صالة «إيدن آر كالري» بالدار البيضاء.. تحتضن معرضا استعاديا للفنانة التشكيلية مونية تويس

نظمت صالة «إيدن آر كالري» بمدينة الدار البيضاء، مساء يوم الخميس 16 يناير الجاري، معرضا استعاديا للفنانة التشكيلية مونية تويس. وقد اختارت له مديرة المعرض، فاطمة الزهراء الطاهري، عنوان: «عبور: 30 سنة من الإبداع». وسيستمر المعرض إلى غاية 6 فبراير المقبل.
ويحتفي المعرض بثلاثة عقود من المسيرة الفنية للتشكيلية مونية تويس، التي قالت في تصريح لجريدة «بيان اليوم»: معرض (عبور: 30 سنة من الإبداع) هو معرض استعادي، فيه بعض من أعمالي وليس جميعها، وهي أعمال مختارة تمثل ثلاثة عقود من مسيرتي في التشكيل. لقد كان من الصعب اختيار اللوحات التي ستعرض في هذا المعرض واختزال مسار 30 سنة في هاته اللوحات المعروضة».
وجوابا على سؤال حول علاقتها بالفن وبداياتها، أفادت المتحدثة: «كنت أميل للرسم منذ الصغر، كانت لدي تلك الموهبة، لكني صقلتها بالدراسة، حيث تخرجت من المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بتطوان عام 1992، ثم درست في إسبانيا ببرشلونة لمدة ثماني سنوات، لقد خلقت لأن أكون فنانة (تضحك)».

تحاول مونية الاشتغال على تيمات مختلفة في أعمالها الفنية حسب المواضيع التي تقترحها المعارض التي تقدم فيها لوحاتها. أما في حديثها عن الألوان فتقول مونية: «الألوان التي أستخدم في لوحاتي لا تكون بالضرورة في اللوحة، بل في الروح (…)، حيث أحاول الاشتغال على الألوان الموجودة في الطبيعة، وهي ألوان تخزنها العين منذ الصغر. كما أشتغل، أيضا في لوحاتي بالألوان الزيتية وألوان الأكريليك».
واختتمت مونية حديثها للجريدة بالقول: «درسنا جميع المدارس كمنهج، ولكن في الأخير، الفنان يرسم انطلاقا من مدرسته التي عاشها في الحياة، ومن تجاربه الخاصة. لذا أخذت من كل فنان ومن كل تجربة شيئا ما، سواء من بيكاسو أو ماتيس…».

وانتهزنا تواجد الباحث والناقد الفني محمد أمسكان في افتتاح المعرض لننتزع منه التصريح التالي: «مونية تويس، هي فنانة من الجيل الثالث أو الرابع، متمكنة من أدواتها لأنها درست بمدرسة الفنون الجميلة بتطوان، وتابعت دراستها بشكل عميق في إسبانيا، وبالخصوص بمدينة برشلونة التي قضت فيها سنوات من الدراسة، أي أنها درست جميع أنواع التشكيل، بما فيها الصباغة والرسم والنحت، والخزف».
ويعتبر أمسكان بأن «أعمال مونية تويس كانت دائما متميزة منذ بداياتها التي كانت تتسم بالتشخيص، قبل أن تنتقل إلى التجريد». مضيفا أن الفنانة مونية «عرضت لوحاتها تقريبا في مختلف المدن العالمية، وأعمالها موجودة في متاحف عالمية. وما زالت تشتغل بشكل مستمر».
واختتم أمسكان تصريحه للجريدة قائلا: «هذا المعرض يعطينا نظرة عن عالم مونية وأعمالها المستوحاة من طفولتها بمدينة تطوان ومعمار المدينة، إلى تجوالها عبر العالم. كما تعكس أعمالها، أيضا، حالاتها النفسية».
في تصريح مماثل، قال الكاتب والمفكر عبد القادر الشاوي، في شهادة لبيان اليوم في حق مونية، أثناء تواجده في افتتاح المعرض: «تجربة مونية تويس، حسب علمي ومعرفتي ومتابعتي لإنتاجاتها، هي تجربة مهمة جدا، لأنها تعكس مراحل مختلفة، وفي كل مرحلة كان لها إبداع متميز. فيمكن القول إنها انتقلت من التشخيص إلى التجريد.. ولكن في إطار تصورها الفني الذي يعتمد على امتزاج ألوان مختلفة، وهي ألوان غالبا هادئة، خلقت من خلالها عالمها الخاص».

يضيف الشاوي بأن «تجربة مونية تويس لها مكانتها في تاريخ الفن التشكيلي المغربي المعاصر، وهي مكانة ترتكز على أسس فنية وأيضا ثقافية مهمة. لأن مونية تلقت تعليمها في تطوان بالمدرسة التاريخية المعروفة، ولكن، أيضا، في إسبانيا، وهي تجربة زودتها الكثير من الأدوات التي طبعت تجربتها ومسارها الفني».
يرى عبد القادر الشاوي بأن «تجربة مونية تويس على مدار الثلاثين سنة خلفت أثرا فنيا مهما ولد عبر ممارستها للفن التشكيلي بالطريقة التي اختارتها. وقد أنتجت عالما ملونا هادئا بتعبيرات رمزية متداخلة تعتمد على الرؤية البصرية العميقة في اللوحة».
ذلك ما جعلها، يضيف الشاوي، «تختار في كثير من المراحل اللوحات ذات الحجم الكبير (بالرغم من أن لديها لوحات ذات حجم صغير)، إلا أن اللوحة الكبيرة تجذب المشاهد، ولكن أيضا تدخله في بحر كبير يقرأ فيه التفاصيل الصغيرة باهتمام».
هذا وتجمع أعمال مونية تويس لحظات متفرقة من فترات عيشها في بلدان مختلفة، هناك لوحات رسمتها في 2008 و2010 في برشلونة، وأعمال أخرى في 2022 في باريس، ومنها ما هو جديد رسم في يناير الجاري. وقد ظلت تطوان تلاحقها أينما رحلت، وظهرت تلك اللمسة في العديد من أعمالها، كما حاولت التحسيس بمواضيع مختلفة من خلال لوحاتها التشكيلية.
وتعكس أعمال مونية تويس بحثا داخليا عميقا، بأسلوب فني يمزج بين التقليد والحداثة، وبين الذاتي والكوني، في عالمها الشاعري بالتأثيرات المتعددة التي ألهمت أعمالها التشكيلية في مسيرتها الفنية.
جدير بالذكر، أن مونية تويس، المزدادة بتطوان سنة 1971، وتقيم بين المغرب وإسبانيا، حصلت على دبلوم المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وعلى شهادة الدكتوراه من كلية الفنون الجميلة بجامعة برشلونة سنة 2000. ونظمت الفنانة، التي حازت على جائزة ماريانو بيرتوشي سنة 1992، العديد من المعارض في المغرب وخارج

متابعة: سارة صبري
تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top