سوق السبت:رهانات المجلس الجماعي تبقى جد محدودة في ظل قرض بمئات الملايين

بعد المصادقة على مشروع ميزانية 2016
فـي اجتماعه الأخير، صادق المجلس الجماعي لبلدية سوق السبت بالإجماع على مشروع ميزانية 2016 وبرمجة الفائض التقديري، بعد نقاش مستفيض امتد حوالي أربع ساعات بقاعة الاجتماعات بتاريخ 21 أكتوبر من العام الجاري.
الاجتماع الذي كان مفتوحا في وجه كافة فعاليات المدينة بالإضافة إلى ممثلي وسائل الإعلام، افتتح بمداخلة للرئيس الجديد، رسمت صورة مشهد سياسي مستقبلي وصف بال” مختلف”، بخلفية تستند على قاعدة جماهيرية وبمؤشرات لغوية دالة، تدعو علانية إلى نبذ أسلوب المعارضة من أجل المعارضة وتبني منهج النقد البناء.
الكلمة، جاءت أيضا، لتخاطب الكل، وتدعو كافة المنتخبين للتخلي عن نزعتهم السياسية والذود عن حزب سياسي جديد اسمه مجازا “حزب سوق السبت” وأهدافه خدمة الصالح العام.
كلمة الرئيس، وإن كانت في العمق تسعى إلى ضمان أغلبية مريحة ولمّ شمل كافة الغاضبين، لم تمنع باقي الأعضاء من طرح أسئلة في  غاية الأهمية، همّت طرائق الاشتغال وإستراتيجية المكتب المسير في العمل، وسبل الإجابة عن أهم الرهانات والتطلعات العريضة للسكان في ظل ميزانية منهوكة بقرض مالي خيالي فاق حجمه المئات الملايين..
وبما أن ضعف السيولة لا يقبل حسن النية، ولا يستجيب لمتطلبات الساكنة، فإن النقاش انصب بقوة على كيفية تنمية المداخيل وتحصيلها، وامتد إلى درجة اتهام المجلس السابق بالتقاعس في جمع الباقي استخلاصه، البالغ حوالي ثلاثة ملايير من السنتيمات، وطرح علامات استفهام كبرى حول حجم القرض السابق( 6ملايير)، ونوعية المشاريع المنجزة به وطرق صرفه؟.
إلى ذلك، طال النقاش أهم الملفات المطروحة التي كانت موضوع احتجاجات خلال الفترة السابقة ومنها بالخصوص إشكالية ربط الدور العشوائية بشبكة الكهرباء وسبل الحد من البناء العشوائي، وكيفية معالجة إشكال الصرف الصحي بعدة أحياء من المدينة التي لازالت تعاني إلى حد الآن الأمرّين بسبب دراسات سابقة لم تأخذ بالحسبان إحداثيات المدينة بدقة.
وانتقدت بعض المداخلات صمت الآخرين عن تهرّب أسطول حافلات النقل العمومي التي تعبر من قلب المدينة (أزيد من 40 حافلة) وحافلات النقل الحضري، وعدد لا يُستهان به من الطاكسيات الصنف الأول من أداء واجباتها  الضريبية للبلدية .
وبدا موضوع احتلال الملك العمومي، لغزا بدون جواب، حيث تساءل احد المستشارين عن  الأسباب التي تدفع  مسؤولي المجلس  لمنح  تراخيص لمواطنين من اجل احتلال الملك العام مقابل دراهم معدودة لا تُغني ولا تسمن من جوع، وطالب آخرون بإتمام هياكل الملعب البلدي بسوق السبت وتشغيل مرافق المسبح، وتقنين المقابر، وإعادة النظر في طريقة عرض الميزانية، والسهر على المشاريع التي لازالت في طور الانجاز.
وغاب موضوع الحي الصناعي عن النقاش، والمركز الاجتماعي متعدد الاختصاصات وسبل إشراك المجتمع المدني كقوة اقتراحية في تدبير الشأن العام وخلص المتتبعون إلى أن الأسماء الجديدة لازالت لم تطبع بعد بطابعها الخاص سيرورة الاشتغال، وأن الأمر لا يختلف في جوهره عن السابق بما يعني أن بعض الصقور السياسية لازالت متحكمة بثقلها في دواليب العملية.
غير هذا، صادق أعضاء المجلس بالأغلبية المطلقة على الفائض التقديري، والذي استهدف بالأساس تحسين مناخ العمل للموظفين مع توفير آليات الاشتغال للمنتخبين والرئاسة الجديدة، حيث تم تخصيه لشراء عتاد النسخ والعتاد الالكتروني ومكيفات وهواتف نقالة..، ولم يستحضر ربما بقيمته الهزيلة (حوالي 69 مليون سنتيم فقط ) الجانب الاجتماعي للساكنة كما فعل على سبيل المجلس الإقليمي الذي خصصه للماء الشروب والكهرباء وإصلاح الطرق والممرات والمسالك بالعالم القروي.
وأهم ما ميّز الاجتماع الذي يقول المكتب المسيّر نفسه، انه اعترته  فعلا بعض النواقص بسبب ضيق الوقت، هو بعض المداخلات الجريئة والفصيحة والتي تكشف حقا عن تركيبة المجلس المنتخب ونوعيته، وهي تركيبة مشكّلة هذه المرة من طاقات متميزة وفعاليات سياسية وجمعوية، وإن كانت تجربة البعض منها في التسيير ضعيفة، إلا أن تحليلها للمشهد السياسي والوضع العام، ينمّ عن قدرة  كبيرة في معالجة القضايا وعن خزّان معرفي وإيديولوجي كفيل بطرح بدائل حقيقية وفتح قنوات التواصل مع الإعلام المحلي وفعاليات المجتمع المدني حول مختلف القضايا الكبرى، وهذا اكبر رهان ربحته النخبة المثقفة بالمدينة بالرغم من أنها فقدت العديد من الطاقات الأخرى التي لم يحالفها الحظ في تجاوز العتبة.

*

*

Top