أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، وهو ما يضع حدا للتكهنات التي دارت في الأيام الأخيرة حول ما إذا كان ترامب سينفذ ما تعهّد به خلال حملته الانتخابية أم سيقنعه القادة الأوروبيون بالعدول عن ذلك وتوقيع الاتفاق.
وقال ترامب إن اتفاقية باريس تهدف إلى إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وإعاقتها وإفقارها.
وأشار إلى أن الشعب الأمريكي سيدفع ثمنها، إذ أنها تضر الاقتصاد بشدة، وقال إنها تكلف الاقتصاد الأمريكي 3 تريليون دولار في الناتج العام وتقضي على 6 ملايين وظيفة صناعية.
وبانسحاب أمريكا من الاتفاقية، ستنضم إلى دولتين أخرتين لم توقعا على الاتفاقية عما سوريا ونيكاراغوا.
ووقعت 157 دولة على الاتفاقية، بإشراف من الأمم المتحدة، وظلت فترة التوقيع متاحة أمام الدول من 22 أبريل 2016 حتى يوم 21 من أبريل 2017.
وكانت آخر الدول الموقعة هي أوزباكستان في 19 أبريل، بهدف وقف ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال خفض انبعاثات الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري.
وتنص الاتفاقية على أن الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ستساعد في تحول الدول النامية نحو مصادر أنظف للطاقة، وعليها تقديم 100 مليار دولار بحسب الاتفاقية (إذ يتسبب اقتصادها في صدور انبعاثات ضارة بدرجة أكبر على مدار التاريخ).
وتهدف الاتفاقية إلى منع التدخلات البشرية الخطيرة في النظام المناخي والتي تشمل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتسعى أيضًا إلى حشد عالمي لمواجهة تهديد التغير المناخي.
وتنص الاتفاقية التي تسعى لتحويل الاقتصاد العالمي عن الوقود الأحفوري خلال هذا القرن، على ضرورة انتظار واشنطن رسميا حتى نوفمبر 2020 قبل الانسحاب من الاتفاقية.
ويأتي انسحاب أمريكا من الاتفاقية بعد توقيع الرئيس السابق باراك أوباما عليها في عام 2015، فاعتبره الجميع قائدا لمواجهة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في العالم.
وكان أوباما قد تعهّد بتخفيض الولايات المتحدة الأمريكية للانبعاثات الضارة المسببة لتغير المناخ بنسبة من 26% إلى 28% مقارنة بانبعاثات 2005 وذلك بحلول عام 2025.
وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى أن الانسحاب الأمريكي سيؤذي بشدة الاتفاقية والعالم، كما أنه قد يشجع دولا أخرى على عدم الالتزام.
وأضافت أن هناك قيادة أخلاقية للاتفاقية كانت تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية وتخلت عنها، كما أن الانسحاب بمثابة خطأ تاريخي سينظر إليه الأجيال القادمة وتشعر بالصدمة من كيفية تخلي الدول التي تقود العالم عن الواقع والأخلاق.
كما أن التوصل لاتفاقية باريس للمناخ كان تحت مظلة أمريكية صينية، واستطاع أوباما والرئيس الصيني شي جين بينج التوصل إلى أرضية مشتركة لبناء ما يسمى «تحالف بطموح كبير» بجانب دول صغيرة والاتحاد الأوروبي.
ومن جانبها، أعادت الصين مؤخرا التأكيد على التزامها بالاتفاقية ومن المفترض أن تصدر بيانا مع الاتحاد الأوروبي للتعهد بعمل أوسع لإيقاف انبعاثات الكربون.
ويعتبر ذلك فرصة للصين لفرض نفوذها أوروبيًا. ومن جانب آخر، سيُغضب قرار ترامب الشركات الكبرى في الولايات المتحدة والتي أعلنت تأييدها لاتفاقية باريس، من بينهم شركة جوجل وأبل، ومئات الشركات الأخرى التي تشمل عاملين في مجالات الطاقة مثل إكسون موبيل، والذين طالبوا ترامب صراحة بالالتزام بالاتفاقية.
ومن المقرر أن تساعد الاتفاقية على خفض الإنتاج في قطاعات الورق بنسبة 12% والأسمنت بنسبة 23%، والحديد والصلب بنسبة 38 % بحلول عام 2040
بقلم: محمد الصباغ