بعد الحذر الذي ساد لمدة طويلة وسط مستخدمي العملة الافتراضية “البيتكوين” (BITCOIN) على المستوى العالمي بشكل عام نتيجة انخفاض قيمتها، وعلى مستوى المملكة المغربية بشكل خاص، بعد تحذير مكتب الصرف في نونبر 2017 من المعاملات بهذه النقود الافتراضية لما تشكله من مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، عاد النقاش من جديد حول هذه العملة الافتراضية، لما عرفه سعرها من ارتفاع قياسي فتح شهية المهتمين للعودة إلى هذا السوق المالي الافتراضي، وأثار رغبة آخرين للبحث في هذا المجال والإبحار فيه.
ارتفع سعر عملة البيتكوين الافتراضية، في اليوم الثاني من السنة الجارية بنسبة 4 بالمائة ليسجل رقما قياسيا جديدا تجاوز حاجز 31 ألف دولار لتبلغ قيمته 31,502,77 دولارا، وفقا لبيانات منصات التداول.
وكانت قيمة هذه العملة الافتراضية قد تخطت عتبة 20 ألف دولار للمرة الأولى في 16 دجنبر من السنة المنصرمة 2020، وناهزت الـ30 ألف في الأيام القليلة الماضية، وبدأت هذه الطفرة نهاية أكتوبر الماضي بإطلاق شركة المدفوعات الإلكترونية العملاقة “بايبال” خدمة الشراء والبيع والدفع بالعملات المشفرة.
وفضلا عن هذه الخدمة المخصصة للأفراد، فإن صناديق استثمار تهتم بشكل متزايد بهذا الأصل الذي يتصف بتحركات أسعار مفاجئة، وذلك رغم الحذر الذي ساد لمدة طويلة.
ويرى كثر من المؤمنين بقيمة هذه العملة، أنها تستمد أهميتها من كونها تفتقر إلى مركز يقرر بشأنها، فهي انبثقت من شبكة أطلقها أشخاص مجهولون عام 2008 وظلت غير تابعة لأي مؤسسة مالية.
وشهدت قيمة “البتكوين” تقلبات واسعة النطاق، فقد قاربت قيمتها في 2017، ألف دولار، ثم شهدت ارتفاعا على مدى أشهر قبل تحقيقها طفرات متتالية تجسدت في تضاعف القيمة عدة مرات.
وبناء على ما سبق أضحت العملات الافتراضية تستحوذ على فكر العديد من الأشخاص، خاصة فئة الشباب، ورغم أنها أثارت تخوف وذعر البعض، وتسببت في قلق آخرين، إلا أن الأغلبية باتت تجمع على أن العملات الرقمية ثورة تكنولوجية سوف تغير من شكل الأموال، وتؤثر على أكبر وأهم المؤسسات المالية في العالم وعلى طريقة عملها.
وفي هذا الصدد أمسى العديد من المغاربة يستعملون هذه العملة الرقمية، رغم الإعلان أكثر من مرة عن حظر هذا النوع من المعاملات المالية، على مدى الثلاث سنوات الماضية، وفي ظل هذا النقاش الذي أثير من جديد مع بداية السنة الجديدة والارتفاع الكبير لسعر هذه العملة، عملت بيان اليوم على تسليط الضوء على هذه العملة الافتراضية، من خلال الإحاطة بكيفية القيام بهذه المعاملات الافتراضية، ثم ما إذا كان المنع الذي أقره مكتب الصرف سنة 2017 قائما؟ وإن كان كذلك فما هي أسبابه ودواعيه وما هي المجهودات التي تقوم بها الجهات الوصية إما إيقاف انتشار هذه التعاملات؟ وأي تأثير لهذه التعاملات على السوق المالية المغربية؟ وما هو موقف القانون المغربي من التعاملات المالية بالعملات المشفرة (العملات الرقمية)؟
عملات غير ملموسة
تعتبر العملات الرقمية غير الملموسة عكس العملات المتعارف عليها “الورقية أو المعدنية”، وتسمى بالأنجليزية Cryptocurrency وهي تنقسم إلى مقطعين، المقطع الثاني هو Currency العملة، بينما المقطع الأول هو كلمة Crypto وهي اختصار لكلمة Cryptography أي علم التشفير.
ويمكن للشخص أن يحصل على عملة رقمية مثل “بيتكوين”، في عملية تسمى تعدين “البيتكوين”، وتستعمل العملات الرقمية مثل العملات الورقية والمعدنية في قدرتها على شراء جميع السلع والخدمات المادية، ويوجد الكثير من العملات الإلكترونية مطروحة للتداول الآن على سوق “الفوركس”.
وهذه العملات الرقمية وتحديدا “البيتكوين” هي عملات لا مركزية، أي لا يمكن لحكومة أو مؤسسة ما أن تتحكم في إنتاج المزيد منها، ويتم التحكم فيها عن طريق تكنولوجيا تدعي سلسلة الكتل (Blockchain)، وتم تعريف سلسلة الكتل أيضا على أنها عبارة عن دفتر حسابات إلكرتوني غري قابل للتلاعب به للمعاملات الاقتصادية التي يمكن برمجتها، ليس لتسجيل المعاملات المالية فقط، بل لكل شيء له قيمة، بمعنى أن كل تعامل اقتصادي أو مالي يحدث على النظام يتم تسجيله وتشفيره في كتلة، وربطها بالكتل الأخرى لتكوين سلسلة الكتل…
وفي السنوات الأخيرة أصبحت هذه العملات الرقمية تشغل اهتمام العديد من الشباب المغاربة، ويتم الترويج لها عبر وسائط التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العديد من المغاربة يستثمرون أمولا طائلة في هذا الشأن، ويتعامل البعض فيما بينهم بها، قبل أن تتفاعل السلطات المالية المغربية مع الموضوع، وتقرر الحظر الرسمي للتعامل بهذه العملات.
تحدي للحظر
يقوم محترفون مغاربة متخصصون في تجارة العملات الرقمية المشفرة بالعديد من الحملات الترويجية لتسويق باقات متنوعة من هذه العملات عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويعمل بعضهم على تنظيم دورات تكوينية للتعريف بالعملات الرقمية، وتشجيع المغاربة على الإقبال على التداول عليها، لتوسيع دائرة استعمالها داخل المملكة.
وعلى الرغم من الحظر الرسمي الذي فرضه بنك المغرب في وقت سابق على المعاملات التي تخص هذه العملات، حيث دعا المغاربة إلى “وجوب الاحترام التام لمقتضيات قوانين الصرف الجاري بها العمل، التي تنص على أن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم عن طريق الأبناك المعتمدة بالمغرب وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من طرف بنك المغرب”، معتبرا أن التعامل بـ”BITCOIN” يشكل خطرا على المتعاملين بها، لكونها “نقودا افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، ويبقى دائما أصحابها الأصليون مجهولي الهوية”، ورغم تصريح مكتب الصرف بشكل رسمي بأن “التعامل بهذه النقود الافتراضية يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة”، إلا أن ذلك لم يمنع محترفي التداول على العملات الرقمية، من مواصلة تجارتهم المربحة، التي يجني من ورائها العديدون أرباحا طائلة.
وتنشط هذه المجموعات الناشطة في مجال التكوين والتدريب على التعاملات الخاصة بالعملات الرقمية بالعديد من المدن المغربية الكبرى والصغرى كالدار البيضاء والرباط ومراكش والجديدة والمحمدية.
سرعة وسرية
تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية تتمتع بالسرية التامة، ولا تخضع لسيطرة أو رقابة أي جهة حكومية أو مصرفية في أي دولة من دول العالم، وتتميز بالسرعة والدقة الفائقة في إتمام المعاملات التي لا تستغرق في واقع الأمر إلا بضع دقائق بتكلفة قد تكون منعدمة.
ثورة رقمية
قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال كلمة ألقاها في مؤتمر دولي حول التحول الرقمي، في مارس 2019 إن المغرب مدعو إلى إتاحة فرص كافية للإبداع وتطور التكنولوجيا المالية”، مما يوحي إلى أن السلطات المالية المغربية تخفف من موقفها إزاء العملات الافتراضية التي باتت تفرض نفسها في ظل التطور الرقمي الذي يؤثر على الأنظمة المالية لبلدان العالم.
وأوضح والي بنك المغرب في الكلمة نفسها، أنه “في ما يتعلق بالجوانب القانونية فإننا مدعوون إلى إتاحة فرص كافية للإبداع وتطور التكنولوجيا المالية، ولكن في الوقت نفسه يجب علينا المحافظة على أنظمتنا المالية وتعزيز قدرتها على الصمود، وكذا حماية المستهلك والمقاولات، وخاصة المقاولات الصغيرة منها”.
وأشار الجواهري في المؤتمر الدولي الذي نظمه بنك المغرب وصندوق النقد الدولي، وحضره محافظو بنوك مركزية من دول عدة، إلى أن “إتاحة الفرص للتطور التكنولوجي المالي والحفاظ على الأنظمة المالية توازن صعب يستلزم تحديد المخاطر وتصنيفها واستباق الآثار المحتملة للابتكارات والأنشطة المالية الجديدة”.
واعتبر والي بنك المغرب أنه يتعين على البنوك المركزية “وضع حلول مؤقتة في غياب مرجع قانوني يخول لها ذلك، كما هو الحال بالنسبة للأصول المشفرة”، موردا أن المغرب واجه تحديا في هذا الصدد سنة 2017.
وأكد الجواهري أن المغرب تعامل مع هذا الأمر آنذاك بـ”مقاربة مشكلة من زاوية حماية المستهلك للفت الانتباه إلى المخاطر المرتبطة به”، مؤكدا على أن “المغرب لم يتخذ موقفا نهائيا في الموضوع”.
ودعا والي بنك المغرب إلى التكيف مع هذه “الثورة الرقمية”، وأوصى في هذا الصدد بتعزيز الموارد البشرية في هذا المجال، والبنيات التحتية، وخاصة أنظمة المعلومات التي أصبحت مواجهتها لتحديات الجريمة الإلكترونية تشكل مصدر انشغال يومي.
شرعية جنائية
أكد عبد الرحمان اللمتوني، رئيس شعبة تتبع القضايا الجنائية الخاصة برئاسة النيابة العامة، ومدير نشر مجلة، رئاسة النيابة العامة نصف السنوية، في مقال له بالعدد الأول من المجلة الصادر في يونيو 2020، (أكد) أن اعتبار نشاط ما جريمة يقتضي وجود نص قانوني صريح، يجرم ويعاقب هذا النشاط، إعمالا لمبدأ الشرعية الجنائية.
وأبرز اللمتوني أن المادة 55 من قانون الالتزامات والعقود، تنص على أنه “يدخل في دائرة التعامل جميع الأشياء التي لا يجرم القانون صراحة التعامل بها”، وهو ما يعني، وفقه، أن مسألة إخراج الأشياء والأموال من دائرة التعامل “يجب أن تتم بموجب القانون”.
ويشار إلى أن الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي في قضايا التعاملات بالعملات المشفرة متباينة، إذ تمت إدانة متهمين تعاملوا بعملة “البتكوين” بعلة عدم قانونية هذا النوع من المعاملات، وأخرى برأتهم بعلة أن فصول مخالفات الضابط المتعلق بالصرف التي توبعوا بها، تخص العملات التقليدية وليس العملات الإلكترونية.
وعزى القاضي اللمتوني أن تضارب موقف المحاكم المغربية بشأن التعامل بالعملات المشفرة، يرجع بالأساس إلى اختلافها بشأن تحديد طبيعة هذه العملات، إذ أن الاتجاه القضائي الأول استنتج أنها تدخل ضمن مخالفات قانون الصرف، والفصل 339 من القانون الجنائي الذي يجرم صنع أو تداول عملة تقوم مقام النقود المتداولة.
أما الاتجاه القضائي الثاني، الذي برأ ساحة المتهمين بالإتجار في العملات المشفرة، فإنه لم يعتبر هذه العملات عملة أو نقودا، بل أخرجها من نطاق النصوص القانونية سالفة الذكر، وصرح بكون التعامل بها لا يشكل جريمة في غياب نص جنائي صريح.
ومال القاضي اللمتوني في مقاله إلى الاتجاه القضائي الثاني، معتبرا أنه “يبقى الأقرب إلى الصواب”، معللا موقفه بكون العملات المشفرة، فضلا عن كونها لا تتوفر فيها خصائص النقود والعملة التقليدية، فإنها أقرب لتوصف بأنها مال منقول معنوي، وبالتالي فهي غير خاضعة لأحكام الفصل 339 من القانون الجنائي، وباقي فصول الفرع الأول من الباب السادس منه، والتي تتحدث عن النقود المعدنية والنقود الورقية، “باعتبارها ذات تجسيد فيزيائي مادي، ولها قوة إبرائية وموضوع قبول عام من طرف عموم الناس”.
وشدد اللمتوني على أن المشرع المغربي جرم كل فعل يؤدي إلى زعزعة الثقة في العملة الوطنية وحماية قوتها الإبرائية، أو خلق نقود تشبه العملة الوطنية أو تقوم مقامها، في حين أن العملات المشفرة لا تتوافر فيها خصائص العملة الكلاسيكية.
واعتبر أن العملات المشفرة “هي مجرد أرقام ومعاملات رياضية، لها قيمة اقتصادية نابعة من دور نظامها في المصادقة على صحة المعاملات المنجزة بواسطة سلسلة الكتل، وليس لها وجود مادي أو فيزيائي أو شكل يشبه النقود المعدنية والنقود الورقية”.
وأشار إلى أن غاية المشرع هي تجريم كل محاولة لخلق نقود مماثلة للنقود الورقية والنقود المعدنية، سواء تم ذلك عن طريق التزييف أو التزوير أو التقليد، لافتا إلى أن الاتفاقية الدولية لمنع تزييف النقود وجميع التشريعات التي نهلت منها، إنما تهدف إلى محاربة النقود المغشوشة أو غير الصحيحة.
واعتبر أن الدراسات أثبتت أن العملات المشفرة لا تمثل أي تهديد للأنظمة المالية ووسائل الأداء القائمة، بسبب النسبة الضعيفة جدا لحجم المعاملات المنجزة بواسطتها، مقارنة مع المعاملات المنجزة بواسطة وسائل الأداء التقليدية، فضلا عن أن مستوى دمج هذه العملات المشفرة في النظام المالي التقليدي يبقى محدودا جدا.
وتوقف اللمتوني عند الحالات التي توبع فيها أشخاص في المغرب أمام القضاء بتهمة إجراء معاملات بعملة “البتكوين”، دون أن يثبت أنهم قاموا بتعدين هذه العملة، معتبرا أن أحكام الفصل 339 من القانون الجنائي لا تنطبق على مثل هذه النوازل، ما دام أن تعدين هذه العملات يتم في العالم الافتراضي من طرف أشخاص قد يتواجدون في دول تسمح قانونا بالتعامل بالعملات المشفرة، مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ولم يتم إدخال هذه العملات إلى المغرب.
ولتجاوز الإشكالات القانونية التي تطرحها المعاملات المالية بالعملات المشفرة، وتفادي مخاطرها وحماية مصالح الدولة ومصالح المستهلك؛ اعتبر اللمتوني أن تحقيق هذه الغاية ممكن، من خلال وضع مجموعة من الإجراءات التقنية، وسن نصوص تشريعية مواكِبة للتطورات التي يعرفها هذا المجال.
نظام للترخيص
واقترح، في هذا الإطار، وضعَ نظام للترخيص والتسجيل يسمح بإحداث منصات للتعامل بالعملات المشفرة، مع إخضاع المقاولات التي تستعملها لمراقبة بنك المغرب أو وحدة معالجة المعلومات المالية، على غرار ما هو معمول به في عدد من الدول.
وفي الشق التشريعي، اقترح اللمتوني وضع نصوص زجرية رادعة بشأن الممارسة السرية لنشاط تحويل العملات المشفرة دون مراعاة قواعد التسجيل والترخيص، وتعديل المقتضيات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، بجعل المقاولات التي تباشر نشاط تحويل العملات المشفرة ضمن لائحة الأشخاص الخاضعين، وإلزامها بواجبات اليقظة والتصريح بالاشتباه لوحدة معالجة المعلومات المالية.
وفي الجانب المتعلق بحماية حقوق الدولة وحماية المستهلك، قال اللمتوني إن ذلك يقتضي تحديد الإطار الضريبي الذي تخضع له النشاطات المتعلقة بالعملات المشفرة، ووضع مقتضيات قانونية لحماية المستهلك والمتعاملين بهذه العملات المشفرة، مما قد يتعرضون له من احتيال وخداع.
***
بنك المغرب: التوجهات الدولية تستدعي إعداد قوانين تنظيمية للعملة المشفرة
في إطار العمل على هذا الموضوع المثير للجدل على المستوى الوطني، ورغبة في تشريحه من كل الزوايا، وباعتبار بنك المغرب عمود الرحى لمختلف المعاملات النقدية، ومن الوسائل الأساسية لمراقبة مالية الدولة، تواصلت بيان اليوم مع هذه المؤسسة، لتسبر أغوار هذه المعاملات النقدية الافتراضية التي أمست تفرض نفسها على المستوى العالمي.
وفي هذا الصدد، أشار مصدرنا المأذون له من بنك المغرب في تصريحه لجريدة بيان اليوم، أنه أقر تسمية «الأصول المشفرة» (crypto-actifs) للإشارة إلى العملات الافتراضية مثل عملة البيتكوين، باعتبار أن هذه الأخيرة لا تحقق الوظائف الخاصة بالعملات ذات الرواج القانوني.
وأوضح المصدر المأذون نفسه، أنه أمام ظهور إشكالية الأصول المشفرة على الصعيدين الوطني والدولي، ارتأى بنك المغرب ضرورة الاستعجال في مواءمة توجهات السياسة العمومية للمغرب في هذا المجال.
وأضاف المصدر عينه أنه لهذا الغرض، تم بنهاية سنة 2018 إحداث مجموعة عمل تضم عدة أطراف من بينها بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل ومديرية الخزينة والمالية الخارجية ومكتب الصرف ووكالة التنمية الرقمية، من أجل تدارس انعكاسات تطوير هذه الأصول المشفرة على مهام الجهات التنظيمية، وبلورة رؤية شاملة لحالات استعمالها والسهر على تتبع المستجدات القانونية الخاصة بها.
وقال المتحدث نفسه، إن مجموعة العمل هذه عقدت عدة اجتماعات تطرقت خلالها لبنود مختلفة من بينها إجراء دراسة مقارنة لأبرز التوجهات المعتمدة دوليا في مجال تقنين الأصول المشفرة وسلسلة القيم ذات الصلة بها، كما اطلع أعضاء مجموعة العمل على اقتراح يهم إرساء سجل لتخصيص كل نشاط يرتبط بسلسلة القيم هذه.
وأبرز المصدر ذاته، إن تحليل التوجهات والتوصيات الدولية التي خلصت إليها هذه الدراسة المقارنة يستدعي انخراط جميع الأطراف المعنية من أجل إعداد خارطة طريق حول القوانين التنظيمية لهذه العملة المشفرة، مع تفصيل التدابير التي يجب على كل سلطة اتخاذها على مستوى الجوانب التي تهمها، مشيرا إلى أنه لهذا الغرض، تم توسيع فريق العمل في سنة 2019 ليشمل شركاء آخرين لاسيما رئاسة النيابة العامة، ووحدة معالجة المعلومات المالية والجمارك.
وشدد المتحدث عينه على أن مجموعة العمل ستتولى إعداد خارطة طريق حول تقنين الأصول المشفرة، مع تحديد التدابير التي يتعين على الأطراف المشاركة اتخاذها، علاوة على دراسة مدى تأثير استعمال الأصول المشفرة على المهام التي يمارسها كل طرف.
وأبرز المصدر المأذون أن موقف بنك المغرب يندرج في إطار تعليمات بنك التسويات الدولية وتلك الصادرة عن مجموعة العشرين حول تقنين الأصول المشفرة، مشيرا إلى أن مسيري مجموعة العشرين رجحوا أن يكون للأصول المشفرة «مزايا هامة بالنسبة للنظام المالي والاقتصاد ككل»، مؤكدين، من جهة أخرى، على ضرورة توخي الحكومات لليقظة والحذر، وإن كان هذا النوع الجديد من الأصول لا يشكل إلى اليوم أي خطر على الاستقرار المالي العالمي.
وأكد المتحدث لبيان اليوم، أنه يجدر التذكير أنه في سنة 2017، أصدر بنك المغرب، بالتعاون مع وزارة المالية والهيئة المغربية لسوق الرساميل، تحذيرا من مخاطر استعمال العملة المشفرة باعتبارها غير مقننة، مضيفا أنه إلى جانب ذلك، أصدر مكتب الصرف بلاغا رسميا في نونبر 2017 مفاده أن المعاملات التي تتم بالعملة الافتراضية تشكل انتهاكا لقوانين الصرف وتعرض صاحبها للعقوبات القانونية، كما حث المكتب كافة الأفراد على الالتزام بأحكام قوانين الصرف التي تنص على أن المعاملات المالية مع الأجانب يجب أن تتم من خلال وسطاء مرخصين وبالعملات الأجنبية المسعرة من طرف بنك المغرب.
وأشار المتحدث من داخل بنك المغرب إلى أنه على الصعيد الدولي، حذرت أغلبية الدول من مخاطر استعمال العملات المشفرة لأسباب مختلفة أولها أنها لا تحمل صفة الرواج القانوني، وأن مسألة التأهيل القانوني لهذه العملات المشفرة والخدمات المرتبطة بها تبقى معقدة، لا سيما بالنظر إلى خصائصها التقنية، علاوة على إشكالية معرفة السلطات التي تتولى تقنين هذه العملات أو التكلف بها.
وقال المتحدث عينه، إنه في أغلب البلدان، لا تزال القوانين المعمول بها تهم بالأساس مسألة محاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة بالنظر إلى التعديلات التي مست القوانين الحالية، إضافة إلى الجوانب المتعلقة بالضرائب.
وتابع أنه على مدار العامين الماضيين، ظهرت بعض التوجهات الرامية إلى تنظيم الأصول المشفرة، وتتدارس بعض البلدان إمكانيات التكنولوجيا الكامنة وراءها، بما فيها قواعد البيانات المتسلسلة، وتعتزم تطوير نظام قانوني ملائم لاستقطاب الاستثمارات في هذا القطاع.
> إنجاز : عبدالصمد ادنيدن