«بتفاؤل كبير أعلن أن كوفيد19 لم يعد حالة طوارئ صحية دولية»، هكذا صرح منتشيا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. لكن حتى لو تراجعت حدة الوباء، فقد استمر ملايين الأشخاص في الإصابة بالسارس CoV-2 ومازال الآلاف يموتون كل أسبوع. «هذا الفيروس هنا ليدوم طويلا، ويستمر في الفتك».«بتفاؤل كبير أعلن أن كوفيد19 لم يعد حالة طوارئ صحية دولية»، هكذا صرح منتشيا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. لكن حتى لو تراجعت حدة الوباء، فقد استمر ملايين الأشخاص في الإصابة بالسارس CoV-2 ومازال الآلاف يموتون كل أسبوع. «هذا الفيروس هنا ليدوم طويلا، ويستمر في الفتك».فهذا القرار جاء بعد ثلاث سنوات وثلاثة عشر أسبوعًا وأربعة أيام من يوم 30 يناير 2020، عندما أصدرت منظمة الصحة العالمية أقصى درجات التأهب في مواجهة فيروس ظهر في الصين، وانتشر بسرعة هائلة واستمر لأكثر من ثلاث سنوات، واجتاح العالم بسلسلة من الأمواج القاتلة.أصاب كوفيد 19 أكثر من 765 مليون شخص حول العالم، وقتل حوالي 20 مليون شخص (على سبيل المقارنة، تسببت الأنفلونزا الإسبانية سنتي 1918 و1919 في مقتل ما بين 20 و50 مليون شخص).لكن الفيروس خفف قبضته. إذ خلال الفترة الممتدة من 3 إلى 30 أبريل 2023، تم الإبلاغ عن ما يقارب 2.8 مليون حالة جديدة وأكثر من 17000 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، «أي انخفاض بنسبة 17% و30% على التوالي عن الـ 28 يومًا السابقة»، حسبما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية في نشرتها الإخبارية الصادرة في 4 ماي. ففي ذروة الوباء، أي في حدود 21 يناير 2021، كان 14500 شخص يموتون كل يوم جراء كوفيد19 في جميع أنحاء العالم، مقابل ما بين 500 و600 حالة وفاة حاليا.أما البيانات الخاصة بالمغرب كما تم الإبلاغ عنها في 5 ماي الجاري، فهي كما يلي: 1273832 شخص أصيبوا مما أدى إلى وفاة 16297 شخص. وتم عد ما يقارب 25 مليون شخص تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح، منهم 23.5 مليون تلقوا جرعة ثانية، وحوالي 7 ملايين تلقوا جرعة ثالثة، فيما تم حقن 60780 شخص للمرة الرابعة. على غرار الدول الأخرى، وعلى الرغم من إعلان المغرب نهاية حالة الطوارئ الصحية، إلا أنه يدعو السكان إلى توخي اليقظة لأن الفيروس لا يزال ينتشر ولو بوتيرة بطيئة: إذ نحصي ما بين 300 و400 شخص يصابون كل أسبوع. ولحسن الحظ دون تسجيل لحالات وفاة.وعلى أي حال، ينبغي ألا تغيب عن بالنا الدروس المستفادة من هذه الفترة المؤلمة التي مرت بها البشرية. والواقع أن الجائحة كما عايشناها علمتنا عدة دروس: أولا، أثبتت فائدة الدولة الاستراتيجيــة والتدخلية ودورها في إدارة الأزمات ومساعدة الأشخاص الذين يعيشون في وضعية هشاشة. وثانيا، أهمية المستشفى العام في ضمان المساواة في توفير الرعاية لجميع المواطنين وتجنب تسليع الصحة. وهناك درس آخر لا يقل أهمية، ويكمن في تخفيض ميلنا إلى الانفتاح الشامل على السوق العالمية بالاعتماد أكثر من اللازم على فضائل التجارة الحرة، وبالتالي التضحية بسيادتنا الاقتصادية وخاصة سيادتنا على ما يتعلق بالخدمات العمومية والمشتركة مثل الصحة والتعليم والغذاء والطاقة على سبيل المثال لا الحصر. وبارتباط بالسيادة الاقتصادية، برزت أهمية الاستثمار بكثافة في البحث العلمي والابتكار.علاوة على ذلك، استفادت الشركات في البلدان المتقدمة من الوباء، لا سيما المختبرات الكبرى المنتجة للقاحات (Big Pharma) والقادة الرقميين كافام GAFAM (جوجل وأمازون وفيسبوك وآبل ومايكروسوفت). إذ تشير التقديرات إلى أن المختبرات الثلاثةPfizer و BioNTechوModerna، أي الشركات الكبرى التي كانت مصدر اللقاحات الثلاثة الأكثر استخدامًا في مكافحة كوفيد19، حققت أرباحًا قياسية في سنة 2021. وتقدر الأرباح السنوية لهذه الشركات بنحو 34 مليار دولار، أي أكثر من 1000 دولار في الثانية أو 60 ألف دولار في الدقيقة أو 93.5 مليون دولار في اليوم. فهوامش الربح المطبقة تتجاوز كل الفهم: إذ في الوقت الذي تبلغ فيه تكلفة جرعة لقاح PfizerوBioNTech أقل من دولار واحد (0.88 دولار)، يتم بيعها بأكثر من 20 دولار. إنه رقم غني عن التعليق.من جانبها، انتهزت مجموعة GAFAM الفرصة. وحققت شركات التكنولوجيا العملاقة نتائج خرافية، حيث حققت 300 مليار دولار من الأرباح الصافية ضمن رقم معاملات بلغ 1350 مليار دولار، أي ما يعادل 10 أضعاف الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب، ونصف الناتج الداخلي الإجمالي لفرنسا!!بالطبع، لا يزال النقاش حول مدى ملاءمة وفعالية لقاحات كوفيد19 مفتوحًا بين العلماء والخبراء. إذ نُشر مؤخرًا (فبراير 2023) كتاب يغوص في الأعماق. عنوانه يكشف المضمون: «المتدربون السحرة، ما لا تعلمونه حول اللقاح بطريقة ARN messager»، حيث درست المؤلفة ألكسندرا هنريون كود الدكتورة في علم الوراثة، على وجه الخصوص كيف عدلت البيئة جيناتنا، وخاصة الحمض النووي في أمراض الطفولة. وبناءً على التحقيقات والدراسات المختلفة، ونكسات بعض اللقاحات ضد الأمراض الأخرى المسجلة في الماضي، فقد توصلت إلى استنتاجات أقل ما يقال عنها أنها مخيفة. حيث تشير قائمة من الآثار الضارة من Brighton Collaboration، وهي شريك في منظمة الصحة العالمية، إلى ظهور سلسلة من الاضطرابات المتعلقة باللقاحات: أمراض الدم والمناعة والرئة والقلب والأوعية الدموية بما في ذلك التهاب عضلة القلب والتهاب التامور وعدم انتظام ضربات القلب وفشل القلب وتلف الكلي والتهاب الكبد الحاد والأعصاب والجلد. ومن المرجح أن يتم تحديث هذه القائمة مع ظهور أدلة جديدة. هذه كلها آثار جانبية دفعت المؤلفة إلى القول، نقلاً عن دراسة أجراها علماء في هارفارد وجونز هوبكنز، إن «اللقاح قد يكون أكثر خطورة من الفيروس نفسه».الكتاب مليء بالكشف عن محدودية التطعيم باللقاح، خاصة للأطفال الصغار والنساء الحوامل. وقراءة هذا الكتاب تقلق بشدة وتزكي إلى حد ما أولئك الذين كانوا مشككين في اللقاح. الأمر متروك للعلماء والخبراء لطمأنتنا، ولكي نعيد صياغة الفكرة التي عبرت عنها مؤلفة كتاب «المتدربون السحرة» يمكن القول أن الموضوع لا يتعلق بالتعامل مع الطقس أو الموضة، بل يعني صحة البشر.
ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة
> بقلم: د. عبد السلام الصديقي