مؤتمر الموزمبيق، ما حوله وما بعده…

ما شهده الاجتماع الوزاري الأخير الذي جرى في مابوتو بالموزمبيق  لمتابعة المؤتمر الدولي لطوكيو حول تنمية إفريقيا”تيكاد”، والمضايقات التي تعرض لها الوفد المغربي ووزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة، يُبين أن تحديات حقيقية مستمرة أمام الديبلوماسية المغربية من داخل مؤسسات وهياكل الاتحاد الإفريقي في الدفاع عن وحدتنا الترابية، أي أن استعادة عضوية المملكة داخل المنظمة القارية ليست نهاية المشاكل والمواجهات مع خصوم مغربية الصحراء، ولكن هو استمرار المواجهة بصيغ أخرى، وهذا على كل حال كان واردا منذ البداية، ويدركه المغرب، ويستحضر معادلاته.
الممارسات الاستفزازية والمتخلفة التي تكلفت دولة الموزمبيق باقترافها، نيابة عن خصوم المغرب الآخرين، أفضت إلى إفشال الاجتماع الوزاري الإفريقي الياباني، وتسببت في استياء الحكومة اليابانية وبلدان إفريقية أخرى شاركت في اجتماع مابوتو، وتفرج العالم على ما تتسبب فيه العقلية القديمة لحكام أفارقة غارقين في الاستبداد والفساد والديكتاتورية من أزمات لدولها وشعوبها ولكل القارة.
إن ما حدث في مابوتو ليس لقطة فيديو، وليس تشابكا وعراكا يجب الاعتزاز بمن انتصر فيه ورفع يده إلى الأعلى، ولكن الأمر يتعلق بإصرار مغربي على فرض حقه، وعلى التعبير عن رفضه للاستفزاز ولخرق القانون، علاوة على أن الوقائع يجري تقييمها بنتائجها.
ولهذا، فإن التصريحات التي صدرت عن الخارجية اليابانية عقب المؤتمر، وتدخل طوكيو، باعتبارها البلد المنظم والداعي، لفرض حضور الوفد المغربي، واضطرار دولة الموزمبيق للتخلي عن بعض أعضاء وفدها ليشغل عناصر الجبهة الانفصالية مقاعدهم باسم الموزمبيق، وليس باسم جمهوريتهم الوهمية، كل هذا يبرز حقيقة ما حدث بالفعل، ومن انتصر ومن انهزم.
إن ما حدث في مؤتمر الموزمبيق، وأيضا ما سعت إلى افتعاله بعض عناصر ما يسمون “انفصاليي الداخل” أول أمس بالمطار، كل ذلك يفضح انكباب خصوم المملكة على صياغة مخططات لاستفزاز المغرب واصطناع حملات تستهدفه، ومن ثم يبرز أن تحديات عديدة تتصل بقضيتنا الوطنية مطروحة علينا في القادم من أسابيع وشهور، ولابد من التعبئة لمواجهتها، ديبلوماسيا وسياسيا وإعلاميا وميدانيا، والتحلي باليقظة، وبالهجومية الديبلوماسية.
إن العمل الديبلوماسي المرتبط بالدفاع عن وحدتنا الترابية، والسعي لتمتين حضور المملكة ضمن هياكل الاتحاد الإفريقي وداخل كامل المعادلات القارية، يفرضان اليوم عدم ترك وزارة الخارجية والممثليات الديبلوماسية وأجهزة الدولة لوحدها منخرطة في هذا الجهد، ولكن لا بد من ربط عملنا الديبلوماسي بحس نضالي وطني وأفق سياسي شعبي.
تقوية العمل والحضور داخل القارة ومواجهة خصوم وحدتنا الترابية، يجب أن يكونا كذلك من مهام الأحزاب الوطنية الجدية ذات التاريخ والمصداقية والمعرفة والعلاقات، وأن تتعزز التعبئة الوطنية بمضمون سياسي شعبي يتسم بالمصداقية والخبرة والتجربة، ويكرس لبلادنا حضورا قويا في كل المحافل والمنتديات السياسية والإعلامية والمدنية والاقتصادية والمجتمعية.
ومن جهة أخرى، ما حدث في مابوتو وبالمطار يُبين كذلك أن قضية وحدتنا الترابية يجب أن تحضى بالمزيد من الاهتمام السياسي والإعلامي، وأن تكرس أسبقيتها كأولوية وطنية، وأن لا نغفل كلنا ما ينتظرنا من تحديات على هذا الصعيد.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top