باشرت دولة فلسطين، يوم الثلاثاء الماضي رئاستها لمجموعة الــ77 والصين في الأمم المتحدة لمدة عام. وقد جرت لذلك مراسم خاصة في نيويورك، حضرها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيسة الجمعية العامة ماريا فيرناندا اسبينوزا، ووزير خارجية مصر سامح شكري الذي كانت بلاده تتولى رئاسة المجموعة للعام الماضي (2018).
المعروف أن مجموعة الـ77 تتكون من 134 دولة تمثل 80 بالمائة من مجموع سكان العالم، سيتحدث باسمها مندوب فلسطين في كل الاجتماعات الدولية التي ستعقد في هيئات الأمم المتحدة على مدار العام. ولذلك فإن الحدث يكتسب أهمية معنوية كبيرة في ضوء المعاناة المستمرّة للشعب الفلسطيني، إذ يمثل تأكيدا دوليا كبيرا بحضوره ككيان دولي، ناهيك عن دلالاته السياسية وانعكاساته القانونية على مظهر نشاط الدولة الفلسطينية في المنظومة الدولية.
وحيث أن فلسطين لا تتمتع بصفة الدولة العضو وإنما بصفة المراقب فقط، فإنه يجب أن لا ننظر إلى اختيارها لرئاسة هذه المجموعة الرئيسة كإجراء روتيني ضمن سياق تناوب الدول الأعضاء على تولّي المسؤوليات ضمن نشاطات الأمم المتحدة، وإنما كان من الواضح أن المجموعة قد خططت جيدا لكي تكون لذلك الاختيار آثاره السياسية ونتائجه القانونية بالضد من كل السياسات التي مورست خلال الأعوام الماضية ضد حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته إلى أخذ مكانته الدولية وتقرير مصيره بيده.
فبعد أن اتخذ وزراء خارجية المجموعة في شتنبر الماضي قرارا بتولي فلسطين رئاسة المجموعة، أعقبوه بتقديم مشروع قرار إلى الجمعية العامة يوسع من صلاحيات دولة فلسطين مضيفا لها صلاحيّات لا تتمتع بها الدولة المراقبة.
وقد حصل مشروع القرار، الذي صاغته مصر، تحت بند “تعزيز منظومة الأمم المتحدّة” على تأييد أغلبيّة من 146 دولة مقابل 3 دول ضدّه هي أستراليا وإسرائيل والولايات المتحدة، وامتناع 15 عضوا عن التصويت.
الأمر الجوهري في القرار أنه اعتمد مجموعة من طرائق عملٍ خاصّة “لمشاركة دولة فلسطين في دورات وأعمال الجمعية العامة والمؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الجمعية أو الأجهزة الأخرى التابعة للأمم المتحدة”، طيلة فترة رئاسة فلسطين للمجموعة، كان الهدف منها تمكين دولة فلسطين من مشاركة فعّالة في كل الاجتماعات، بحيث تتصرّف عمليا كأي دولة كاملة العضوية. ولعل هذا الإجراء يضع الحدث في صياغته القانونية التي تمكنّ فلسطين من التصرّف كدولة كاملة العضوية في مباشرتها لمسؤولياتها في رئاسة مجموعة الـ77 والصين في كل محافل الأمم المتحدة.
فقد طلب القرار، من أجهزة المتحدة والوكالات المتخصصة والمنظمات والكيانات الأخرى ذات الصلة داخل منظومة الأمم المتحدة، تطبيق تلك اﻟﻄﺮائق التي تتضمن الحق في الإدلاء ببيانات نيابة عن المجموعة، بما في ذلك ضمن ممثلي المجموعات الرئيسية، وتقديم المقترحات والتعديلات، والمشاركة في رعاية المقترحات والتعديلات، ورفع الاقتراحات الإجرائية، كما تتضمن الحقّ في تقديم تعليلات للتصويت نيابة عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي هي أعضاء في مجموعة الـ77 والصين وحق الرد في ما يتعلق بمواقف المجموعة والصين.
وتشي الكلمات التي ألقاها ممثلو إسرائيل والولايات المتحدة وأستراليا بالظلال السياسية المهمّة للقرار، إذ سيكون صوت فلسطين هو الناطق نيابة عن القسم الأعظم من سكان الأرض خلال هذا العام. فقبل التصويت على القرار عبّرت كلماتهم أمام الجمعية العامة عن المعارضة الشديدة لمشروع القرار. فقد قال نائب البعثة الأميركية في نيويورك جوناثن كوهين، إن “بلاده لا تعترف أساسا بوجود دولة فلسطينية، وبالتالي فإنها تعارض بشدة اتخاذ هذا القرار”. مضيفا أنه “يحق فقط للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تتحدث وتتصرف باسم مجموعات الدول الرئيسية في الأمم المتحدة”.
وأضاف المندوب الأميركي “إن تحقيق السلام الحقيقي يتطلب التحلي بالشجاعة للجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات”. وشدّد على أن هذا القرار “هو العكس تماما”. وهذا الموقف ليس بجديد، فالولايات المتحدة تعارض أي خطوة من شأنها تقوية الوجود الفلسطيني في أجهزة المنظومة الدولية بما في ذلك انضمام فلسطين إلى المعاهدات الدولية.
أمّا المتحدث باسم دولة الاحتلال (إسرائيل) فقد رأى أن القرار “لا يخدم إلا مصالح أحد الوفود”. وأضاف “إن المحاولات المستمرة لتغيير القواعد الإجرائية تُضعف المنظمة، وأنه من المُثير للسخرية النظر في المشروع في إطار بند جدول الأعمال المعنون “تعزيز منظومة الأمم المتحدة”.
الدولة الثالثة التي صوّتت ضد القرار، أستراليا، وقالت في كلمة على لسان السفيرة جيليان بيرد “إن قرار أستراليا بعدم التصويت على هذا القرار يعكس موقفنا القديم بأن المحاولات الفلسطينية للحصول على اعتراف كدولة في المحافل الدولية لا تساعد كثيرا الجهود الرامية إلى حل الدولتين”.
لكن ممثل دولة فلسطين شدّد في كلمته إثر تبني القرار، على أن حكومته “لن تدّخر جهدا لإثبات هذه الثقة في قدرتها على تمثيل مصالح مجموعة الـ77 والدفاع عنها”، مضيفا أن وفده سوف يشارك بشكل بناء مع جميع الشركاء في “تعزيز التعاون والتوصل إلى اتفاقات مفيدة من أجل الصالح العام للبشرية”.
وآثرت الكلمات التي ألقيت أثناء تسلّم الرئاسة، يوم 15 يناير الجاري، التأكيد على الأهمية المميزة للحدث، فقد أكدّ كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيسة الجمعية العامة ماريا فيرناندا اسبينوزا على “الأهميّة التاريخية لتولي فلسطين رئاسة مجموعة الـ77، في ظل الأهمية الكبيرة لهذه المجموعة ودورها الفاعل في رسم السياسات داخل منظومة الأمم المتحدة ولما تمثله من ثقل بشري كبير في هذا العالم”. وأشار غوتيريش إلى أن الشعب الفلسطيني قد واجه أكبر التحديات العالمية خطورة.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس “إن استمرار إسرائيل في الاستعمار والاحتلال لفلسطين يقوض تنميتنا وقدرتنا على التعاون والتنسيق ويعرقل التنمية المستقبلية المتسقة لجميع شعوب المنطقة”.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن تسلم دولة فلسطين رئاسة مجموعة كبيرة كمجموعة الـ77 والصين في الأمم المتحدة يأتي في ظل التسريبات والتحليلات المتضاربة بشأن ما أطلق عليه تسمية “صفقة القرن” على أساس أنها مشروع أميركي جديد لحلّ النزاع في الشرق الأوسط من شأنه إسدال الستار على مشروع نشوء دولة فلسطينية بالفعل. وبالتالي فإن ظهور فلسطين المتعدّد في محافل الأمم المتحدة سيعيد التذكير بمأساة شعب سلبه الاحتلال كلّ حقوقه، ويسعى جاهدا لسلب حتى حقه في الكلام.
> ناجي حرج- فلسطين
***
أبو هولي: القيادة الفلسطينية لن تقبل بحلول تسقط حق العودة
أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شون اللاجئين أحمد أبو هولي، أن المعركة السياسية التي تخوضها القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين هي معركة تثبيت الحقوق الفلسطينية المشروعة التي تستهدفها صفقة القرن الأمريكية.
وأضاف د. أبو هولي خلال لقائه وفد حركة المبادرة الوطنية برئاسة مسؤول المبادرة الوطني في قطاع غزة عائد ياغي ومفوض العلاقات الوطنية مازن زقوت ومسؤول ملف اللاجئين مصطفى أبو شرخ، أن الإدارة الأمريكية تواصل استهداف القضية الفلسطينية من خلال الاستمرار في مسعاها لتصفية قضية اللاجئين من خلال استهداف وكالة الغوث الدولية بتجفيف مواردها ونقل صلاحياتها للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أومن خلال حث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم التصويت لتجديد التفويض الممنوح لها بالقرار 302 .
وأوضح أبو هولي أن الدبلوماسية الفلسطينية وتحرك منظمة التحرير الفلسطينية وموقف الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين الرافض لصفقة القرن حال دون تمريرها ونجحت في إحباط المخططات التي استهدفت قضيتي القدس واللاجئين بعد نجاح الأونروا والدول المضيفة بتغطية العجز المالي في ميزانية الأونروا الذي تسببه قطع الدعم الأمريكي لها.
وأشار إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية وضعت خطة تحرك لمواجهة المسعى الأمريكي بعدم تجديد التفويض التفويض الممنوح لوكالة الغوث الدولية آو تغييره لافتا إلى أن التحرك سيكون على أعلى المستويات السياسية من خلال التواصل مع الدول المضيفة وجامعة الدول العربية ودول الأعضاء في الأمم المتحدة لحشد الدعم السياسي لإعادة التصويت لصالح تجديد التفويض الممنوح لأونروا وفق القرار 302 مؤكدا في الوقت ذاته بأن القيادة الفلسطينية لن تقبل بالحلول التي تسقط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 آو تدفعها إلى التنازل عن القدس.
واطلع أبو هولي وفد المبادرة على نشاطات دائرة شؤون اللاجئين والانجازات التي حققتها خلال فترة الستة أشهر الأخيرة خاصة فيما يتعلق بإنهاء الأزمة المالية للأونروا وإحباط المشروع الأمريكي لتصفيتها بالإضافة إلى خطة الدائرة لاستنهاض عمل اللجان الشعبية وتفعيل العمل الجماهيري لمواجهة التحديات التي تواجه قضية اللاجئين الفلسطينيين.
كما اطلع الوفد على المشاريع التي تنفذها الدائرة في مخيمات المحافظات الشمالية فيما يتعلق بإقامة شبكات الصرف الصحي وتطوير البنية التحتية وتعبيد الطرقات كما اطلعهم على المنحة الجامعية للطالب الجامعي والمعايير الصارمة والضابطة التي وضعتها الدائرة لضمان وصول المنحة للطالب الأكثر فقرا في المخيمات.
وبحث أبو هولي خلال اللقاء إحياء الذكرى (71) للنكبة التي تصادف يوم 15/5/2019 وأهمية مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية وشرائح المجتمع الفلسطيني في إحيائها مؤكدا على قضية اللاجئين هي قضية يجمع عليها الشعب وهي قضية موحدة لا أحد يختلف عليها.
***
أزمة الوقود توقف العمل في مستشفى بيت حانون في غزة
أعلنت وزارة الصحة في غزة، مساء الخميس الماضي، عن توقف الخدمات الحيوية بمستشفى بيت حانون شمال قطاع غزة جراء نقص الوقود.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة أن المستشفى يعمل حاليا من خلال المولد الصغير لإبقاء الحد الأدنى من خدماتها لساعات إضافية.
وأضاف أن “الأزمة تسارع بوتيرة غير مسبوقة، ما فرض على مشهد الخدمات الصحية واقعًا صعبًا وقاسيًا لطالما حذرنا منه في الأيام الماضية”.
وحذر القدرة من أن خمس مستشفيات أخرى وهي مستشفى أبو يوسف النجار برفح ومستشفى العيون ومستشفى الطب النفسي ومستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال ومستشفى النصر للأطفال، ستكون عاجزة عن تقديم خدماتها للمرضى خلال الساعات القادمة.
وأشار إلى أن هذه الحالة المعقدة تحاصر كافة الإجراءات التقشفية التي لم يعد بإمكانها الحفاظ على استمرارية تقديم الخدمة الصحية أكثر من ذلك.
وقال القدرة في بيانه، إن “توقف الخدمات الحيوية في مستشفى بيت حانون يعني حرمان 340 ألف نسمة من حقهم في تلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية للمرضى والخدمات المخبرية والتشخيصية وسيربك العمل في أقسام الطوارئ والمبيت وغيرها من الخدمات الصحية، ما يعني مزيداً من تفاقم الوضع الصحي والإنساني”.
وطالب، “الجهات ذات العلاقة بالخروج من حالة الصمت الذي يغيب حتى اللحظة أية فرص لإنهاء الأزمة والتي ستعصف بمرافق صحية أخرى، للخروج من حالة الصمت واتخاذ خطوات فورية جادة لإنهاء الأزمة التي أدخلت المرافق الصحية في مرحلة حرجة ومؤلمة”.
وفي سياق متصل، بين القدرة أن مستشفى الهلال الإماراتي تلقى مساعدة وقود اسعافية من مؤسسة IHH التركية تبقي خدمات المستشفى لأسبوع قادم مقدماً شكر وزارته للمؤسسة.
> فلسطين – بيان اليوم- من أسمى جابر