المهرجان الدولي لفيلم الطالب بالدار البيضاء يكرس ثقافة الاعتراف

من أبرز لحظات حفل اختتام الدورة 12 للمهرجان الدولي لفيلم الطالب تكريم ثلاثة أسماء بارزة وفاعلة في الحقل السينمائي والسمعي البصري، نخص بالذكر الممثلة المغربية فاطمة الزهراء الجوهري، والباحث محمد بلغوات، والمخرج عبد القادر كريم.

فاطمة الزهراء الجوهري: على الطلبة التسلح بالأمل والتشبث بأحلامهم حتى يبلغوا مبتغاهم المنشود

قدمت الإعلامية نادية لاركيط في حق فاطمة الزهراء الجوهري هذه الشهادة البليغة: “عزيزتي فاتي… أولا، كيف لي أن أرفض لحسن نرايس طلبا وهو الذي هاتفني من أجل أن أقدم شهادة في حقك، وكيف لي، كذلك، أن أرفض هذا ولك أنت تحديدا، إذ تحظين بتقدير خاص لدى نور الدين الصايل كما كانت لكما علاقة طيبة. ولكي تتأكدي من صدق مشاعري، تعمدت تسجيل هذه الرسالة في الخامس عشر من شهر دجنبر والذي يصادف يوم وفاة نور الدين الصايل وهو يوم الاحتفاء بك، ستظلان مرتبطين بهذا التاريخ. أنا مسرورة جدا بهذا الاحتفاء بك، فأنت، وبكل صدق، تستحقين، خصوصا أن هذا الاحتفاء ضمن فعاليات المهرجان الدولي لفيلم الطالب، فليس هناك ما هو أجمل من هذا الحدث. غير أن ما أريد أن أقوله لمن يسمعوننا، هو أنك كنت من القلائل الذين استقبلناهم في بيتنا، فنورالدين الصايل لا يحبذ استقبال الآخرين في بيته؛ فهو كتوم جدا، لهذا فأنا جالسة في المكان ذاته حيث اعتدتما الجلوس لأبرهن لك عن صدق مشاعري نحوك. متمنياتي لك بكل ما هو جميل… صحيح أن نور الدين الصايل يتبرم من استقبال الأصدقاء في بيته، فلا تنسي أنك كنت بيننا وعشنا لحظات جميلة صحبة سليمان. أحييك فاتي ومتمنياتي لك بالسعادة وبمسار طويل. أحيي كل المتواجدين في القاعة وعاشت السينما”.
كما أشاد المخرج والكاتب الإعلامي رشيد زكي بمسار الجوهري المهني معربا عن رغبته في أن تجمعه بها أعمال فنية في المستقبل القريب.
في معرض كلمتها بهذه المناسبة، دعت الممثلة فاطمة الزهراء الجوهري الطلبة إلى التسلح بالأمل والتشبث بأحلامهم مع العمل على تقديم المزيد من الحكايات والأفلام حتى يبلغوا مبتغاهم المنشود.

محمد بلغوات : من رجال الظل الذين يفضلون العمل في صمت وبدون ادعاء

من بين المكرمين، أيضا، الأستاذ الباحث محمد بلغوات، الخبير الفني والمدير السابق للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، الذي قدم في حقه رفيق دربه رضوان بلعربي شهادة ضافية أبرز خلالها كفاءة الرجل باعتباره واحدا من الألمعيين الذين أسسوا لمسار جديد في ميدان السمعي البصري، وكان رائدا في العديد من الأوراش الاستراتيجية: “إنه لمن دواعي السرور أن ألقي كلمة بمناسبة تكريم السي محمد بلغوات، رجل استثنائي بكل المقاييس وذو منزلة رفيعة ونادرة. تعرفت على السي محمد سنة 2008 وكنت ساعتها سكرتيرا عاما لوزارة الاتصال. لقد أبان الرجل أثناء احتكاكي الميداني به، عن خبرة في إنجازه لدفتر التحملات الذي يخص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، كما عمل أيضا على إرساء معالم سياسة جديدة تستهدف حقوق المؤلف بمساهمة فنانين مغاربة كالمرحوم أحمد الطيب لعلج،… نتيجة هذا الجهد، نظم المغرب سنة 2013 بمراكش مناظرة حول حقوق المؤلف. بفضل عمله الدؤوب والاحترافي، اشتغل بشغف جنبا لجنب مع الصحفيين والمراسلين مما خلف وقعا إيجابيا على المغرب. كما عمل جاهدا في مجال السينما وذلك بالعمل على تسهيل مسطرة الدعم المخصص للأعمال السينمائية مما أدى إلى تطور نوعي لهذا المجال. ساهم أيضا في تشجيع المهرجانات السينمائية الوطنية والدولية كما هو الشأن بالنسبة للإنتاجات العالمية التي اختارت تصوير أعمالها بالمغرب. السي محمد أستاذ محنك بالمعهد العالي للتكوين والتواصل… لقد عمل جاهدا وبنجاح على إنشاء المركز الخاص بمهن السمعي البصري السينمائي. هنيئا السي محمد على هذا العمل الجبار الذي يبدأ من تكوين الطلبة حتى مرحلة تخرج الأساتذة، كما لا ننسى خصال الرجل الإنسان والمثقف. كان له شغف العمل والتكوين بشهادة كل من عمل معه”.
من جهته، أشاد الناقد فؤاد سويبة بالمحتفى به وبمساره الغني بالإنجازات، مشيرا إلى أن بلغوات من رجال الظل الذين يفضلون العمل في صمت وبدون ادعاء.

المخرج عبد القادر كريم: مخاض هذا المهرجان العسير جعله يتجاوز كل المحن والعوائق المختلفة ليفرض ذاته

شهد حفل اختتام هذه الدورة، أيضا، تكريم مخرج الأفلام الوثائقية عبد القادر كريم، ابن بركان المقيم في الديار الفرنسية، حيث قالت في حقه المخرجة المغربية وداد تافكي: “الدكتور كريم عبد القدر تابع دراسته الابتدائية والإعدادية في مدينة بركان. بعد البكالوريا، استكمل دراسته الجامعية بمدينة وجدة بجامعة محمد الأول ثم تابع دراسته الجامعية العليا بفرنسا في شعبة السينما، وحصل على دكتوراه في الميدان، فقد تناولت رسالته بالدراسة والتحليل الفضاء السينمائي في أفلام ويم ويندريس. في الميدان الفني، سبق له أن كان عضوا نشيطا في مسرح الهواة بالمغرب، حيث كان فاعلا في بعض المجموعات المسرحية، مشاركا في عدد من اللقاءات الوطنية لمسرح الهواة مثل مكناس، مراكش، أكادير… وفي فرنسا، بعد إنهاء دراسته الجامعية شارك في مسابقة خاصة بأفلام الشركات، إذ ساهم بفيلم وثائقي وخيالي تحت عنوان “رجال النظافة” وحصل على الجائزة الأولى. منذ ذلك الحين، انطلق في إخراج مجموعة من الأفلام الوثائقية مثل “الظل المكشوف”، و”ما بين المعاناة والتفاؤل”، و”أعين النساء”. هذا الفيلم أختير في المهرجان الدولي لفيلم أميان.. أخرج بعض الأشرطة القصيرة الخيالية مثل “طلقة نار”، “بيت 13″، و”التباعيات”. في المجال التكويني، ألقى بعض الدروس التكوينية في الجامعة كتحليل الأدوات التقنية للفيلم، وقراءة الصورة السينمائية وجماليتها، ومتابعة المواضيع المتجددة على الساحة الفنية. اشتغل في نادي السينما، وبرمج بعض الأفلام في قاعات سينمائية وتحليلها إضافة إلى مشاركته في عدة مهرجانات سينمائية وازنة. يشتغل الآن كمذيع وناقد سينمائي على أمواج اذاعة رسن نانسي في البرنامج السينمائي النقطة الزرقاء”.
يقول في هذا الصدد: “كنت أعلم الشيء القليل عن المهرجان الدولي لفيلم الطالب. كانت الأستاذة وفاء البورقادي تحدثني بشغف عن هذا المهرجان كلما أتيحت لنا الفرصة للتحدث عن هذا الحدث الفني الفريد. وقد كنت دائما معجبا بجهودها المتواصلة مع رفيقيها الأستاذ حسن الرايس والأستاذ عبد الله الشيخ. المخاض العسير لهذا المهرجان جعله يتجاوز كل المحن والعوائق المختلفة ليفرض ذاته. كم كانت مفاجأتي كبيرة حينما طلب مني أن أكون رئيسا للجنة التحكيم الخاصة بالأفلام الوثائقية، وقد أعجبت واندهشت، وكان هذا حال المشاركين والمشاركات الذين انبهروا بقوة هذا المهرجان وحضوره اللافت ومكانته المتميزة على الساحة الفنية المغربية. هذه الولادة وهذه الاستمرارية وهذه العلامة الشامخة كان وراءها فرسان ثلاثة يعملون بجد في الخفاء وكانوا بهذا العمل يستحقون كل التشجيعات وهم الأستاذة وفاء البورقادي والأستاذ حسن نرايس والأستاذ عبد الله الشيخ وكذاك الطلبة وكل المشاركات والمشاركين في إنجاح هذه التظاهرة التي نالت إعجاب الجميع. في ما يخص لجنة التحكيم الأفلام الوثائقية، كانت مقاييس اختيارها للأفلام التي نالت الجوائز تعتمد على: متعة الفرجة، الجودة الفنية والجمالية الإبداعية، حساسية الموضوع المتناول وعمق رسالته. كانت بعض الأفلام تتجاوب مع هذه الشروط ومن بينها الفيلم المغربي “الكنز الثمين” الذي يعبر عن نضج وواقعية الخطاب البصري للسينما المغربية الصاعدة وكذلك انطبق الأمر على الفيلمين الآخرين المتوجين مع فرق واضح، حيث إن الفيلم الثاني الأسيوي والفيلم الثالث الأروبي حضرت فيهما الجودة الفنية والجمالية وغاب عنهما عمق الخطاب المجتمعي. انفرد المهرجان بتنوع أنشطته وأفلامه وأحداثه وكرم ضيافته. سيبقى مهرجان هذه السنة راسخا في ذهني بتنظيمه وأصالة أفلامه وأنشطته المختلفة. فرض نفسه رغم الصعوبات والعوائق، وسيبقى شامخا صامدا ومتميزا على الساحة الوطنية. أتمنى له كل التوفيق ولطلبته المزيد من التألق والإبداع وأن يكونوا فخورين بهذا الحدث الفريد .
أشكر الأعضاء الذين شاركوا في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية لعملهم الفعال وحسهم الفني وأخص بالذكر الأستاذة وداد تافكي والأستاذ جون مارك ديلتومب”. وأضاف إنه “سعيد بتكريمه في بلده المغرب، الذي غاب عنه أزيد من 20 سنة، كمخرج، داعيا الشباب والطلبة إلى بذل جهود مضاعفة للوصول إلى المبتغى، منوها بجهود منظمي المهرجان في فتح الآفاق أمام شباب متعطش للفن والسينما، معتبرا أن الجوائز والتكريمات تمثل العمود الفقري للاعتراف السينمائي”.
اتسمت فعاليات هذا الحفل الاختتامي بمشاركة جاك بريل المغرب المامون صلاج الذي أتحف جمهور المهرجان وشنف مسامعهم برائعتين للمطرب العالمي جاك بريل أهداهما إلى الغائب الحاضر الراحل عمر سليم رفيقا ومبدعا إنسانيا.

Top