سوق السبت: حملات السلطة المحلية على البناء العشوائي تتطلب تضافر الجهود وربط المسؤولية بالمحاسبة

عادت مؤخرا، السلطات المحلية بسوق السبت لتستأنف حملاتها على المترامين على الملك العمومي، في ظروف اتسمت بقلة الوسائل اللوجيستيكية والموارد البشرية اللازمة، الأمر الذي يستدعي أمام استفحال الظاهرة، تدخل السلطات الإقليمية بثقلها لدعم عمليات الهدم ومدّ يد المساعدة.
وحملة يوم 21 أكتوبر الجاري، لا تختلف في جوهرها وأهدافها عن الحملات السابقة، حيث اتضح أن السلطات المحلية “تتْعَدِّي بَلِّي كان” وأن حملتها في ذاك اليوم تدخل في نفس الإطار، بحيث أنها غامرت ببضعة أفراد محسوبين على رؤوس الأصابع لتهدم حوالي “أربع برّاكات “من القصب نبتت بساحة السوق الأسبوعي، كان الهدف من ورائها حسب مصادر بيان اليوم، التهديد غداة ترحيل السوق باحتلال المكان من أجل الحصول على تعويض مادي. والجديد في الموضوع، أن المترامين أنفسهم على الملك العام، قد تنبّهوا لهذا النقص في العتاد والآليات وفي عدد أفراد القُوّى المشاركة، وعادوا بقوة ليباشروا أعمالهم غير القانونية، مستغلين بذلك الفترة الانتقالية للمجلس وانشغال السلطة الأخير بتتميم فقرات المسلسل الانتخابي وترميم هياكله.
والسلطات التي تنبهت لأبعاد الظاهرة، استأنفت عملها، وهي تشكو من اختلالات ذاتية غالبا ما كانت عائقا وراء تنفيذ برنامجها بشكل دقيق. ولعل محاولتها الأخيرة بالقرب من دوار العدس التي وصفناها بالفاشلة خير دليل على ما نقول.
ليبقى السؤال العريض، هو متى تتحمّل كامل الأطراف مسؤولياتها في الحد من الظاهرة، ومتى يكف بعض المسؤولين بالمجلس البلدي عن التشكي واعتماد أسلوب التبرير من خلال الجهر بالقول خلال دورة المجلس الأخيرة  العلنية على أن الظاهرة استفحلت بمختلف مناطق المملكة، وأن الخلاصة تتضمنها مقولة” العين بصيرة واليد قاصرة.؟ وإلى متى تتدخل السلطات المختصة للضرب على أيدي من يُقدمون رخص استغلال الملك العمومي دون مراعاة للمصلحة العامة؟ والجليّ الآن، أن الذي لا يختلف عنه اثنان، هو تسليم الكل على أن احتلال الملك العمومي والترامي عليه أصبح فعلا بمدينة سوق السبت إشكالا حقيقيا بالمعنى الفلسفي، لكن جوهر الاختلاف هو أن تتهرب كل الأطراف من المسؤولية، وأن تتملّك فكرة الانتخابات عقول المنتخبين إلى درجة التسلّط في كل لحظة جدِّ واشتغال أو كلما دعت الضرورة لمواجهة ظاهرة مرضية يكون المواطن مسؤولا عنها.
لذا، وبناء على ما سبق نشير إلى أن السلطات المحلية تتحمل فعلا المسؤولية، لكن أكيد أنها ليست كل المسؤولية، فصمت المنتخبين وتواطؤ بعضهم أحيانا، وغياب الدعم اللوجستيكي، وتهرب المجلس البلدي أحيانا من توفير الآليات اللازمة ومشاركة المفوضية ببضعة عناصر لا تتجاوز أحيانا شخصيْن، وعزوف باقي الأطراف عن العمل ليل نهار مع عودة الأشغال إلى حال سبيلها في اليوم الموالي، في غياب إجراءات زجرية حقيقية، كلها عوامل تؤثر في محاربة الظاهرة وتفسح المجال للعديد من لوبيات العقار للاستمرار في الاغتناء اللاشرعي، وتجعل المسؤولية غامضة، ويُمسي سؤال المحاسبة مُجرد حبر على ورق.
وبذلك، وإلى حين استلهام روح الخطابات السامية  الداعية إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة والعمل بروح تشاركية وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار،نشير أن تطلعات الساكنة عريضة وأن الرهان صعب، وأنه دون تجديد التفكير في آليات الاشتغال ووضع إستراتيجية محكمة وحكيمة..، سيظل الوضع على ما هو عليه، وسنبقى نجتر نفس الخطاب وندور في حلقة مفرغة، وما أعتقد أنه لهذا الغرض حجّ مئات المواطنين إلى صناديق الاقتراع لاختيار هذا الشخص أو ذاك؟؟.

*

*

Top