إجرام في فرنسا

العمل الإجرامي الذي شهدته تولوز الفرنسية يستحق الإدانة من طرف الجميع، وليس داخل فرنسا وحدها، فهو إرهاب، وهو إجرام، وهو رعب …
ما حدث يستوجب أيضا مواصلة الإصرار على محاربة الإرهاب، واستمرار اليقظة، وأيضا الحرص على تكريس السلم والأمن في العالم، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، وهي الأكثر سخونة في عالم اليوم، وذلك من خلال الحل العادل لمعاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الصهيوني، والعمل من أجل تثبيت الاستقرار والتقدم في أفغانستان والعراق ولبنان واليمن وفي بقية المناطق.
واستحضارا لردود الفعل التي أعقبت جريمة تولوز مباشرة، فان انعكاسات سلبية تهدد الأوضاع في المنطقة، كما أن السياق الانتخابي الفرنسي الحالي، يفاقم الخشية من أن يستغل اليمين المتطرف في فرنسا وعبر كل أوروبا الحادث الدموي ليحصد أصوات الناخبين، وأيضا ليستهدف حقوق الجاليات المسلمة والمغاربية في أوروبا، وخصوصا في فرنسا.
قاتل تولوز قدم إذن خدمة لا تقدر بثمن للصهاينة المحتلين، وللمتطرفين اليمينيين في فرنسا وفي أوروبا، ووجه طعنة كبيرة للمسلمين وللمغاربيين، وللشعب الفلسطيني المقاوم من أجل دولته المستقلة وعاصمتها القدس، و تبذل هذه الأيام جمعيات المهاجرين في فرنسا ومسؤولو التمثيليات الإسلامية والمغاربية جهودا سياسية وتواصلية كبيرة من أجل تفادي الخلط بين الإرهاب والإسلام، ومن أجل ألا يتضرر المهاجرون أو تمس حقوقهم، وهي الجهود التي تصطدم بالتسابق الانتخابي حول  أصوات الفرنسيين، وبالتالي يكون من الصعب في مثل هذه الظرفية الطافحة بالوعود والشعارات وأيضا الشعبويات، الاحتكام إلى العقل والى الموضوعية.
الماكينة الدعائية تتحرك بقوة في فرنسا للهجوم على المسلمين والعرب والمغاربيين، ومساندوا إسرائيل خرجوا من جديد لعرض دور الضحية والمظلوم في الساحة الإعلامية والسياسية، والمهاجرون وجدوا أنفسهم مرة أخرى في مواقع الدفاع عن النفس، والمسؤولية اليوم ملقاة على الطبقة السياسية الفرنسية، وعلى وسائل الإعلام والمثقفين، من أجل تفادي الخلط بين الإرهاب والجاليات المغاربية والمسلمة، ومن أجل اجتناب تفاقم العداء تجاه هؤلاء الملايين الذين يخدمون فرنسا يوميا، ويعيشون داخلها، وبالتالي من أجل تجاوز هذه اللحظة القاسية، والانتصار على الإرهابيين وإفشال مخططاتهم وأهدافهم التي تسعى إلى إحداث الصراع والعداء بين الشعوب والحضارات.
الإرهاب مرفوض ومدان، وهو إجرام وقتل سواء اقترفه مغاربي أو مسلم، أو قام به متطرف مسيحي أو يهودي، أو متطرف نازي، أو يميني عنصري، ولهذا فان الجواب يكمن في مواصلة التعبئة العالمية ضد الإرهاب، وفي استمرار العمل من أجل السلم والأمن والاستقرار، وفي القضاء على الاحتلال، وفي تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتنمية.
[email protected]

Top