حتى ننجح في الاختبار

شكل مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الحدث بامتياز أمس، وتصدر عناوين مختلف وسائل الإعلام عبر العالم، ولا زالت المواقف والمعطيات تتواصل بشأن ذلك.
العالم كله عبرعن الارتياح، وفي نفس الوقت تتخذ الاستعدادات وإجراءات الاستنفار تحسبا لردود فعل انتقامية من لدن الجماعات الإرهابية. في بلادنا، حيث عاد الحديث عن تنظيم القاعدة، وخصوصا فرعها فيما يسمى «المغرب الإسلامي»، إلى الواجهة، عقب توارد مؤشرات تورطه في تفجير مقهى «أركانه» بمراكش، فإن الأحداث تفرض اليوم التزام أعلى درجات اليقظة، خصوصا عند استحضار تصريحات وزير الداخلية التي لفت خلالها إلى أن الطريقة التي تم بها تنفيذ العمل الإرهابي، تذكرنا بأسلوب يستعمله عادة تنظيم القاعدة، ما يجعله «لا يستبعد وجود مخاطر أخرى محتملة».
إن مؤشرات عديدة تبعث فعلا على الاطمئنان من أن المجرمين الذين استهدفوا مراكش فشلوا في تحقيق الهدف، مثل إعلان جلالة الملك ومختلف مكونات المغرب رسميا وشعبيا على الإصرار على مواصلة الإصلاح وعدم السقوط في فخ الإرهابيين، ثم الإجماع الوطني وأيضا الدولي على إدانة الفعل الإجرامي والتضامن مع المغرب، وأيضا التزام السلطات والأجهزة الأمنية بعدم التسرع في إصدار الأحكام أو إعطاء تفسير لما حصل، والانكباب على التحري والبحث، مع اعتماد الانفتاح تجاه الرأي العام ووسائل الإعلام والتواصل، وهذه المؤشرات تستوجب اليوم التعزيز، ومواصلة العمل بمهنية وبانضباط تام للقانون، وتحت إشراف القضاء.
المرحلة اليوم، وبعد المستجد الدولي البارز، تفرض على البلاد اختبارا أساسيا يتعلق بالتفاف المغاربة وتماسكهم للدفاع، بكل وطنية، عن اختياراتنا المجتمعية، وبالتالي إصرار الجميع على مواصلة الإصلاحات وتعزيزها وإنجاح مسلسلها، أي تأكيد التميز المغربي في التفاعل مع حراك الشارع والإنصات لنبض المطالب الشعبية.
وهنا على السلطات والأجهزة الأمنية، وأيضا القضاء والصحافة والطبقة السياسية والنخب الثقافية وأوساط الأعمال، أن تنجح جميعها في الاختبار المشار إليه.
لقد أحيت الطبقة العاملة أول أمس عيدها الأممي، وانتهت مختلف الاستعراضات، بصفة عامة، في أجواء هادئة ومتحضرة، وعبرت مختلف النقابات عن إدانتها القوية للإرهاب، وبذلك عبر الشارع المغربي عن نضجه وعن انشغالاته الوطنية، وكانت هذه رسالة قوية حول أهمية تقوية جبهتنا الداخلية.
ولئن كانت الإصلاحات السياسية وأيضا الاقتصادية والاجتماعية هي صمام الأمان الحقيقي، والمدخل الرئيسي لتمنيع الجبهة الداخلية، فإن المرحلة تتطلب اليوم، بالإضافة إلى ذلك، يقظة أمنية وفعالية أكبر حماية لأمن البلاد والعباد، ثم اهتماما أكثر نجاعة بالواجهة الثقافية والإعلامية، وبمحاربة خطابات وأفكار التكفير والتطرف التي عادت في الفترة الأخيرة للانتشار، ما يمثل تربة خصبة للإرهاب.
الوقت اليوم للوضوح، وعلينا كلنا أن نقف لوطننا ولمراكش ومن أجلهما.

Top