية كبيرة أيها السادة، ولم يعد مجديا “تدبير” اللحظة الحزينة فقط ضمن طبيعتها الظرفية، ولكن صار من المستعجل أن تقف هذه الحرب الاستنزافية المرعبة، أو على الأقل التخفيف منها.
اليوم، مطلوب من السلطات ذات العلاقة أن تقدم على خطوات جريئة وشجاعة وناجعة ومستعجلة بغاية التخفيف من حجم كل هذه الخسائر والمآسي التي تصيب شعبنا جراء حوادث السير.
وفضلا عن أعداد القتلى والجرحى والمعاقين والمعطوبين، الذين تخلفهم حوادث السير، وأيضا ما تتحمله، بسببها، العائلات، فإن هذه المآسي لها انعكاس سلبي كبير على مستوى الناتج الداخلي، وهي تعيق كذلك تقدم مستويات النمو الاقتصادي، وتترك وراءها أيتام وأرامل ومعوزين ومشردين، وتكرس مظاهر جديدة للهشاشة والعوز.
وكل هذا يضاف إليه طبعا الترتيب المتقدم الذي بلغته بلادنا ضمن الدول التي تشهد نسبا مخيفة في حوادث السير، وذلك سواء على الصعيدين المغاربي والعربي أو حتى على الصعيد العالمي، وهذا مؤلم حقا، بالنظر لكون المغرب ليس من مصلحته نهائيا تضييع أعداد من شبابه وموارده البشرية بسبب حوادث السير وحرب الطرقات، وفِي نفس الوقت الاستمرار في تدبيج بلاغات الكلام التي لا تقول شيئا، أو تصريحات جوفاء تقفز فيما بين التفسيرات والمبررات، وذلك بدل أن تتأمل في مخلفات هذه الحرب الحقيقية ومعاناة ضحاياها وأسرهم.
إن فواجع حوادث السير في بلادنا تجعلنا نلفت إلى مهنية السائقين ورصانتهم، ومستوى تكوينهم، والظروف المادية والاجتماعية والمهنية والنفسية التي يعملون فيها، وأيضا إلى واقع طرقنا ومستوى بنياتنا التحتية الطرقية وحالة العربات ونظام التشوير ونجاعة المراقبة في الطرقات، ومنظومة المراقبة والزجر وإدارة القطاع ككل، وغير ذلك، وهذه المجالات كلها تقتضي اليوم إنكبابا عاجلا من لدن السلطات لإيجاد حلول ذات فاعلية وإعمالها على أرض الواقع…
إن حجم ما تخلفه حوادث السير من خسائر للبلاد والمجتمع، وما ينتج عنها وعن آثارها من مآسي، وأيضا ما يتكبده الاقتصاد الوطني وميزانية الدولة من خسائر، كل هذا يفرض اليوم تعبئة كل الجهود والإمكانات لوقف هذه الحرب القاتلة المفروضة على بلادنا وشعبنا.
[email protected]