عبدالصمد ادنيدن
فقد المغرب قرابة 122 ألف منصب شغل في قطاع النسيج، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2014 و2017 فقط، نتيجة اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا، فيما تسببت الاتفاقية ذاتها في إغلاق العديد من المحلات التجارية بالأحياء المغربية.
وفي هذا الصدد، قال وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي، أول أمس الاثنين بالرباط، إن المشكل القائم بين المغرب وتركيا “تجاري” يتمحور أساسا حول قطاع النسيج، مذكرا بأن عدد مناصب الشغل التي فقدها المغرب في هذا القطاع بلغت 19 ألف منصب في 2014 و24 ألف في 2015 و 35 ألف في 2016 و 44 ألف في 2017.
وأفاد الوزير، في معرض رده على سؤال محوري حول “حصيلة اتفاقيات التبادل الحر” بمجلس النواب، أسواق سوبرماركت التركية “بيم” التي لا تبيع المنتوجات المغربية، تتسبب في إغلاق 60 محل تجاري في كل حي مغربي، مبرزا أنه أبلغ رئيس شركة “بيم” التركية باستحالة استمرار العلاقات التجارية الحالية، حيث اقترح أن تبيع هاته الأسواق 50 في المائة من المنتوجات المغربية أو إغلاقها بصفة نهائية.
وبعملية حسابية، استنادا إلى تصريح العلمي، فإن ما يقارب 30 ألف محل تجاري تعرض للإفلاس، باعتبار أن عدد متاجر بيم بالمغرب حسب موقع الشركة الرسمي هو 499 موزعة على مختلف الأحياء المغربية، كما تأمل الشركة بلوغ 1000 محل خلال السنة الجارية، بمعنى أن 60000 محل تجاري معرضة للإفلاس.
وأكد الوزير أن الجانب المغربي ابلغ الجانب التركي بهذه الخسائر مع المطالبة بالتوصل إلى حل لا يضر بمصالح المملكة وإلا تم “توقيف الاتفاقية من جانب واحد”.
وأبرز العلمي في معرض رده على السؤال، أن الجانب التركي وافق بعد “نقاش حاد” على مراجعة اتفاقية التبادل الحر، مشيرا إلى أن العجز في هذه الاتفاقية بلغ 1.2 مليار دولار. وسجل الوزير أن العلاقات التجارية، سجلت عجزا يقدر بـ 18 مليار درهم، فيما لا يتعدى حجم الاستثمار التركي بالمغرب 1 في المائة.
وفي سياق متصل، أكد العلمي أن الدراسة التي قامت بها الوزارة ميزت بين اتفاقيات التبادل الحر الصغرى والاتفاقيات الكبرى التي تكتسي أهمية بالنظر للأرقام المهمة التي تسجلها وهي ثلاث اتفاقيات مع كل من أمريكا وأوروبا وتركيا، مؤكدا أن هذه الاتفاقيات سجلت “عجزا واضحا”.
وأوضح الوزير أن العجز مع أوروبا يترواح ما بين 75 و78 مليار درهم سنويا، عازيا هذا العجز التجاري إلى استيراد المحروقات بأكثر من 20 مليار درهم، والسيارات بأكثر من 18 مليار درهم، فيما يصدر المغرب إلى أوربا 60 مليار درهم من السيارات.
وأضاف أن استثمار الاتحاد الأوروبي يمثل أزيد من 71 في المائة من حجم الاستثمارات الخارجية بالمغرب، كما أن الدعم الذي تقدمه الدول الأوروبية للمغرب بلغ 1.4 مليار يورو ما بين 2014 و2020 بقيمة واصفا العلاقة التجارية بين المغرب وأوروبا بـ “المربحة”.
وفيما يتعلق باتفاقية التبادل مع أمريكا، كشف العلمي عن أن العجز بلغ 20 مليار درهم، منها 15 مليار درهم مخصصة للمحروقات و3.5 مليار درهم لطائرات بوينغ.
وأضاف العلمي أن الاستثمارات الأمريكية في المغرب بلغت 6 في المائة من مجموع الاستثمارات الخارجية، فيما يصل الدعم الأمريكي الموجه إلى المغرب إلى 1.2 مليار دولار.
***
الطيب آيت أباه: الإشكال هو صراع البقاء بين التاجر و”بيم” وأحدهما سيدوم فقط
أعرب الطيب آيت أباه، رئيس لجنة الإعلام والتواصل لغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط سلا القنيطرة، عن جزيل شكره وامتنانه إلى جميع الإعلاميين والفنانين الذين ساعدوا في تسليط الأضواء على قضية “مول الحانوت”.
وتابع آيت أباه، المعروف بـ”مول الحانوت”، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن قضية التجار الصغار، لم يكن لها أن تتحرك وسط دواليب أهل الحل والعقد لولا عدالتها ومؤازرة من آمنوا بها، مضيفا: “اليوم نرى تحت قبة البرلمان، ونسمع على ألسنة نوابنا ووزرائنا المآل الذي بلغه مول الحانوت في مواجهة غول الأناضول، متمثلا في متاجر بيم التي اكتسحت الأزقة والدروب”.
ونوه آيت أباه، في تصريحه، على خلفية جواب وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي، أول أمس الاثنين بالرباط، في معرض رده على سؤال محوري حول “حصيلة اتفاقيات التبادل الحر” بمجلس النواب، (نوه) بالمبادرة الرامية إلى مراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، والتي “يتزعمها وزير التجارة، بعد ما نتج عنها من خسائر فادحة بأرقام عجزٍ فلكية وجمهور من العاطلين لفظتهم المعامل والمصانع ومحلات البقالة”، متسائلا عن الوضعية المزرية التي يتخبط فيها قطاع تجارة القرب بشكل خاص، وما إذا كانت تستدعي فقط مراجعة الاتفاقية أم وقفها بشكل نهائي؟
وفي هذا الصدد، اعتبر آيت أوباه أن “الجواب بشكل واضح لا يتجلى فقط في إفلاس 60 تاجر كلما افتتح بيم متجرا له في الجوار، وإنما أيضا في إفلاس انطلق كالنزيف، ولن يتوقف ما فتئت الشرايين تضخ المزيد من الدماء صوب الجروح المفتوحة!! ففي نظري لا بد من إتمام الوزير لخطوته الجريئة، بمراجعة ما يمكن مراجعته، ولكن دون إغفال أن موضوع متاجر بيم ليس فقط مسألة تحديد أعطاب ناجمة عن الاتفاقية، لأجل إصلاحها وكفى، بل الموضوع أكثر من ذلك بكثير، كوننا عندما نترك متاجر بيم حيث هي، ولا نلقي بالا لما تتسبب فيه من كوارث لأصحاب البقالة، ثم نوجه ونرصد اهتمامنا كاملا للمواد التي يجب أن تكون معروضة بالتساوي، 50% مغربية مقابل 50% تركية، على رفوف محلات هي أصلا في وضعية خاطئة”.
وأضاف آيت أوباه، “أن المشهد لا يختلف عن ترك المدفع في مكانه مصوبا إلى قلب قطاع تجارة القرب، والاكتفاء بمراقبة نوعية الذخيرة في ظل منافسة قائمة اكتوى بنيرانها مول الحانوت، وطبعا سيظل هدفا ما لبث المدفع موجودا! ما يعني أن نجاة مول الحانوت مرتبطة بزوال المدفع من ساحة القتال بشكل نهائي، أو بمعنى أكثر دقة؛ صراع البقاء هذا لن يزول ما لم نحدد لأيّ من طرفيه الغلبة والدوام، أو ندمج الاثنين في منظومة مشتركة، ومريضنا ما عندو باس!”، وفق تعبيره.