البرلمان

صوت مجلس النواب٬ مساء أول أمس الأربعاء في جلسة عمومية٬ بالأغلبية على مشروع القانون المالي لسنة 2012.
ولئن كانت المناقشات البرلمانية قد شهدت بعض الحرارة والتميز، فإن ظاهرة الغياب لا زالت مع ذلك مستمرة، وأكثر من نصف ممثلي الأمة اختاروا التغيب عن جلسات التصويت، والصورة كانت كذلك بارزة بشكل كبير في أعمال اللجان، واليوم مع انطلاق الدورة الربيعية العادية، فإن ملف تغيبات أعضاء البرلمان يبقى تحديا جوهريا أمام مؤسستنا التشريعية، ومن الواجب تسريع الاتفاق على ضوابط ومدونة سلوك للحد من هذه الظاهرة.
من جهة ثانية، فإن شروع مجلس المستشارين في دراسة مشروع القانون المالي بعد إحالته عليه من لدن الغرفة الأولى، سيجعل اهتمام المراقبين ينصب على شكل التعاطي مع هذه المحطة، في غرفة تستعد لخوض مسلسل انتخابي سيفضي لتغيير تركيبتها.
إن ظاهرة الغياب مطروحة كذلك في مجلس المستشارين، وربما هذه المرة ستكون أكثر وضوحا، حيث أن العديد من «الحكماء» سيركزون جهدهم لإعداد حملتهم الانتخابية القادمة، وسيفضلون التواجد في دوائرهم وجماعاتهم بدل الانتقال إلى العاصمة، وهذا أيضا يفرض الكثير من الحزم وجدية التعامل مع مستوى التزام مشرعي الغرفة الثانية تجاه مهامهم الوطنية البرلمانية.
زد على ما سبق، فإن مجلس المستشارين إذا اختار التعامل مع موضوع دراسة مشروع الميزانية بعقلية تقوم على «وضع العصا في العجلة»، فسيكون بذلك قد بعث إلى الكل إشارة واضحة، بأن زمننا الدستوري الجديد لم يصل إلى الجميع، ولهذا، فبالرغم من الترجيح الذي منحه الدستور الجديد إلى الغرفة الأولى، فإن أعمال ومناقشات الغرفة الثانية ستكون محط نظر واهتمام  المتابعين، وسيكون عليها أن تبرهن عن وعي كافة مكونات الغرفة بحجم المسؤولية السياسية الملقاة اليوم على المستشارين، وضرورة انخراطهم في تكريس الدينامية السياسية والديمقراطية التي انطلقت في البلاد، وتعزيز السير في اتجاه التنمية والتقدم.
بعد أن رمى بعض أعضاء مجلس المستشارين في وجهنا قبل أسابيع بمطلب طائش يقضي بتمديد بقائهم داخل القبة، وبعد أن لم يعد يذكر الناس سوى السجال حول تعويضات البرلمانيين وتقاعدهم ونفقاتهم، فإن الظرف مناسب لتبعث دورة مجلس المستشارين إشارات قوية عن صورة مغايرة لأعضائها، وذلك بالحرص على الحضور المكثف في الجلسات واللجان، وبعمق المناقشات والتحليل لمشروع الميزانية، وبتقوية الإنتاج التشريعي والعمل الرقابي بجدية ونزاهة.
إن أعمال البرلمان ومناقشاته يجب أن تتحولا إلى عناصر جذب نحو السياسة، ونحو الانشغال بقضايا الشأن العام، والمؤسسة التشريعية، بغرفتيها، يجب أن تصير الفضاء المركزي للحوار السياسي في بلادنا.
[email protected]

Top