رحيل جون بيير كوفل

غيب الموت  الشاعر والأديب جون بيير كوفل، وفقد فيه المغرب والمغاربة صديقا كبيرا، وواحدا منا أحبنا بعمق وبصدق.
لقد عرفنا، في «البيان» الراحل، وعايشته المؤسسة وعايشها، وبقي دائما في القلب، وعلى صفحات الجريدة، كاتبا مبدعا، وحاضنا لتجارب المبدعين المغاربة الشباب، وموجها عميقا وأنيقا للكل. كان كوفل ذلك المختلف الذي لم يخف عشقه للبلاد التي ولد فيها وكبر ودرس فيها، ثم عمل مدرسا للغة الفرنسية في عدد من مدنها، ومتعاونا مع صحفها، وخصوصا «البيان»، وفاعلا في مشهدها الأدبي والثقافي والتربوي…
جون بيير كوفل كان يعيش الكتابة والموقف والقناعات بلا … أقنعة، وعاش وفيا ومخلصا لرؤاه التقدمية والديمقراطية، ولذلك تفقد فيه الحركة التقدمية المغربية اليوم رفيقا كبيرا وصاحب موقف شهد به الكثير من زعماء اليسار في بلادنا، وارتبط بصداقات نضالية مع العديد منهم.
عرف عن كوفل قوة الحضور، في الكتابة كان حاضرا، وعندما أقيم  تكريم لأحد قادة حزب التقدم والاشتراكية واليسار المغربي الراحل عبد الله العياشي، كان كوفل أيضا حاضرا في المنصة يقدم الشهادة وعربون الود للرفاق، وحتى  والمرض يتربص به اختار أن يكتب  في «البيان» عن مبدع مغربي يعاني من مرض، وكتب يتضامن معه ويدعو للاهتمام به.
وبمجرد شيوع نبأ وفاة جون بيير كوفل، تحركت الهواتف والاتصالات بين تلامذته وأصدقائه ورفاقه، الكل يعزي الكل، ووحده الأستاذ كان حاضرا لدى الجميع، وتحضر معه ذكريات كل هؤلاء…
يذكره كثير من مدرسي اللغة الفرنسية في كل المدن التي مر منها منذ منتصف الخمسينات، ويذكره التلاميذ الذين باتوا اليوم كهولا أو رحلوا إلى دار البقاء، ومنهم شخصيات وطنية معروفة، وإعلاميون ومثقفون وسياسيون…
يذكره قراء «البيان» وكثير من الأدباء الذين نشروا أولى إبداعاتهم على صفحاتها، وبفضل احتضانه لهم ولمواهبهم…
يذكره عدد من المناضلين الشيوعيين واليساريين، بمواقفه وبصداقته وبكل حميمياته معهم…
اليوم برحيله، نستحضر شاعرا كبيرا آخر، وهو محمود درويش، ونقول عن كوفل إن كل أشيائه القديمة، وأمتعة الرفاق الذين رحلوا تباعا، أنفاسهم، قصائدهم، رواياتهم وأغنياتهم …مازالت تنبض…
لقد أصدر الفقيد العديد من الكتب والإبداعات، ونال جوائز، وتم تكريمه ضمن الجائزة الوطنية للصحافة قبل سنوات قليلة، لكن المغرب والمغاربة سيحفظون ذكراه دائما وحبه و…جنونه بحب المغرب.
إنه ابن المغرب، والمغرب لا ينسى أبناءه..
العزاء لأسرة الفقيد الكبير، وأجل الدعاء والسلام لروحه.

Top