يعد المنتزه الوطني للحسيمة من بين أهم المناطق المحمية في ساحل البحر الأبيض المتوسط. وهو يشتمل على مجموعة من الفضاءات ذات قيمة بيولوجية عالية ويتألف من عدة جزر وصخور ضخمة. يقع المنتزه على الساحل المتوسطي للمغرب ويتكون من مجالين رئيسيين، مجال بري وآخر بحري. يمتد جزؤه البحري على شريط ساحلي يقارب طول مسافته 40 كيلومتر. تبلغ مساحة المنتزه الإجمالية لـ310 كيلومتر مربع منها 23 كيلومتر مربع في المجال البحري، فضلا عن المنطقة المحيطة بالمنتزه والتي تقدر بـ416 كيلومتر مربع.أحدث المنتزه الوطني للحسيمة في 8 أكتوبر 2004 بغية حماية خصائص النظم البيئية بالمنطقة الساحلية المتوسطية المغربية والمحافظة على التنوع البيولوجي والتراث الثقافي والتاريخي، ثم تطوير أنشطة مدرة للدخل تستجيب لحاجيات الساكنة المحلية وتضمن استغلالا أمثل للموارد الطبيعية مع مراعاة متطلبات المحافظة على البيئة.السمات المهيمنة في هذا المنتزه هي وجود جزء من الساحل فضاء صخري بري، لم يستغل إلا لماما على مر التاريخ، يجثو على هيئة جبل من حجر جيري، إذ يغوص في البحر بشكل بهي، تشكله أجراف عالية جدا، تضفي على المكان سحرا وهيبة ويحفه سكون جلال مناظر طبيعية فخمة. لا يكسره غير صفير نسور المنطقة.للمنتزه شواطئ صخرية مشكلة من أجراف بحرية عمودية وعالية تخترقها وديان عميقة منحوتة من صخور كلسية ودلوميتية تنتهي عند مصباتها شواطئ رملية صغيرة.يتأثر المجال البحري للمنتزه بالإضافة الى التيارات البحرية المحلية بتيارات بحرية عامة من الغرب إلى الشرق، ناتجة من دخول مياه المحيط الأطلسي عبر جبل طارق. فتنشئ حركة دائرية لمياه البحر يتولد عنها تيار راجع من الغرب. وتنتج عن مختلف حركات الموج والتيارات البحرية شواطئ على شكل ركام صخري أسفل الأجراف الدولوميتية وشواطئ ذات انحدار قوي مشكل من الحصى والرمل الخشن.
التنوع البيولوجي بالمنتزه
يحظى المنتزه الوطني للحسيمة بغنى وثروة حيوانية تتمثل في وجود مستوطنة كبيرة من العقاب والنسر الذهبي، والنورس وعدة أنواع من الطيور مهددة بالانقراض في البحر الأبيض المتوسط. وسبق استكشاف مستوطنة لطائر الشماط (Osprey) في المنتزه، وهي تضم حاليا العشرات من الأزواج التي تم رصدها وتحديد مواقعها بأكثر من 38 عش. وتعد المستوطنة الثانية في منطقة البحر الأبيض المتوسط بعد محمية كورسيكا. وتوفر الأجراف وضفاف السواحل أماكن للمرور والتعشيش والراحة للعديد من أنواع الطيور. وتمكنت حوالي 80 نوعا من الطيور من التعشيش بهدوء على أجراف يصل ارتفاع بعضها إلى 600 متر. ويتميز المنتزه بضمه لثلاثة أنواع من الدلافين، الدلفين الشائع، والدلفين المخطط بالأزرق والأبيض، والدلفين الكبير، فضلا عن الأرنب البري والتغلب وابن آوى والخنزير البري.ويعد المنتزه ملجأ للعديد من السلاحف البحرية المهاجرة من النوع الأصفر (caouanne caretta caretta) والسلاحف الخضراءChelonia mydas)) والسلاحف المجلدة أو جلدية الظهر) dermochelys coriacea).وتتواجد بالمنتزه كهوف بحرية كانت مأوى للعديد من الثدييات البحرية حيث كانت تتواجد الفقمة المتوسطية (Monachus monachus) المنقرضة في المنطقة منذ الثمانينات من القرن الماضي والمهددة بالانقراض على نطاق دولي. ويوجد أكثر من 100 صنف من أصناف السمك. وضمن أهم الأحياء البحرية بالمنتزه نجد الطحالب البحرية بمختلف أنواعها، الخضراء (57 نوع) والسمراء (52 نوع) والحمراء (155 نوع) و72 نوعا من الرخويات.ويزخر المنتزه بما يناهز 110 نوعا من النباتات من قبيل 10 أنواع من الأشجار، وهي العرعار والصنوبر الحلبي، وشجر العلك، والزيتون البري، والخروب، و البلوط القرمزي، ولبلوط الأخضر و شجرة النخيل القزم وأشجار السدر الجبلي.
> محمد التفراوتي>