نظمت جمعية النادي المغربي للبيئية والتنمية، بشراكة مع منتدى جيو أطلس للبيئة والتنمية المستدامة ونادي البيئة والتغذية والصحة التابعان لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك، وكلية طب الأسنان بجامعة الحسن الثاني، وبدعم من التحالف العالمي للحد من استعمال الزئبق في علاج الأسنان، مؤخرا، حملة توعية لمدة أسبوع.
وتندرج هذه الحملة التحسيسية في سياق التوعية بمخاطر الزئبق وتسليط الضوء على الآثار السلبية لاستخداماته المختلفة، وتعزيز الوعي لدى مختلف الفئات المجتمعية، ودعم التحول نحو بدائل آمنة ومستدامة، بما يسهم في حماية الصحة العامة والبيئة.
ويعتبر الزئبق أحد المعادن الثقيلة السامة المستخدمة في عدة مجالات، من أبرزها طب الأسنان عبر الحشوات الفضية (الأملغم). ورغم فعاليته، فإن التعرض له يسبب أضرارا خطيرة على صحة الإنسان، تشمل تأثيرات على الجهاز العصبي والتنفس، فضلا عن آثاره البيئية الناتجة عن تسربه إلى التربة والمياه. وللتصدي لهذه المخاطر، اعتمدت الأمم المتحدة عام 2013 اتفاقية “ميناماتا” بشأن الزئبق، التي تهدف إلى الحد من استخداماته الضارة.
ويذكر أن للمغرب سبق أن وقع على الاتفاقية في إطار التزامه بالمساهمة في الجهود البيئية والصحية الدولية، لكن لم تصادق بعد على الاتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق (Minamata Convention on Mercury) التي تعد معاهدة دولية تهدف إلى حماية صحة الإنسان والبيئة من انبعاثات الزئبق ومركباته وإطلاقاته بشرية المنشأ، إلا أن استعمالات الزئبق في أغراض “أملغم” الأسنان تكاد تكون محدودة حسب المعلومات المتوافرة.
وجاءت اتفاقية “ميناماتا” نتيجة 3 أعوام من الاجتماعات والمفاوضات والتي تم بعدها الاتفاق على نص المعاهدة من قبل ممثلي مايقارب 140 دولة بتاريخ 19 يناير عام 2013 في جنيف. واعتمدت ووقعت لاحقا في 10 من أكتوبر من العام ذاته في مؤتمر دبلوماسي عقد في مدينة كوماموتو في اليابان.
وشكلت الحملة التحسيسية فرصة سانحة لعرض عدة أفكار معرفية، وفتح نقاش علمي حول موضوع الزئبق واستعمالاته، والأضرار على المستويين البيئي والصحي، كاستعماله في علاجات الأسنان، وكذلك البدائل الآمنة عن استعمالاته الضارة والتوعية بمخاطره على الصحة والبيئة خاصة على صحة المرأة الحامل، والمرضعة والأطفال.
وتداول المشاركون بالدرس والتحليل مخاطر استعمال حشوة الزئبق في علاج الأسنان على صحة الأطفال والرضع والنساء المرضعات والحوامل، إضافة الى المعالجين من أطباء وممرضين ومهنيين عموما. وما يخلفه ذلك من آثار ضارة على البيئة من خلال التلوث بالمواد السامة للماء والتربة والأنظمة البيئية، بما يؤثر سلبا على الصحة البشرية والامن الغذائي عامة.
وحفزت الحملة خلال الأيام التحسيسية للمهنيين في مجال طب الأسنان على استخدام بدائل آمنة. ومكنت الملتقيات من تعزيز التعاون بين مختلف الفاعلين ذوي العلاقة من أجل الحد من استعمالات الزئبق في الأغراض العلاجية عامة وعلاج الأسنان خاصة، وتشجيع السياسات البيئية الصحية التي تقلل من التلوث الناتج عن الزئبق.
واتسمت الحملة التوعوية بالاتفاق على مضمون مذكرة ترافعية ترفع لبعض الفرق البرلمانية من أجل المرور من مرحلة التوقيع إلى مرحلة المصادقة على اتفاقية “ميناماتا” في المغرب.
وحدد الأستاذ محمد فتوحي، رئيس النادي المغربي للبيئة والتنمية وأستاذ باحث بجامعة حمد الخامس بالرباط، سياق وأهداف وأهمية تنظيم حملة حول الحد من استعمال الزئبق في الأغراض الصحية. واستعرض الجهود المبذولة على المستوى الوطني والدولي للحد من استخدام هذا المعدن السام كما سلط الضوء على أهمية تفعيل اتفاقية “ميناماتا” في المغرب وتحرير البدائل الأمنة في الممارسات الصحية.
وشهدت الملتقيات التحسيسية عدة أنشطة تناولت بالشرح مخاطر التلوث الذي يسببه الزنبق وتأثيره على البيئة، ضمن ندوات وموائد مستديرة ناقشت الوضعية وآفاق مواجهة الإشكالية. وانعقدت ندوة مع جمعيات المجتمع المدني والمنتخبين حول دورهم في التحسيس بخطورة حشو الأسنان وخطر تعرض جسم الإنسان لمادة الزئبق. وتم عرض شريط وثائقي تجسيمي بعنوان “حشوات الأسنان والتسمم” لقي تفاعلا كبيرا من لدن المشاركين وتناقشوا حول فحوى الشريط ومختلف الاشكالات المرتبطة بخطورة استعمالات الزنيق على صحة الإنسان وخاصة الأسنان.
< محمد التفراوتي