إيران تنحني أمام عاصفة الحزم الدبلوماسية السعودية اكتفاء بأخف الأضرار

شبّه مراقبون التحرّك السعودي السريع والمكثّف ردّا على الاعتداء الذي طال مقري سفارة وقنصلية المملكة في طهران وقم إثر إعلان الرياض عن إعدام رجل الدين السعودي نمر النمر، بـ”عاصفة حزم دبلوماسية”، شلّت حركة إيران ودفعتها إلى محاولة التهدئة مخافة أن تشمل الأضرار التي طالت علاقتها بمحيطها، مسار تحسين العلاقة بدول الغرب التي تعمل إيران على استمالتها أملا في الخلاص من العقوبات الاقتصادية.
وتحيل عبارة “عاصفة الحزم” على العملية العسكرية المفاجئة التي شنها تحالف شكلته السعودية في مارس الماضي بهدف التصدّي لغزو جماعة الحوثي الموالية لإيران لمختلف المناطق اليمنية.
وفاجأت المملكة مجدّدا جارتها اللدود إيران بدرجة كبيرة من الحزم تجلّى في حركة سريعة ومرنة لدبلوماسيتها تجاوبت معها عدّة بلدان بادرت إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران أو تخفيض مستواها.
وبرز مجدّدا المحور السعودي الإماراتي كجدار صدّ أول ضدّ التدخّل الإيراني في شؤون المنطقة، وذلك من خلال سلسلة مواقف تضامنية للقيادة الإماراتية جدّد التعبير عنها وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة والذي خرج بشبه إجماع على إدانة السلوك الإيراني تجاه المملكة لم يشذّ عنه سوى لبنان.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد تضامن بلاده التام مع المملكة العربية السعودية إزاء التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية واستعداد دولة الإمارات لاتخاذ أي خطوات إضافية لدعم ومساندة المملكة بأي شكل كان.
وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في ختام الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد برئاسة الإمارات “هل إيران دولة أم ثورة. وإلى أن تجيب إيران على هذا السؤال أعتقد أنه من الصعب أن نتعامل معها بجدية”.
وتجاوزت موجة التضامن مع السعودية حدود منطقة الخليج والعالم العربي. وجاءت أقوى الرسائل من باكستان التي زارها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتقى كبار مسؤوليها ومن بينهم قائد الجيش الفريق أول راحيل شريف الذي وجّه رسالة واضحة وقوية قائلا إن أي تهديد لسلامة الأراضي السعودية من شأنه أن يثير ردة فعل قوية من باكستان، مضيفا أن بلاده تولي أهمية كبيرة لأمن دول مجلس التعاون الخليجي.
وأدّى التحرّك السعودي السريع إلى شلّ حركة طهران التي أكّدت مصادر دبلوماسية أنها كانت تستعدّ لشن حملة شعواء على المملكة بعد إعدام نمر النمر، لكن تسرّعها بالسماح بالاعتداء على مقرّي السفارة والقنصلية السعوديتين مثّل خطوة غير محسوبة أفسدت مخطّطها.
ولاحقا حاولت طهران أن تبني هجوما جديدا على المملكة بادعاء قصف طيران التحالف العربي سفارتها في العاصمة اليمنية صنعاء، لكنها اضطرت في الأخير إلى التراجع بعد أن لاحظت الفتور الإعلامي والسياسي الدولي مع ذلك الادعاء.
وتهرب أول أمس المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري، من الإجابة على سؤال صحفي حول عدم تقديم طهران أدلة تثبت ادعاءاتها، بخصوص تعرض سفارتها في صنعاء إلى قصف من قبل السعودية في إطار غارات التحالف العربي.
ووجه السؤال مراسل وكالة الأناضول خلال مؤتمر صحفي في مبنى الخارجية بطهران، لكن أنصاري اكتفى بالقول، “كنت أجبت سابقا على هذا السؤال”.
وتأكدت أول أمس مجدّدا مساعي إيران للتهدئة للحدّ من الأضرار الناتجة عن الاعتداء على المقرات الدبلوماسية السعودية وذلك بتحميل مسؤول أمني بارز المسؤولية، معلنة أن بعض الذين نفذوا الهجوم يجري التحقيق معهم.
ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين يخشون أن تداعيات القضية ستؤدي إلى إخراج الجهود الرامية لإنهاء أعوام من العزلة عن الغرب عن مسارها بعد توقيع اتفاق نووي تاريخي مع قوى عالمية في يوليو الماضي.
وقطعت السعودية والبحرين ودول أخرى علاقاتها مع إيران بسبب الهجوم. وخفضت الإمارات التمثيل الدبلوماسي في حين استدعت دول أخرى سفراءها للاحتجاج.
وسارعت الحكومة الإيرانية للنأي بنفسها عن الهجوم على السفارة والقنصلية السعوديتين قائلة إن “محتجين” تمكنوا من دخول السفارة السعودية على الرغم من جهود كبيرة بذلتها الشرطة لمنعهم.
وأعلنت وزارة الداخلية في بيان نشرته وكالة فارس للأنباء أمس “استنادا إلى تحقيقات أولية ثبتت أخطاء صفر علي باراتلو نائب حاكم طهران لشؤون الأمن وتم استبداله على الفور بسبب حساسية القضية”.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن عباس جعفري دولت أبادي المدعي العام في طهران قوله إنه تم التعرف على بعض المهاجمين وألقي القبض عليهم ويجري التحقيق معهم.
وطالب الرئيس حسن روحاني السلطة القضائية بسرعة محاكمة من هاجموا السفارة السعودية “من أجل وضع نهاية حاسمة لكل الإساءات والأضرار التي لحقت بكرامة إيران وبالأمن الوطني”.
وهذه الخطوات القوية لتوجيه اللوم لمسؤول ومحاكمة الجناة في الهجوم على السفارة غير معتادة في إيران.
فمازالت طهران تحتفل بذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979 كل عام وتشير إليها باعتبارها ثورتها الثانية.
ومنذ ذلك الحين شن الإيرانيون هجمات على عدة سفارات في طهران منها السفارة الكويتية في عام 1987 والسعودية عام 1988 والدنمركية عام 2006 والبريطانية عام 2011 وأدت أغلب هذه الهجمات إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.

Related posts

Top