أطلقت وزارة الداخلية ورش مراجعة القانون الإطار المتعلق بالتدبير المفوض للخدمات العمومية المحلي، وذلك من خلال إعلان عرض لتلقي اقتراحات من مكاتب دراسات، قبل تحديد الفائز بالصفقة والذي ستوكل إليه مهمة القيام بدراسة من أجل إدخال عدد من الإصلاحات على الإجراءات القانونية المتضمنة في القانون 54-05 المتعلق بالتدبير المفوض للخدمات العمومية.
وترمي وزارة الداخلية، من خلال هذه الإصلاحات، ملاءمة التدبير المفوض مع الخصوصيات المحلية وتحسين حكامة القطاع سواء على مستوى عقد التدبير أو متابعة تنفيذه أو فيما يخص مراقبة السلطات المفوضة لتنفيذ هذا العقد.
وتسعى الوزارة الوصية على القطاع الوقوف على تجربة التدبير المفوض والاختلالات التي شابت هذا القطاع، من أجل الوصول إلى إطار قانوني واضح وشفاف يوضع رهن إشارة السلطات المفوضة للخدمات العمومية. كما تهدف بلورة إطار قانوني يأخذ في الاعتبار القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتطالب الوزارة أيضا من مكتب الخبرة الذي سيتولى المشروع أن يقدم اقتراحات من أجل تقوية موقع سلطات التفويض في مجال تدبير التعريفات المندمجة المتعلقة بالخدمات العمومية كالنقل وتوزيع الماء والكهرباء وجمع النفايات المنزلية والتطهير..
ويلاحظ أن هناك نقصا في الخبرات في هذا المجال على الرغم من أن القانون 54-05 يمنح الطرف المفوض إمكانية إجراء تحقيقات والاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هذه الرقابة، كما منح للمفوض سلطة عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة مع المفوض إليه قصد إعداد تقييم مشترك كل 5 سنوات للوقوف على حصيلة المنجزات.
من جهة أخرى، يلاحظ تقصير في توقيع الجزاءات في حالة امتناع المتعاقد عن التنفيذ، أو التأخر أو الإهمال في الأداء، حيث يكون في هذه الحالة مقصرا في تنفيد التزامه، ويلزم، بالتالي، أن توقع عليه جزاءات من قبل الإدارة المتعاقدة بغية الاستمرار في تنفيد الالتزام المتعلق بالمرفق العام وإزالة دواعي الإخلال أو التقصير.
مثل هذه الملاحظات تضمنها المجلس الأعلى للحسابات الذي أشار إلى عدم استثمار كل الإمكانيات والمؤهلات التي يتيحها نمط التدبير المفوض، وذلك بسبب اختلالات في التخطيط وفي تحديد الحاجيات من طرف السلطة المفوضة “الجماعات الترابية”، وغياب هيئة مستقلة تتكلف بمهام الخبرة والتنسيق والتتبع واليقظة.
كما أكد المجلس أن من أهم معيقات التدبير المفوض، ضعف الإدارة الجماعية من حيث المؤهلات والكفاءات القادرة على الاضطلاع بالالتزامات المنصوص عليها في عقد التدبير المفوض، وخاصة مهام التتبع والمراقبة.
كما يلاحظ المجلس أن ما يقارب 50 بالمائة من العقود لم تتضمن مقتضيات تنص على إحداث لجنة للتتبع، وحتى وإن أحدثت فهي تتسم بتركيبة غير متوازنة وغير ملائمة تعيق سير أشغالها، إضافة على أن قراراتها تستند إلى المعطيات المقدمة من طرف الشركات المفوض إليها، دون التأكد من مدى صحتها.
وبناء عليه عرف تنفيذ العقود عدة اختلالات ونقائص، وخاصة على مستوى الالتزامات المتعلقة بالاستثمارات والتعريفة وجودة الخدمات. كما بينت إحدى الدراسات التقييمية، على مدى العشر سنوات السابقة، أن الاستثمارات المنجزة من طرف الشركات المفوض إليها لم تحقق بصفة كاملة الأهداف المحددة فيما يخص حجم المشاريع وآجال التنفيذ، وهي كلها اختلالات ستعمل سلطة الوصاية على تجاوزها.
عبد الحق ديلالي