مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، وتوالي اللقاءات التشاورية الجارية بشأن مشاريع القوانين المؤطرة لها، يثار مشكل التواصل مع الصحافة ومع الرأي العام، وإتاحة المتابعة للحراك الانتخابي وتوفير المعطيات والأخبار ذات الصلة.
إن المعطيات والتواريخ التي تنشر هنا وهناك، اعتمادا على مصادر حزبية متطابقة أو على مصادر مطلعة، ولجوء وزارة الداخلية إلى الرد عليها أحيانا بنفيها، كان يمكن تفاديها لو عمدت الوزارة المشرفة على التشاور مع الأحزاب عقب كل جلسة حوار إلى عقد لقاء مع الصحافة أو على الأقل إصدار تصريح يلخص مجريات اللقاء وخلاصاته، وبذلك ستتحقق المتابعة على أساس معطيات «رسمية»، وسيكون الجمهور، أي الناخبون، على اطلاع بمختلف مراحل المسلسل التشاوري.
من جهة ثانية، إن التشاور ينصب اليوم حول منظومات قانونية وتأطير تقني للعملية الانتخابية، وهي قضايا بقدر ما تتطلب شرحا وتفسيرا للناخبين، فإنها تفرض إجراء تكوينات وتدريبات للصحفيين المتابعين للعملية الانتخابية.
الدستور الجديد والقوانين الانتخابية الجديدة يتطلبان أيضا تغطية جديدة ومختلفة من لدن وسائل الإعلام، أي تغطية تقوم على المهنية والموضوعية وعلى تقديم المعطيات والبيانات الضرورية، وتمكين الناخبين من معرفة حقوقهم وواجباتهم، وواضح أن مثل هذه الأمور تتطلب تدريبا وتفرض التسلح بمعارف ومهارات.
اليوم عندما نقرأ كثير أشياء تنشر حول اللائحة الوطنية وتمثيلية النساء، وحول تمثيلية الأطر السياسية والنخب الحزبية، وحول العتبة، وحول اتحاد الأحزاب، وحول تمويل الانتخابات وتمويل الأحزاب، وحول شروط الترشيح والأهلية وحالات التنافي وغير هذه الأشياء، نصطدم بـ «التحليل» وبالكثير من الكلام الذي يفتقر ببساطة إلى الفهم الصحيح للقوانين وللتقنيات الانتخابية، ومن ثم فإن الكثير من الفهم الخاطئ يترتب عن ذلك.
إن تعبئة الناخبين من أجل المشاركة، وتقوية الانخراط في الشأن الانتخابي والسياسي، وتعزيز الرقابة على مصداقية ونزاهة العملية الانتخابية، كل هذا يتم أيضا عبر الصحافة، وعبر ما تنشره وما تكتبه الصحف، ولذلك يستحق الأمر أن تدرج الصحافة ضمن أوراش مسلسل الإعداد للانتخابات المقبلة، إن عبر تدريب وتكوين الصحفيين وإصدار الدلائل الضرورية، أو عبر التواصل المؤسساتي والحزبي المنتظم مع وسائل الإعلام، أو عبر فتح قنوات التفاعل والرد على أسئلة الصحفيين، أو عبر تمكين الصحفيين من أداء عملهم بحرية قبل وأثناء وبعد الاقتراع، أو من خلال دعم الصحف للانخراط المهني الواعي في كامل المنظومة الجاري الإعداد لها.
وفي السياق نفسه، فإن تقوية حضور المادة السياسية في البرمجة التلفزيونية والإذاعية بالخصوص، والرفع من جودتها ومهنيتها، من شأنه تمتين التعبئة الوطنية لكسب رهان نزاهة الانتخابات ومصداقيتها، وبالتالي نشر وتعميم المعلومات والمعارف، وتقوية الاهتمام.
[email protected]