انطلقت، يوم السبت الماضي، بمدينة الدار البيضاء، فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر الدولي للتحول الرقمي في الإعلام، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على تأثير التكنولوجيات الحديثة في مجال الإعلام وتعزيز تبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين في هذا القطاع الحيوي.
وفي كلمة افتتاحية، أكد المدير التنفيذي للمؤتمر، محمد كمال بنأمغار، أن الحدث يشكل فرصة استثنائية لاستعراض قضايا جوهرية مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، مع التركيز على دورهما في تطوير العمل الإعلامي.
وأشار محمد كمال بنأمغار إلى أن المؤتمر يأتي في إطار دعم أهداف استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، مع تقديم حلول مبتكرة للتحديات الراهنة التي تشمل مكافحة الأخبار الزائفة وحماية البيانات الشخصية.
من جانبه، أشار الإعلامي عبد الفتاح مومن إلى أهمية المؤتمر كمنصة تعليمية تتيح للصحافيين وصناع المحتوى اكتساب مهارات جديدة، خاصة عبر 12 ورشة عمل متخصصة تركز على استخدام التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، في المجال الإعلامي.
ولفت عبد الفتاح مومن إلى أن هذا الورش يهدف إلى تمكين المشاركين من الاستفادة من مزايا التكنولوجيا مع تقليل المخاطر المرتبطة بالتزييف الرقمي.، مشيرا إلى القوانين التي تؤطر هذا التحول في المجال الإعلامي، والتي أفرزت بدورها قوانين جديدة ترمي حماية الصحافيين والإعلاميين من هذا التحول.
وفي تصريح صحافي لجريدة بيان اليوم، أكد أمين فتحي أن المؤتمر الدولي للتحول الرقمي في الإعلام، يهدف أساسا إلى التحول الرقمي الذي يعرفه المجال الإعلامي والصحافي، مضيفا أن العديد من الأشخاص يمثلون اليوم دور الصحافي عبر صفحات على المواقع الالكترونية، وينشرون مجموعة من الأخبار الزائفة، متناسين أن العمل الصحافي محمي بالقانون، حسب البند 88.13 المتعلق بقانون الصحافة والنشر، وكذلك القانون الجنائي الذي يعاقب على نشر الأخبار الكاذبة.
وشدد أمين فتحي على ضرورة التعامل بكل حذر مع العمل الصحافي من زاويته الإعلامية وخاصة التطور التكنولوجي والرقمي على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما فيما يخص العقوبات والتدابير الذي ينص عليها القانون لمكافحة الأخبار الكاذبة والزائفة التي تروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أوضح أمين فتحي في تصريحه للجريدة ، أن المشرع المغربي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نظم من خلال القانون الجنائي، وقانون الصحافة والنشر، مسألة نشر الأخبار الغير موثوقة على المستوى الإعلامي وعلى مستوى المغاربة، فأصبحت الصفحة الآن مفتوحة للعموم، بل هي بمثابة جريدة للجميع، فالمسألة التنظيمية من الناحية القانونية، حسب القانون الجنائي، وخص بالذكر هنا المادة 447 من القانون الجنائي، أشارت إلى أن كل من يبث ويوزع ادعاءات ووقائع كاذبة، ستتم عقوبته من خلال هذا الفصل.
وفي نفس السياق أشار المتحدث إلى أن هناك إشارة قانونية في قانون الصحافة بخصوص المواد من 80 إلى 89، التي عاقبت كل من يقوم بنشر أخبار زائفة دون وثائق تثبث، ودون الحصول أيضا على الترخيص في ممارسة العمل الإعلامي.
وفي سؤال الجريدة حول حماية المراهقين والأطفال من المحتويات الغير ملائمة على مواقع التواصل الاجتماعي، أجابنا المستشار القانوني، والمتخصص في صناعة المحتوى، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعج بمجموعة من المعطيات والأعمال التي قد تتسم في بعض الأحيان بالطابع الإعلامي، لكنها موجهة مباشرة للمستهلك المغربي سواء كان طفلا أو مراهقا أو رجلا أو امرأة. ففي ما يتعلق بحماية الأطفال القاصرين خاصة، شدد المتحدث، أنها يجب أن تكون عن طريق إرشاد الآباء من خلال استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، وتطرق أمين فتحي هنا إلى مسألة المراقبة، حيث أوضح أن القانون بصفة عامة سواء القانون الجنائي أو القوانين المرافقة، يعاقب على التغرير بالقاصرين على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق الفيديوهات، وعن طريق “الإستريمير”، حيث “لاحظنا مؤخرا أن هناك عدد كبير من اللايفات التي تروج السب والقذف، وتروج كذلك الانتقاد الشخصي ومشاركة صور أشخاص وسبهم أو نعتهم بكلمات نابية، فهذا العمل يجب التنبيه له، ويجب على الآباء أن يرشدوا الأبناء الذين يقومون بهذا العمل ويشاركون في صناعة هذه الفيديوهات، لأن هذا العمل غير قانوني خصوصا إذا تم من خلاله السب والقذف والتجريح والتشهير واستغلال كل ما يمس بالحياة الخاصة للأشخاص”.
وفي سؤال آخر طرحته الجريدة على أمين فتحي، والذي يهم كيفية تعامل القانون مع مسألة الذكاء الاصطناعي، أجابنا المتحدث قائلا : “بخصوص الذكاء الاصطناعي ليس هناك أي تنظيم قانوني إلى حدود الساعة بالمغرب في هذه المسألة، حيث يمكن صناعة أي محتوى أو فيديو بالذكاء الاصطناعي عن طريق تسجيل صوتي لأشخاص عموميين أو مواطنين”، واعتبر فتحي أن هذا العمل يعتبر جريمة وسيساهم في أمور مشينة ستؤدي للتشهير، فهي ممنوعة من الناحية القانونية، ولكن ليس هناك أي تقنين لهذا العمل لأنه صعب جدا.
المؤتمر، والذي استمر حتى 18 نونبر الجاري، ضم نخبة من الخبراء والمتخصصين في الإعلام والتكنولوجيا الرقمية من مختلف أنحاء العالم. وشمل برنامجه جلسات نقاشية وورش عمل تطبيقية تتناول أحدث الابتكارات الرقمية التي تؤثر على صناعة الإعلام، مع التركيز على استراتيجيات التكيف مع التحولات الرقمية المتسارعة.
وهدف المؤتمر إلى استكشاف آفاق الإعلام الرقمي ودراسة كيفية تسخير التقنيات الحديثة لدعم صناعة المحتوى الإعلامي. وركز على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه القطاع، مع الحرص على تحقيق توازن بين التطور التكنولوجي والمهنية الإعلامية.
ويعد المؤتمر الدولي للتحول الرقمي في الإعلام حدثا بارزا يجمع بين المعرفة التقنية والخبرة الإعلامية، ليشكل منصة تعزز الابتكار وتضع أسسا لمستقبل إعلامي أكثر تطورا واستدامة.
هاجر العزوزي
تصوير : طه ياسين شامي