إنجازات لا تنسى في تاريخ الرياضة المغربية -الحلقة 18-

من المؤسف حقا الإقرار بأن الرياضة المغربية لم تحقق إنجازات كثيرة على مدار أزيد من قرن من الممارسة والتنافس، سواء خلال فترة الحماية الفرنسية أو بعد استقلال البلاد، بل حتى في الألفية الثالثة ما تزال الكثير من رياضاتنا عاجزة عن بلوغ قمة الهرم رغم توفرها على إمكانيات لم تكن متاحة في السابق. ومن المؤسف أيضا أن ترتبط الإنجازات القليلة-في المجمل- بمجهودات فردية لرياضيين استثنائيين، وفي رياضة واحدة هي ألعاب القوى، بداية بالثنائي الذهبي سعيد عويطة ونوال المتوكل، مرورا بالبطلين إبراهيم بولامي وخالد السكاح والأسطورة هشام الكروج، انتهاء بالأيقونة سفيان البقالي. فالجيل الرائع لمنتخب كرة السلة في الستينيات ذهب ولم يعد، وإنجازات الملاكمة لم تتخط 4 ميداليات أولمبية و4 أخرى في بطولات العالم، أما باقي الرياضات الشعبية فلم تحرك ساكنا وظلت إنجازاتها متواضعة ومرتبطة بمسابقات محلية أو إقليمية أكثر من التوهج على الصعيدين القاري والدولي. وحتى وإن كان منتخب كرة القدم يطارد لقبا قاريا ثانيا منذ 47 سنة، فقد نجح مؤخرا في تخطي إنجازه التاريخي في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك، بملحمة استثنائية أوصلته إلى دور نصف نهائي مونديال قطر 2022، مزكيا للتطور المذهل التي عرفته الكرة المغربية في العقد الأخير ليس على مستوى المنتخب الأول، بل على صعيد نتائج الأندية والكرة النسوية. وتزامنا مع الملحمة الخالدة للفريق الوطني، اختارت “بيان اليوم” نبش إنجازات الماضي البعيد والقريب، للرياضة المغربية، إنجازات على قلتها، لن ننساها أبدا.

المنتخب الوطني بنصف نهائي كأس العالم (2/5)

بعد التعادل السلبي في مباراته الأولى بكأس العالم 2022 في قطر أمام منتخب كرواتيا، دخل الفريق الوطني اختبارا قويا أمام بلجيكا القوية والمتصدرة السابقة لتصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وهو مؤمن بحظوظه في التنافس على إحدى بطاقتي التأهل إلى الدور الثاني.
بدأت كتيبة “أسود الأطلس” المواجهة بحذر وحيطة كبيرين نظرا لأن أي خطأ سيكون جد مكلف أمام تشكيلة مدججة بالنجوم كالمهاجم روميلو لوكاكو والجناح إيدين هازارد والمايسترو كيفين دي بروين، ومع توالي الدقائق اكتسبت النخبة الوطنية الكثير من الثقة وتخلت عن التحفظ الدفاعي المعروف في أسلوب المدرب وليد الركراكي.
وبفضل تغييراته الناجحة في الشوط الثاني، فرض المنتخب الوطني نفسه تدريجيا على خصم ظهر محدود الإمكانيات على غير العادة ولم يستطع فك تماسك الدفاع المغربي، لتعلن الدقيقة 73 عن هدف أول بواسطة عبد الحميد الصابيري، لم تنجح كافة المحاولات البلجيكية في تعويضه، بل إن البديل زكرياء أبوخلال اقتنص هدفا ثانيا في الوقت بدل الضائع.
هذا الفوز وضع كتيبة الأسود في موقف قوة لتكرار إنجاز جيل مونديال المكسيك 1986، فقد رفعت رصيدها إلى 4 نقاط بالتساوي مع كرواتيا التي سحقت كندا بنتيجة (4-1)، ما يعني أن الانتصار في المباراة الثالثة على الحلقة الأضعف في المجموعة، سيضمن تأهل رفاق رومان سايس بغض النظر عن نتيجة اللقاء الآخر بين الكروات والبلجيكيين.
وبالفعل، انتزع المنتخب الوطني التأهل المنشود منذ عقود بفوز على كندا بهدفين لواحد، وقعهم كل من حكيم زياش ويوسف النصيري ونايف أكرد خطأ في مرماه، ولم يكتف بتحقيق فوزه الثاني تواليا في البطولة، ليتصدر المجموعة السادسة برصيد 7 نقاط بعد تعادل بلجيكا وكرواتيا دون أهداف، ما تسبب في إقصاء مبكر لـ “الشياطين الحمر”.
وعقب هذا الإنجاز التاريخي، صرح الركراكي الذي لم يسعفه الحظ في المشاركة في المونديال، قائلا بعد مواجهة كندا: “لماذا لا نحلم بالفوز بكاس العالم؟”، مضيفا “لم نأت إلى هنا لنخسر، كل شيء ممكن والمستويات متباينة للمنتخبات مثلما شاهدنا الأرجنتين وفرنسا. أعتقد أن الأفارقة يمكنهم الذهاب بعيدًا .. ونحن نعطي حلمًا للجيل القادم”.

< إعداد: صلاح الدين برباش

Related posts

Top