الاحتفال بالعيدين

يخلد الشعب المغربي اليوم السبت وغدا الأحد ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، وهما مناسبتان وطنيتان تمثل الأولى محطة بارزة في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وتعتبر الثانية فرصة  لتقييم المسار التنموي والديمقراطي لمغرب اليوم والغد، ومن ثم فإن التاريخين يؤسسان لربط الماضي بالحاضر إن في الدلالة والمعنى أو في الدروس والمهمات والأهداف.
ثورة الملك والشعب مستمرة اليوم من خلال إصرار المغاربة على وحدة بلادهم واستقرارها وأمنها وحماية ترابها، وهي أيضا مستمرة ومتجددة من خلال الثورة الهادئة التي يشهدها مغرب اليوم، والتي تجعله متميزا عن جواره المغاربي والعربي.
المغرب اليوم يعيش على إيقاع دستور جديد ومتقدم، ويخوض إصلاحات سياسية حقيقية بإرادة واضحة وقوية من جلالة الملك وبانخراط من لدن القوى الوطنية الحية ، ما يعيد إلى الذاكرة درس التلاحم القوي بين العرش والشعب في مقاومة الاستعمار.
اليوم تتحرك في البلاد دينامية سياسية يحضر فيها الشباب بشكل لافت، سواء في التعبير عن المطالب أو في الإصرار على المشاركة، ومن ثم فان إنجاح ثورة اليوم وبالتالي تطبيق الدستور الجديد، يمر عبر الاستجابة لمطالب الشباب، أي عبر بناء مغرب الغد.
إن الدستور الجديد يعتبر العمود الفقري للثورة الهادئة التي يخوضها المغرب اليوم، وأن تنزيله يقتضي الانطلاق من مقاربة سياسية مغايرة للسابق، وبث إشارات الثقة في المجتمع، والحرص على تنظيم انتخابات مختلفة عما كانت تعرفه البلاد في السابق، ثم الانطلاق، في أجواء الاستقرار، لتفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات الشاملة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لقد سجل كثير من المراقبين في الداخل والخارج، تميز الدولة المغربية  من خلال تفاعلها الإيجابي مع الحراك الشبابي في الشارع، عكس ما كان عليه الحال في عدد من البلدان العربية، وأشاد العديدون بالمضمون المتقدم للدستور الجديد، وبالإعلان عن إصلاحات أخرى وعن مقاربة مختلفة في التشاور مع الأحزاب ومع فعاليات المجتمع، ومن المسؤولية اليوم عدم تضييع هذه الصورة الايجابية، وبالتالي من الضروري الحرص على السير على هذه الطريق إلى مداها، أي مواصلة الإصلاحات، وعدم التراجع، وعدم السماح لكل أوساط الفساد بفرملة ديناميات التغيير.
الاحتفال بعيد الشباب اليوم هو احتفال بكل هذه الدينامية الإصلاحية الجارية في البلاد، وتأكيد على مواصلة الانخراط في بناء مغرب الشباب، مغرب الألفية الثالثة، المغرب الديمقراطي الحداثي.
وأن درس ثورة الملك والشعب هو بالذات في التعبئة الوطنية من أجل  الجهاد الأكبر، أي من أجل الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية.
الاحتفال بالعيدين، هو احتفال بالدلالة والذكرى، وهو أيضا درس للمستقبل، وتجديد الانخراط في أوراش  البناء والتغيير.
[email protected]

Top