من المقرر أن يحسم البنك المركزي، يومه الثلاثاء، في قرار “خفض” أو “تثبيت” سعر الفائدة الرئيسي، المطبق بنسبة 2.50 في المائة منذ نهاية العام 2024، وذلك في أول اجتماعاته لسنة 2025 .
وواصل مجلس بنك المغرب، منذ بداية العام الجاري، نهج “السياسة النقدية التيسيرية” لدعم دينامية تسارع النمو ومواكبة الظرفية الاقتصادية دوليا ووطنيا، علما أنه كان قد ختم آخر فصول السنة المالية 2024 بقراره “خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس إلى 2.,50 في المائة”.
غير أنه أكد حينها مواصلة تتبع تطور الظرفية الاقتصادية عن كثب، وبناء قراراته خلال كل اجتماع على أحدث المعطيات المحينة.
والأكيد أن بداية سنة 2025 كانت حبلى بالمستجدات الدولية أبرزها قرارات ترامب الاقتصادية والجمركية، وبالمستجدات الوطنية أبرزها التساقطات المطرية والثلجية الهامة والتي من المتوقع أن تساهم في رفع القيمة المضافة الفلاحية لهذا الموسم، و الضغوط التضخمية التي أبرزتها الأرقام الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط.
في هذا الصدد، قد تؤدي السياسات الحمائية الأمريكية إلى تباطؤ التجارة العالمية واضطراب الأسواق المالية. وإذا استمرت هذه السياسات، فقد ترتفع تكاليف الاستيراد، مما يزيد من الضغوط التضخمية في المغرب، ويجعل بنك المغرب أكثر تحفظا تجاه خفض الفائدة. كما تبرز حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية التي قد تؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي؛ مما يستدعي نهجا حذِرا من طرف بنك المغرب.
وبالتالي، فالإبقاء على سعر فائدة كما هو عليه هو القرار المرجح لتجنب زيادة التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي”.
بالمقابل ، يبقى تخفيض سعر الفائدة الرئيسي السيناريو الأقل ترجيحا. ففي ظل خفض البنك المركزي الأوروبي (BCE) لسعر الفائدة بمقدار 0.25 في المائة، فقد يفكر البنك المركزي المغربي في اتخاذ خطوة مماثلة لدعم الاستثمار والاستهلاك. كما أن تباطؤ نمو الودائع وحسابات التوفير قد يبرر هذا التوجه لتعزيز السيولة داخل الاقتصاد. علاوة على ذلك، يمكن أن يساعد تخفيض سعر الفائدة في تشجيع الإقراض ودعم النمو الاقتصادي، خاصة إذا كان للأمطار الأخيرة تأثير إيجابي على الإنتاج الفلاحي”.
كما أنه من المرجح الإبقاء على السعر الحالي عند مستواه، ذلك أنه في ظل سياق اقتصادي يتسم باللايقين الجيوسياسي، وكذلك بنسبة تضخم تبقى مرتفعة، خصوصا بالنسبة لأثمنة المواد الغذائية والفلاحية، حسب نشرات المندوبية السامية للتخطيط؛ فمِن المحتمل جدا أن يثبت البنك المركزي المغربي المستوى الحالي لسعر الفائدة الرئيسي (2,5 في المائة).
ويرى الخبير الاقتصادي والمتخصص في سياسة الصرف، عمر باكو، أن بنك المغرب يجب أن يبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مفضلا بذلك الحفاظ على الوضع الراهن فيما يخص السياسة النقدية. وحسبه، فإن هذا القرار قد يبرر بغياب الضغوط التضخمية وتحسن الآفاق الاقتصادية.
وأوضح باكو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن “توقعات التضخم لسنة 2025 تظهر توجها نحو الانخفاض، لا سيما بفضل التساقطات المطرية الأخيرة التي تعزز توقعات الإنتاج الفلاحي، ومن شأن زيادة العرض أن تسهم في انخفاض أسعار المنتجات الفلاحية، وبالتالي تغطية التضخم”.
من جهة أخرى، أضاف السيد باكو أن آفاق النمو الاقتصادي تبدو واعدة، كما تؤكد ذلك توقعات صندوق النقد الدولي، والمندوبية السامية للتخطيط، والتقرير الاقتصادي والمالي المرافق لقانون المالية، وفي هذا السياق، لن يكون بنك المغرب مضطرا لخفض سعر الفائدة من أجل دعم النشاط الاقتصادي.
كما أبرز الخبير أن “الحذر” النقدي يدعم خيار الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي مستقرا ، إذ إن التعديلات المتكررة قد تربك توقعات الأسواق وتشوش على رؤية الفاعلين الاقتصاديين، مما يستدعي اتباع نهج محافظ من خلال الإبقاء على سعره عند 2,5 في المائة.
وفي السياق ذاته، أشار مركز التجاري غلوبال ريسيرش (AGR) في تقريره “Research Report-Strategy” إلى وجود “شبه إجماع” بين المستثمرين في المغرب على إبقاء سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب عند مستواه الراهن.