“اتحاد” .. عنوان المعرض الجديد للفنانة التشكيلية كريمة ديلينا ببنكرير

بعد مشاركة ناجحة للفنانة التشكيلية المغربية الفرنسية كريمة ديلينا، خلال شهر شتنبر الماضي، في الملتقى الدولي الثامن “رحلة فن” لمؤسسة المسلة للفنون بالتعاون مع المنظمة العربية لدعم المواهب والاتحاد الدولي لمنظمات السلام العالمي والاتحاد الدولي للمثقفين العرب، إلى جانب أكثر من 70 عملا فنيا (بين رسم ونحت وخزف وخط وتصوير فوتوغرافي) بمشاركة 65 فنانا من مختلف الدول العربية والأجنبية.. تستعد الفنانة كريمة ديلينا لإقامة معرضها الفردي الجديد برواق الفنون بالمركز الثقافي بنكرير يوم السبت القادم (14 أكتوبر 2023)، بمبادرة من جمعية الفن السابع ببنكرير وسيستمر المعرض طيلة أسبوع تحت شعار “اتحاد”.

سيكون افتتاح المعرض على الساعة العاشرة صباحا يوم السبت 14 أكتوبر.

وبمناسبة هذا المعرض تستحضر ببيان اليوم شهادة سبق أن نشرتها للفنان والناقد الجمالي إبراهيم الحَيْسن عن أعمال الفنانة كريمة ديلينا، يقول فيها:

“تندرج التجربة الصباغية عند الفنانة المغربية المقيمة بالمهجر كريمة ديلينا ضمن تعبيرية لونية تنهض على استعمال اللون كبصمة وكأثر يرسم ملامح الوجه والجسد على نحو إبداعي تتداخل فيه مجموعة من التقنيات التلوينية المستعملة، والتي تتأرجح عموماً بين الرسم بالفرشاة والتبصيم وشغل المساحات والكتل بتلوينات تجزيئية وتخطيطات على شكل إسكيزات بألوان حارة ومشتعلة تحدد ملامح النماذج المرسومة، إلى جانب استعمال الفنانة لأدوات خاصة، أبرزها البخاخات التي يستعين بها عادة رسامو الغرافيتي في إنجاز أعمالهم الفنية على الجدران.. فضلا عن لوحات أخرى اعتمدت بالأساس على الموالفة التشخيصية بين مناطق الظل والضوء”.

فهي بهذا الأسلوب التعبيري والتلويني تمنح اللوحة أبعادا جمالية مغايرة تتمثل في ظلال الجسد التي تشتغل على إظهارها بتفاصيل متنوعة تعكس مستوى المهارة التلوينية التي صارت لديها مثل توقيعات تصاحبها في كل إبداعاتها وبصماتها، هي متنفسها الذي تتغلب به على حالات التعب والقلق..

وبقدر ما هي بورتريهات وأجساد، هي أيضا الفنانة نفسها في حدود مشاعرها وأحاسيسها الرهيفة التي تَسِمُهَا في الفن والحياة، لاسيما وأنها تعيش غربة أظهرت لها صراعات الإنسان داخل بيئة مُغايرة تعجُّ بنمط عيش سريع محكوم بالجنوح نحو فردانية حتمية كرَّستها تحوُّلات ما بعد الحداثة..

هذه الأحاسيس المجسَّدة على اللوحة تعكس المفاهيم الإنسانية والقيم الرمزية التي تحتفي بالوجود الإنساني، كالحب والتسامح والتعايش. بذلك، أدركت الفنانة رسالة الفن ودوره المؤثر في تشكيل الفكر المجتمعي وموقفه تجاه كل الأمور المتصلة بالمصير وبأسئلة الحياة الكبرى.. للرسامة كريمة طقوس وعوائد خاصة تحرِّكها كلما تواجدت بالمرسم، فهي تختار ألوانها وشخوصها بعناية وتحضِّرها قبل اختراق بياض القماش، الأمر الذي يساعدها على تدبير أوقات اشتغالها والتحكم في خرائط تلويناتها التي تتماهى فوق السند باحتفالية طيفية مبهجة تثير حالات الاطمئنان والارتياح البصري لدى المتلقي.

ولا شك أن الفنانة كريمة بهذا المنجز الصباغي قد أوجدت لنفسها الأسلوب التعبيري الشخصي ذي العمق الإنساني الذي يُلائم ثقافتها ويتناغم مع اختياراتها الجمالية ضمن سياق إبداعي راهني أضحى يتأسَّس على مفهوم اللون والمعادلات البصرية المتولدة عن استعماله.. بورتريهات شاردة ترانا بعيون جاحظة متحدِّقة، أجساد ممدَّدة وأخرى منعزلة وقانطة صاغتها الفنانة بخامات وصبغات عديدة خاضعة لإملاءات الذهن وحركات اليد. ففيها تحريكات وتسريحات لونية متباينة، مكثفة ومتجاورة ترسم في تعاضدها الانسجام الجمالي المفترض بين الخلفية والموضوع.. هذا الموضوع (الوجه والجسد) أمسى يشكل رهان الفنانة كريمة ويُبرز أفقها الجمالي الذي راهنت عليه منذ بواكيرها الفنية الأولى، وذلك لتأكيد حضورها وإثبات ذاتها في المجال الفني خارج بلدها، لتبرز مبدعة حالمة وواعية بدورها المحوري والعضوي داخل المجتمع. والأكيد أنها تسير على سكة إبداعية صحيحة وبوعي إبداعي مبكر مع ما يستدعي ذلك من أهمية الاستمرارية ومواصلة الإنتاج والبحث والتجريب، ولكن أيضاً دون التفريط في الخصوصية الفردية وكذا قراءة التحوُّلات الإبداعية المتسارعة التي يشهدها الإنتاج التشكيلي الحديث والمعاصر.

Top