رسالة التقدم والاشتراكية

حملت أشغال ومناقشات الدورة الثامنة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية التي انعقدت أول أمس بالرباط، رسائل سياسية مبدئية، خصوصا عندما لم يتردد الأمين العام للحزب في القول بأن (محاربة الفساد ومكافحة الرشوة واستئصال مظاهر الريع، قضايا لا تعالج بما وصفه «الخرجات المنفردة»،  وإنما في إطار  التصور الشمولي للحكومة بكاملها، في نطاق الالتزام بالبرنامج الحكومي ومضامينه)، ثم عندما شدد كذلك على أن مصلحة وفعالية العمل الحكومي تقتضيان الحرص على التقيد  بالالتزامات المشتركة الواردة في التصريح الحكومي، والتي ينبغي تركيز الجهود على الوفاء بها، وأيضا لما نبه إلى (أننا ما زلنا في بداية المشوار، ونحن جميعا، أغلبية ومعارضة، مطالبون بالاحتكام إلى معايير ومرجعيات توحدنا، وفي مقدمتها الدستور وخياراتنا الوطنية الكبرى، الرامية إلى إصلاح أوضاع البلاد، في العمق، وإقامة مجتمع الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقرار والحداثة)، مضيفا أن ذلك يتنافى مع أي شكل من أشكال النزوع نحو «المقاربات السطحية»، لأن قضايا المغرب ومشاكله عميقة جدا، ولا يمكن معالجتها بمجرد تصريحات فردية متسرعة، بل هي تستلزم الاستمرار في التشاور والتوافق لإنجاح تجربة نؤمن بها، كما شدد، في السياق نفسه، على ضرورة الحرص على احتفاظ الحكومة على التوجه الذي تضمنه برنامجها الذي نالت به ثقة مجلس النواب، داعيا إلى تحمل الحزب لمسؤوليته من أجل إنجاح التجربة الحكومية الحالية، ونوه في نفس الوقت بما أعطته الحكومة من إشارات ذات دلالة، واستعدادها للتحرك في شتى المجالات.
لا يتعلق الأمر هنا بمجرد فقرات من تقرير،إنما هي تذكر بمواقف مبدئية للحزب، وهي من جهة العمل لإنجاح التجربة إلى جانب حلفائه في الأغلبية، وأيضا مواصلة الدفاع بقوة عن المشروع المجتمعي المرتكز إلى الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والحداثة والانفتاح.
يدرك التقدم والاشتراكية أن محاربة الفساد والريع تمثل مطلبا شعبيا جوهريا، كما أن ذلك يندرج ضمن هوية وبرامج وشعارات الحزب بدوره، لكنه بنفس القوة يدرك أن النجاح في هذا الورش لن يتم إلا بعمل حكومي موحد ومتشاور بشأنه، وبعمل سياسي وتدبيري في العمق، وليس بمجرد تصريحات منفردة قد تحقق منفعة دعائية ظرفية، لكنها لا تمس عمق الأشياء.
ويدرك التقدم والاشتراكية أيضا أن المساواة بين الجنسين والحرص على حريات الإبداع والثقافة والفن والتعبير، ودعم الدينامية الثقافية والفنية في المجتمع، والمهرجانات واحدة من تجلياتها، كلها تمثل قيما أساسية لدى حزب يساري تقدمي حداثي مثل حزب التقدم والاشتراكية، وهو يصر على احترامها في سياق السعي إلى تمتين المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي في بلادنا، والتنزيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور الجديد.
الدورة الثامنة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية وجهت أول أمس رسالة سياسية إلى مكونات الأغلبية الحكومية، منبهة إياها إلى أهمية الالتزام الجماعي بما ورد في البرنامج الحكومي وفي ميثاق الأغلبية.
[email protected]

Top