جامعة محمد الخامس تطلق اسم عمر الفاسي الفهري وألبير ساسون على مدرجين جديدين

اعترافا بقامات بصمت مسار البحث العلمي في المغرب بل على المستوى العالمي، بادرت رئاسة جامعة محمد الخامس زوال الثلاثاء الماضي إلى إقامة حفل تدشين وتسمية مدرجين باسم الأستاذ عمر الفاسي الفهري والأستاذ ألبير ساسون، وذلك بكلية العلوم الملحقة 2 بالعرفان، حيث شكلت اللحظة تعبيرا عن اعتراف بمسار شخصين ذاع صيت عملهما على المستوى العالمي في مجال البحث العلمي وبات ضروريا تخليد اسمهما بإحدى أعرق الجامعات وطنيا وعربيا وعلى مستوى القارة السمراء.
وأبدى كل من عمر الفاسي الفهري أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، الوزير المنتدب في البحث العلمي سابقا، وألبير ساسون، عضو مؤسس لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، والمدير العام المساعد سابقا بمنظمة اليونيسكو، امتنانهما لهذه المبادرة التي تنتصر لثقافة الاعتراف والتكريم الذي حظيا به من طرف مؤسسة جامعية اشتغلا بها لسنوات.
وقال عمر الفاسي الفهري، الذي يمتلك مسارا متميزا وغنيا على درب البحث العلمي، خاصة وأنه كان رئيسا للجمعية المغربية للعلوم الميكانيكية، منذ التسعينيات ويحمل حاليا اسم رئيس شرفي لها، (قال) في كلمة ألقاها بالمناسبة “إن تسمية المدرجين بكلية تختص في تدريس العلوم، بادرة تنتمي لتلك المبادرات التي تبصم الذاكرة، بما يحمله ذلك من رمزية على اعتبار أن المدرج يشكل المكان الذي يتم فيه تلقين وتدريس العلوم ونقل المعرفة”.
وأوضح مضيفا بنوع من النوستالجيا على “أن المدرج يحظى برمزية خاصة لكونه المكان الذي كان يقصده مرة أو مرتين في الأسبوع طيلة أربعين سنة، باستثناء أيام العطل، وذلك لأداء مهمته النبيلة كأستاذ جامعي، والتفاعل مع الطلبة”، التي تعد وفق تعبير العالم ألبير إنشتاين”أسمى فن لإيقاظ الفرح الذي يتجلى في المعرفة والتعبير المبتكر”.
“علما أن المدرج فضلا عن ذلك يعد مكانا للالتقاء والتواصل وتقاسم الأوقات مع الآخرين من أجل نقل المعرفة بل والمعارف في احترام لقواعد فن التدريس، ويتعاظم هذا الفرح حينما يتعلق الأمر بنقل المعرفة في إطار الانضباط العلمي كما كنا شغوفين به”، حسب قول الفاسي.
وأشاد معبرا عن امتنانه للذين اتخذوا هذه المبادرة التكريمية في حقه، والتي تمثل، وفق تعبيره، تكريما لكل الأساتذة وزملائه في المجال بل ولكل الذين يمارسون مهنة التدريس النبيلة لنقل المعرفة والمساهمة في تطوير البحث العلمي.
وفي المقابل أبدى الأستاذ ألبير ساسون، والذي يمتلك بدوره مسارا أكاديميا غنيا يضعه ضمن الكبار على مستوى العالم في مجال العلوم، امتنانه لهذا الحدث الذي خلف أثرا طيبا في نفسه ولدى عائلته، معبرا عن فخره بإطلاق اسمه على مدرج في مؤسسة للتعليم العالي تختص في مجال البحث العلمي، ملفتا إلى الوضع الراهن للعلوم، خاصة الهجومات التي تعرض لها المجال من طرف أشخاص جهلة، حسب ذكره.
ويعد ألبير ساسون من الشخصيات المغربية التي كرست حياتها لخدمة العلم بل والتسامح والعيش المشترك، فهو من المؤسسين لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، وعضو اللجنة الدائمة للبحث العلمي والتقني والابتكار، كما يعد أول مغربي مبرز من جامعة باريس للعلوم، والذي شغل منصب عميد كلية العلوم بالرباط، بداية الستينات، كما شغل منصب نائب المدير العام لليونسكو، سابقا.
ووجه ألبير ساسون في كلمته بالمناسبة، رسائل تحث على الانتصار للعلم والعلوم ومحاربة كل أشكال الدجل والشعوذة التي رفع معاولها أشخاص ينتمون للحقل العلمي، وقال في هذا الصدد “إن الباحثين اليوم مطالبين ليس فقط بالاجتهاد وإبداء نوع من الصرامة للدفع بشكل أكبر بتطوير العلوم والمساهمة في التقدم ولكن عليهم أيضا وبالأخص الدفاع عن العلوم ومحاربة الدجل”.
وأشار إلى “أنه يجب القيام بهذا لسبب بسيط”، “لأن الأفكار المغلوطة تتكاثر حينما يصمت أصحاب العقل والحكمة”، وفق العبارة التي أطلقها المناضل الراحل نيلسون مانديلا حينما زار مقر اليونيسكو بباريس.
وأردف لبير ساسون، مضيفا “إن العلوم اليوم تتعرض للهجوم من جميع الأطراف، من الجهلة، أحيانا حتى من طرف باحثين معروفين، والذين يتحولون إلى مشعوذين ومجرمين، بدفاعهم عن الأفكار المغلوطة، حارمين بذلك الإنسانية من مزايا التقدم، مشيرا في هذا الصدد إلى أحد الأساتذة الفرنسيين الذي عمد إلى تزوير نتائج عمل أبحاثه، وكذا وزيرة الإفريقية التي كانت تدعو المرضى المصابين بداء السيدا إلى عدم أخذ الأدوية المضادة للفيروسات.
ولفت في هذا الصدد، إلى ظاهرة تحول العديد من رجال العلم خلال هذه الفترة التي تشهد تفشي فيروس كورونا 19، إلى مشعوذين ودجالين حيث يعمدون إلى مهاجمة التلقيح والعلوم، مجددا التأكيد على “أنه أصبح ضروريا أكثر من قبل الانخراط في الدفاع عن العلم الذي تحول إلى ضحية محاكمة غير عادلة، في الوقت الذي يواصل البحث العلمي إنقاذ العديد من أرواح الإنسانية عبر تطوير اللقاحات والأدوية”.
يذكر أن هذا الحفل الذي تٍرأسه كل من الكاتب العام لوزارة التعليم العالي، ورئيس جامعة محمد الخامس الرباط، وعدد من مسؤولي الجامعة والشخصيات الأكاديمية وأطر وأساتذة الجامعة، وشكل الحدث إشارة ذات رمزية كبيرة، اعترافا بكفاءات مغربية بصمت تاريخ التدريس بالمغرب، واجتهدت وحفزت أجيالا من الشابات والشباب على البحث العلمي والانتصار للعلوم من أجل بناء مغرب التقدم والحداثة.

< فنن العفاني
< تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top