اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الأمن الاسرائيلية في القدس ومدن الضفة الغربية المحتلة، بعد تجمعات احتجاجا على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية.
وخرجت تظاهرات في تركيا وأفغانستان ومصر وتونس والأردن ولبنان والعراق وايران وماليزيا واندونيسيا أيضا احتجاجا على القرار الأميركي.
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدأت المواجهات في مدن رام الله والخليل ونابلس وبيت لحم وأريحا في الضفة الغربية المحتلة بعد صلاة الجمعة، وفي البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، بحسب مراسلين لفرانس برس.
في البلدة القديمة في القدس، تجمع نحو 200 متظاهر وقامت الشرطة الاسرائيلية بركلهم وضربهم بالهراوات.
وتم نشر مئات العناصر من قوات الشرطة بالقرب من البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة حيث يقع المسجد الأقصى.
والحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين، ويقع في القدس الشرقية التي ضمتها اسرائيل.
ونشر الجيش الاسرائيلي تعزيزات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.
من جهته، عقد مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة جلسة طارئة لبحث خطوة ترامب التي ووجهت بتنديد دولي، بما في ذلك من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وفي بادرة أخرى تعكس التوتر الفلسطيني الأميركي، تحدثت معلومات عن احتمال الغاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقائه بنائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي سيزور المنطقة قريبا.
وقال البيت الأبيض أول أمس الخميس إن احتمال الغاء اجتماع مقرر قريبا بين بنس وعباس سيأتي “بنتائج معاكسة”. وقال مسؤول في الرئاسة الأميركية لفرانس برس إن بنس “لا يزال يعتزم لقاء عباس كما هو مقرر”.
وتعذر الاتصال بمكتب عباس للحصول على تعليق على هذه التصريحات، لكن جبريل الرجوب المسؤول الفلسطيني في حركة فتح التي يتزعمها عباس، قال لفرانس برس إن بنس “غير مرحب به في فلسطين (…) والرئيس عباس لن يلتقيه بسبب التصريحات التي ادلى بها” عن القدس.
دعت حركة حماس الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة إلى “انتفاضة جديدة” ما يزيد المخاوف من تدهور الوضع الأمني.
وانتقدت كل دول العالم قرار ترامب. غير أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أغدق المديح على الرئيس الأميركي مؤكدا أن “اسمه سيدخل في تاريخ القدس”، داعيا دولا أخرى إلى أن تحذو حذوه.
وقرار ترامب الذي يأتي تنفيذا لأحد وعود حملته الانتخابية في 2016، يضع نهاية لسبعة عقود من الغموض الاميركي على وضع المدينة المقدسة التي تطالب بها اسرائيل والفلسطينيون..
وفي آخر المواقف، دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة الى “الهدوء”. وقال في افتتاح اجتماع لدعم لبنان في باريس “أوجه نداء إلى الجميع للالتزام بالهدوء وتحمل المسؤولية”.
وإضافة إلى تحذير روسي، رأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الخميس إن قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يمكن أن يعيد المنطقة إلى “أوقات أكثر ظلمة”، فيما اعتبرت السعودية قرار ترامب “غير مبرر وغير مسؤول”.
وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن القرار يضع المنطقة في “دائرة نار”. وأضاف “أي نوع من المقاربة هذه؟ القادة السياسيون لا يثيرون المشكلات، بل يسعون لصنع السلام”.
وجهود السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأميركية حول هذا الموضوع في أبريل 2014.
ورأى محمد اشتية وهو مسؤول فلسطيني كبير شارك في المفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية في السابق أن قرار ترامب لا يترك شيئا للتفاوض عليه بين الجانبين. وأضاف “ربما طرد الفلسطينيين إلى جهة غير معروفة”.
******
منظمة التحرير الفلسطينية تدعو للتحرر من قيود أوسلو وجميع الالتزامات والتفاهمات مع الإدارة الأميركية
قال تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون المغتربين، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، “إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الاميركي دونالد ترامب وأعلن فيه اعتراف الولايات المتحدة الاميركية بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل وقرر وفقا لذلك نقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس جاء يوضح الخطوط العريضة لصفقة القرن الأميركية ويؤبن في الوقت ذاته القانون الدولي والشرعية الدولية ويعلن الولاء الكامل للصهيونية والسياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لحكومة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل”.
واعتبر تيسير الرئيس الأميركي “رئيسا غير مسؤول ويفتقر للخبرة والحكمة في إدارة شؤون دولة عظمى كالولايات المتحدة الأميركية، خاصة وهو يستعرض في خطابه قدراته ومواهبه وصلفه أمام ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية وأمام زعماء العالم ، الذين تواصلوا معه على امتداد الأيام الماضية وقدموا له النصيحة بعدم ارتكاب مثل هذه الحماقة، التي من شأنها أن تضع الولايات المتحدة الاميركية في خانة الدولة الغاشمة التي تستهتر بالقانون الدولي والشرعية الدولية وتدفع باتجاه إشاعة شريعة الغاب في العلاقات بين الدول والشعوب وما يترتب على ذلك من تشجيع للفوضى الهدامة وتشجيع لميول ونزعات التطرف والارهاب في المنطقة والعالم “.
ودعا المتحدث ذاته إلى “وقف جميع الاتصالات الفلسطينية مع مبعوثي الادارة الأميركية لما يسمى جهود التسوية السياسية وعملية السلام بعد أن اخرجت الادارة الأميركية نفسها بنفسها من دور الوسيط، بما في ذلك دور الوسيط غير النزيه، واختارت الولاء الكامل للصهيونية والاصطفاف خلف السياسة العدوانية الاستيطانية وسياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي التي تسير عليها حكومة إسرائيل، وإبلاغ هذه الادارة بأن الجانب الفلسطيني يعتبر نفسه في حل من جميع الالتزامات او التفاهمات بين الجانبين والتي تضع للفلسطينيين قواعد سلوك مهينة تقيد حقهم في التوجه الى الهيئات والوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة بطلب الانضمام لعضويتها كما هو الحال مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الاغذية والزراعة ( الفاو ) وغيرها أو التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية بطلب إحالة للتحقيق في انتهاكات اسرائيل لحقوق الانسان الفلسطيني تحت الاحتلال والتحقيق في جرائم الحرب ، التي تركبها وفي المقدمة منها جرائم الاستيطان ، الذي تنظر إليه المادة الثامنة من نظام روما للمحكمة باعتباره جريمة حرب”.
وحث تيسير خالد إلى “التحرر من قيود اتفاقيات أوسلو السياسية والأمنية والادارية والقانونية والاقتصادية بما في ذلك اتفاقية باريس الاقتصادية وفك ارتباط سجل السكان وسجل الأراضي وتحريرهما من سيطرة الجانب الاسرائيلي ومد ولاية القضاء الفلسطيني والمحاكم الفلسطينية على جميع السكان وجميع المتواجدين على أراضي دولة فلسطين تحت الاحتلال”.
وأوصى تيسير بـ”التوجه نحو تحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة الوطنية وتعزيز وحدة النظام السياسي الفلسطيني سواء في السلطة الوطنية أو منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية على أسس ديمقراطية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والعمل على توفير كل المتطلبات التي تمكننا من الصمود في وجه التحديات، ومواجهة أية قيود أو إجراءات اسرائيلية انتقامية بتطوير مكانة قطاع غزة الى مركز قيادي وطني لإدارة معركتنا الوطنية الشاملة في مواجهة اجراءات الاحتلال”.
وأوصت منظمة التحرير الفلسطينية “والانتقال نحو تطبيق قرارات الاجماع الوطني والمجلس المركزي للمنظمة ولجنتها التنفيذية بإعادة بناء العلاقة مع اسرائيل باعتبارها دولة احتلال كولونيالي استيطاني ودولة ابارتهايد وتمييز عنصري وتطهير عرقي والتقدم بخطوات جريئة نحو فك الارتباط بهذه الدولة”.