دوزيم تبادر

خصصت القناة الثانية، مساء أول أمس، الحلقة الأخيرة من برنامجها الحواري الأسبوعي(مباشرة معكم)لاستضافة المرشحين الخمسة  لمنصب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي بمناسبة المؤتمر الوطني التاسع للحزب الذي تنطلق أشغاله اليوم الجمعة ببوزنيقة. الفكرة هي سابقة أولى من نوعها على صعيد الإعلام السمعي البصري العمومي، وإذا اندرجت ضمن أفق مهني وتحريري جديد يروم الانفتاح على مختلف مكونات حقلنا السياسي والمجتمعي، والتفاعل الإعلامي مع دينامياتها الداخلية، فهي ستكون خطوة ايجابية فعلا، وتستحق التنويه والتشجيع من أجل ترسيخ أسلوب تعاطي جديد مع السياسة من لدن إعلامنا الوطني.
لم تسجل حلقة(مباشرة معكم)، في رأي المتابعين، أي انفلات في العلاقة أو في الكلام بين الأطراف المتحاورة نفسها أو بينها وبين مقدم البرنامج، ولم تسجل صخبا، أو جديدا مثيرا، ماعدا اختيار أحد المرشحين الخمسة إعلان انسحابه من السباق في آخر دقائق البرنامج، وبالتالي، فان كل أطراف برنامج أول أمس حافظت على حذرها ولم ترد حرق الأوراق قبل افتتاح المؤتمر، والزميل جامع كولحسن نجح، في ظل ذلك، في قيادة البرنامج إلى نهايته بلا خسائر أو توترات.
لقد كشف التمرين الذي دشنته القناة الثانية على إمكانية تطوير عرضنا التلفزيوني الوطني في المادة السياسية، ولا ينقص قطبنا الإعلامي العمومي سوى جرأة الفكرة والإبداع، والثقة في الصحفيين، وحسن الإعداد، وفي القادم من المناسبات يمكن تطوير التمرين، ومراكمة مؤشرات الجودة، وتقوية الانفتاح على حياتنا السياسية الوطنية بكل جدية واحترام أيضا لمختلف تيارات الفكر والرأي المتفاعلة في الساحة.
من جهة ثانية،على أحزابنا الوطنية الجدية وذات التاريخ والمصداقية أن تجتهد في صنع الحدث، وتوفر شروط الفعل في الساحة ووسط المجتمع، وتهيئ عرضا تواصليا جاذبا للاهتمام، حتى يتكامل جهد وسائل الإعلام مع جهد الفاعلين السياسيين، وننجح جميعا في تقديم منتوج تتوفر فيه الجودة المهنية والأهمية السياسية، بالإضافة إلى الجاذبية التي تستطيع شد انتباه الجمهور.
تستحق القناة الثانية إذن، ومديرية الأخبار فيها التنويه على مبادرتها، كما يستحق الزميل جامع كولحسن التشجيع على جهده، ولكن المناسبة تفرض إعادة التأكيد على ضرورة انخراط الإعلام الوطني، وخصوصا السمعي البصري، في الاهتمام بالممارسة السياسية والحزبية والانتخابية والبرلمانية في بلادنا، وذلك من أجل المساهمة في تأهيل حقلنا المؤسساتي الوطني، وتقوية ارتباط شعبنا وشبابنا بالشأن العام وبالفاعلين في منظومته.
وهذه الدعوة تفتح تفكيرنا كذلك على موضوع»الإعلام والسياسة»، ولكسب رهان ذلك، لابد من تمتين استقلالية الإعلام، وحماية التعددية والتوازن  فيما يقدمه للجمهور، بالإضافة إلى تعزيز الاجتهاد والمهنية والتكوين والمعرفة لدى المشرفين على تخطيط وصنع وإعداد وتقديم هذه المواد الإعلامية ذات الصلة بشأننا السياسي، وذلك لنجعل اهتمام وسائل الإعلام معبرا وحافزا لتخليق تجربتنا السياسية والحزبية وتأهيلها وعصرنتها.
[email protected]

Top