الاحتجاجي) في العيون، وإصرار منظميه على كون مطالبهم ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية.
وبالرغم مما قد يكون لدى الكثيرين من تحفظ بشأن أسلوب الاحتجاج أو توقيته، أو طبيعة المطالب نفسها، فمع ذلك لا يمكن إلا الاتفاق على حق هؤلاء المواطنين في حل مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي تمكينهم من ظروف عيش تحفظ كرامتهم.
إن الأمر يتعلق هنا بمغاربة صحراويين لم يغادروا أبدا العيون، بالرغم من كل ما شهدته، عبر تاريخها، من أحداث، ولم يسبق أن التحقوا بالبوليساريو، وبقوا صامدين على أرضهم متشبثين بوطنيتهم وبمغربيتهم، واليوم يرفعون شكواهم وتظلمهم إلى … الوطن.
هذا الوضوح، هو الذي صدم عناصر عبد العزيز، والتنظيم المحكم للمخيم هو الذي منع العناصر الانفصالية من اقتحامه، وبالتالي تحويله إلى ساحة…جنون.
من جهة ثانية، إن تعامل السلطات المغربية بايجابية مع الاحتجاج ومع المحتجين، وتواجد وفد رسمي عالي المستوى في عين المكان للحوار مع المعنيين بالأمر، أيضا ساهم في إصابة الجماعة الأخرى بــــــــــــــــــــالجنون…
وعندما جن الجنون، انتقل صبية عبد العزيز إلى التهديد بأي شيء، وتبني أي شيء، والصراخ التلفزيوني بأي شيء، وتبدت وقتها الصورة جلية، واقتنع الجميع أننا أمام…أي شيء، إلا أن يكون هؤلاء عقلاء.
لقد نجحت السلطات المغربية في تفويت الفرصة على العناصر الانفصالية، سواء لما انتقلت بنت حيدر إلى الدار البيضاء لتنفيذ (المهمة) أثناء جلسة محاكمة التامك ومن معه، ونجحت السلطات أيضا عندما اختارت الحوار مع المحتجين سعيا للاتفاق على حلول لمشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية، ولكن في نفس الوقت تحرص السلطات ذاتها على احترام القانون في العيون وفي باقي مناطق المملكة، وبالتالي عدم ترك المدينة وأهلها عرضة لعصابات ولمنحرفين.
هذا هو الفرق بين منطق الدولة، ومنطق الميليشيات، وهنا يوجد الدرس الحقيقي الذي وجهه احتجاج العيون إلى (البوليساريو)، وكان عنوانه الكبير، وطنية المحتجين وإصرارهم على مغربيتهم، واحتجاجهم من داخل الانتماء للوطن، ورفضهم كل استغلال انفصالي لحركتهم الاجتماعية.