الشامي يدق ناقوس الخطر بخصوص الارتفاع المتنامي لتزويج القاصرات في المغرب 

خلص الرأي الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أن ظاهرة تزويج الأطفال، بوصفها ممارسة ضارة تهم الفتيات بالدرجة الأولى، لا تزال مستمرة في بلادنا رغم الجهود المبذولة لمكافحتها.

وأوضح رئيس المجلس محمد رضا الشامي، في عرضه أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء بمجلس النواب، أن تحديد مدونة الأسرة التي جرى اعتمادها سنة 2004 لسن أهلية الزواج في 18 سنة، الذي يوافق سن الرشد، لم ينجح في القضاء على هذه الممارسة نظرا لنص المدونة على استثناء، يخول للقاضي خفص من الزواج في بعض الحالات المعزولة، لكنه استثناء سرعان ما تحول إلى قاعدة، مشيرا إلى أن ما يعكس ذلك هو أن عدد عقود الزواج المتعلقة بقاصر المبرمة سنة 2022 والذي بلغ 12940 عقدا، علما أن حجم الظاهرة بظل أكبر تكون الإحصائيات الرسمية لا تأخذ بعين الاعتبار حالات الزواج غير الموثق على غرار زواج الفاتحة وغيره.

وقال محمد رضا الشامي، “إن الزواج المبكر، إلى جانب تأثيره السلبي الكبير على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفتيات بوصفهن نساء المستقبل، فإن له تأثير سلبي أشمل على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، ويؤدي إلى تضييق الأفاق المستقبلية للفتاة من خلال إقصائها من منظومة التربية والتكوين ومن ثم حرمانها من فرص المشاركة الاقتصادية، كما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الخصوبة وتكريس وضعية الفقر، ويعرض الصحة الجسدية والنفسية للفتيات وأطفالهن المخاطر كبيرة”، وانطلاقا من ذلك، يضيف الشامي، أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي طالب منذ سنة 2019  بالإسراع بوضع حد التزويج الأطفال بمختلف أشكاله، إعمالا للمصلحة الفضلى للطفل.

ويرى رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بحسب رضا الشامي، أن تنصيص مدونة الأسرة على استثناء يخول خفض سن أهلية الزواج، لم يساهم في استمرار تزويج الأطفال، خاصة الفتيات فحسب، بل يتعارض مع عدد من المبادئ الأساسية المؤطرة لحماية الطفولة، مشيرا إلى أنه على الرغم من الجهود المبذولة من أجل التصدي لتزويج الطفلات لاتزال هذه الظاهرة الاجتماعية ممارسة مستمرة بالمغرب، وهو وضع ناجم في جانب منه عن تطبيق أحكام المادتين 20 و 21 من مدونة الأسرة التي تخول استثناء لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج القاصر دون سن الأهلية المحدد في 18 سنة.  

وفي السياق ذاته، أورد رضا الشامي، استنادا على ما أشار إليه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن أن نسبة طلبات زواج القاصر المقدمة للقضاء بين سنتي 2017 و2021 التي تمت الموافقة عليها بلغت 46 في المائة، غير أن هذه الإحصائيات لا تتضمن حالات الزواج غير الموثق (زواج الفاتحة وغيره) التي تظل خارج دائرة أي إحصاء رسمي، مشيرا إلى أن دراسة رئاسة النيابة العامة، كانت قد أبرزت أنه بين سنتي 2015 و 2019 شكلت نسبة الأحكام القاضية بثبوت الزوجية (توثيق زواج الفاتحة ذات الصلة بطرف قاصر 15 في المائة من مجموع الأذونات الصادرة بزواج القاصر.

وفي نظر رئيس المجلس الاجتماعي والاقتصادي، فإن انتهاء المرحلة الانتقالية المتعلقة بثبوت الزوجية، بتاريخ 5 فبراير 2019 والتي تم تمديدها مرتين من خمس سنوات، لم تمكن  من الحيلولة دون استمرار زاوج القاصرات، وذلك بالالتفاف على رفض الإذن بالزواج، من باب المادة 400  من مدونة الأسرة، وهي المادة التي تنص على أنه كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد.

وذكر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه الاستشاري جوابا على الإحالة التي كان قد تقدم بها رئيس مجلس النواب حول موضوع “زواج الطفلات وتأثيراته الضارة على وضعهن الاقتصادي والاجتماعي” (ذكر) أن القاصر، والتي تكون في أغلب الأحيان فتاة ذات مستوى تعليمي ضعيف ومنحدرة من وسط هش، وواقعة كلية، تحت تكفل أسرتها، تجد نفسها غالبا في علاقة غير متكافئة، وعلاقة تبعية اقتصادية، واجتماعية، إزاء البالغين، وبالتالي لا يمكنها موضوعيا، أن تعطي موافقتها الحرة المستنيرة على الزواج، وهو ما يتعارض مع مبدأ المصلحة الفضلى للطفل.

واعتبر محمد رضا الشامي أن وجود مقتضيات بمدونة الأسرة تسمح بتزويج الأطفال يضعف المنظومة القانونية التي نص عليها الدستور ووضعها المشرع، بالإضافة إلى أن للزواج المبكر تأثير سلبي على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات وقد يؤدي إلى استمرار التوريث الجيلي للفقر والتفاوتات بين الجنسين، مشيرا إلى أن الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية الزواج القاصر واسعة النطاق وتتجاوز الأفراد المتأثرين بها بشكل مباشر، لتؤثر على المجتمع برمته.

 ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن الزواج المبكر يؤدي إلى تضييق الأفاق المستقبلية للقاصر، من خلال انفصالها من منظومة التربية والتكوين وتطبيع فرض مشاركتها الاقتصادية، مشيرا إلى أن البنك الدولي قد أشار في تقرير له، حول الآثار الاقتصادية الزواج الأطفال، أن الزواج المبكر بعد من فرص ولوح الفتيات القاصرات إلى التعليم والتكوين، إن غالبا ما تضطر الفتيات المتزوجات إلى الانقطاع عن الدراسة.

محمد حجيوي

Top